يهدف "المؤتمر القومي العربي" إلى المساهمة في شحذ الوعي العربي بغايات الأمة العربية العليا ، كما يجسدها المشروع الحضاري العربي بعناصره الست - الوحدة، الديمقراطية، التنمية المستقلة، العدالة الاجتماعية، الاستقلال الوطني والقومي، التجدد الحضاري . عن طريق اتخاذ وإعلان مواقف فكرية رصينة وملتزمة سياسياً تجاه أوضاع الأمة وغاياتها العليا، مما يساعد على تعبئة الطاقات الشعبية من أجل تحقيق هذه الغايات، وتشكيل قوة ضغط معنوية على الأنظمة العربية، وتوثيق روابط التعاون والتنسيق مع الهيئات المماثلة في أهدافها ومبادئها.
إن الغايات الست التي يجسدها المشروع الحضاري العربي هي غايات متقاطعة ، يتطلب أي مشروع للنهضة العربية تضافرها في بناء متين، حيث يقوم بينها نمط تضافر قوى، فلا تتحقق إحداها بمعزل عن الأخرى. كما أن الانجاز على درب واحدة منها يزيد من إمكانية الانجاز على سبيل الأخريات.
ومن الملاحظ أن أهداف المؤتمر وأفكاره لم تكن واضحة للجميع منذ تأسيسه، بل صدرت تفسيرات وشروح عدة، ولكن الأمر تبلور من خلال الممارسة :وتم الاتفاق على ما يلي
ـ إن المؤتمر ليس حزباً قومياً، ولا يهدف إلى أن يكون حزباً يسعى إلى السلطة، بل أنه صيغة جديدة من العمل العربي، تهدف إلى أن يكون المؤتمر "مرجعية قومية شعبية" للأمة العربية في القضايا المصيرية التي تواجهها وتهمها، وأن يشكل قوة ضغط فاعلة سياسية وفكرية في الساحة العربية.
وأن المؤتمر هو تجمع من المثقفين الممارسين العرب المتقنعين بأهداف الأمة العربية والساعين إلى تحقيقها عبر العمل العربي الشعبي والمستقل كلية عن أنظمة الحكم. ويضم المؤتمر في عضويته مواطنين من كافة الأقطار العربية والمهجر، ومن أجيال عدة، ويحرص المؤتمر على أن يضم في عضويته إضافة للمفكرين، شخصيات على رأس تنظيمات جماهيرية واتحادات ونقابات وروابط شعبية، ومراكز أبحاث وإعلام، ودور نشر وإنتاج فني. كما يؤمن المؤتمر بدور المرأة الفعال في المجتمع، ويحرص على تهيئة الفرص لها لتحتل موقعها المناسب في عضوية المؤتمر وقياداته.
ـ إن تعبير "القومي" في تسمية المؤتمر يشمل الأمة العربية وليس تياراً واحداً فيها، وأن المؤتمر حريص على أن يضم في صفوفه كافة المواطنين المؤمنين بنهضة الأمة ، ويتسع للتيارات والقوى السياسية والاجتماعية الموجودة على الساحة العربية، القومية منها والإسلامية واليسارية والليبرالية.
ـ إن المؤتمر يتبنى فكراً مؤسسياً تم إنضاجه من خلال البحث العلمي والدراسات الموثقة التي أشرف عليها "مركز دراسات الوحدة العربية"، وتبلورت فيما أطلق عليه المشروع الحضاري العربي بعناصره الستة. ويسعى المؤتمر من خلال تحقيق التفاعل بين الوحدويين العرب، في إطار من التنوع والتكامل، إلى تعبئة الطاقات الشعبية من أجل تحقيق هذه الأهداف واتخاذ المواقف المعبرة عنها، وتوثيق روابط التعاون والتنسيق مع الهيئات المماثلة في أهدافها.
والمشروع الحضاري العربي حصيلة عمل مئات من خيرة الباحثين العرب، على مدى خمسة أعوام (83 - 1988)، بحثوا خلالها مستقبل الأمة العربية خلال العقود القادمة، فكان مشهد الوحدة العربية يمثل قمة التفاؤل، ومشهد التشتت يمثل أسوأ ما يمكن أن تصل إليه. وقد نوقشت النتائج الأولية لهذا المشروع في ندوة عام 1987 ، وعلى ضوء نتائجها تمت الصياغة النهائية للمشروع، الذي صدر في كتاب واسع، أصدره "مركز دراسات الوحدة العربية" عام 1988، بعنوان : "مستقبل الأمة العربية: التحديات والخيارات" ، ثم أصدر ترجمة له باللغة الإنكليزية فيما بعد.
|