باستضافة سودانية كريمة ومباركة عقد المؤتمر القومي العربي دورته العشرين في مدينة الخرطوم في الفترة من 16-19 نيسان/أبريل 2009 تحت عنوان: "المقاومة كخيار استراتيجي للأمة".
إن المؤتمر القومي العربي ليدرك عن وعي وعن يقين أن كل هذا التوافق والانسجام بين اختياره المقاومة خياراً استراتيجياً للأمة عنواناً لدورته الحالية وبين انعقادها في مدينة الخرطوم عاصمة اللاءات العربية الشهيرة: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني ولا تفريط في حقوق الشعب الفلسطيني، وعاصمة تمكين الأمة من استعادة لملمة قدراتها وطاقاتها، وامتلاك القدرة على المقاومة والصمود والنهوض والإصرار على تحرير كامل الأرض المحتلة، في لحظات كانت شديدة القسوة والمرارة والانكسار عقب نكسة حزيران/يونيو 1967، لم يكن محض صدفة.
إن المؤتمر القومي العربي وهو يؤكد عزمه على جعل المقاومة خياراً استراتيجياً للأمة، يؤكد أيضاً وقوفه إلى جانب السودان ودعمه لنضاله وصموده ضد العدوان الجائر الذي لم يستهدف زعامته وحدها، بل استهدف أيضاً وحدة السودان واستقراره وعروبته، واستهدف معه كل الأمة العربية، لأن السودان هو جسر التواصل العربي الأفريقي، وامتداد لحضارة الأمة العربية وثقافتها، ولأن السودان القوي بموارده وإمكاناته وقدرات مواطنيه، يمثل دعماً قوياً لأمن القومي العربي، وهو بسبب هذا كله، كان وما زال يتعرض للمؤامرات والفتن من الجنوب ومن دارفور، بل والضغوط السياسية والتشويهات الإعلامية والحصار الاقتصادي والعدوان العسكري حتى وصلت الأمور إلى المحكمة الجنائية الدولية غير الشرعية.
* * *
إن المؤتمر القومي العربي وهو يعي كل هذه التطورات الخطيرة والتحديات التي واجهت، وما زالت تواجه، الأمة العربية وعلى الأخص من جانب المشروع الاستعماري الغربي والمشروع الصهيوني المتحالف معه، فإنه يشعر بالألم لتورط أطراف عربية في ممارسات قادت النظام الرسمي العربي إلى الانخراط في سياسات التبعية والاستسلام، ويدرك أن كل ما حدث من تحولات في مواقف أنظمة عربية بعينها وفي مواقف مشابهة من النظام الرسمي العربي لم تكن مجرد استجابة لضغوط أو إملاءات أمريكية و"إسرائيلية" بقدر ما هي تحولات "إرادية" أو اختيارية فرضتها مصالح خاصة للقوى الحاكمة المسيطرة على السلطة والثروة والمتحالفة بحكم هذه المصالح مع أطراف خارجية معادية للأمة.
إن الاستسلام للمشروع الصهيوني من جانب النظام العربي هو نفسه الاستسلام الذي قاد هذا النظام إلى الانقسام حول الغزو الأمريكي للعراق، والذي دفع نظماًً عربية إلى التواطؤ مع هذا الاحتلال بتشجيعه عليه وتسهيله له والتآمر على المقاومة في العراق وفي لبنان وفي فلسطين وانتهاج سياسات معادية لها، والتورط في تعميم وصف كل قوى المقاومة العربية بالإرهاب ابتداءً من فلسطين وامتداداً إلى العراق ثم لبنان، والصمت على كل ما يجري من انتهاكات وعدوان للسيادة العربية في السودان والصومال.
* * *
المقاومة هي خيار الأمة الاستراتيجي
أمام كل هذه التحديات والتطورات وما آل إليه حال النظام الرسمي العربي وانكشافه الخطير يدرك المؤتمر القومي العربي أن خيار "السلام" الذي بدأه النظام المصري عام 1979 وأصبح عربياً منذ القمة العربية في فاس عام 1982 كان الخيار الخطأ، وأن المقاومة هي الخيار العربي الاستراتيجي الوحيد لمواجهته خطر العدوان الذي يمثله المشروع الغربي الاستعماري/الصهيوني، بل إن المقاومة هي الخيار الملائم للدفاع عن الأمة العربية وكرامتها. وهي البداية لبلورة مشروع عربي نهضوي قادر على تحقيق الأهداف الثلاثة المناهضة للمشروع الغربي الاستعماري الصهيوني وهي : امتلاك العلم والتقدم لبناء نهضة عربية؛ وتحرير كل الأراضي العربية المحتلة، ثم تحقيق الوحدة العربية.
هذه الأهداف الثلاثة الجوهرية هي الردّ المباشر أولاً على ما أراد المشروع الغربي الاستعماري تحقيقه، وهي ثانياً أهداف التأسيس لمشروع عربي حضاري نهضوي.
إن المشروع النهضوي الحضاري العربي هو الأفق السياسي لمشروع المقاومة العربية، ولكن هذا المشروع يجب أن يجري تحقيقه عبر مسارات متعددة تمتد من المقاومة المسلحة إلى المقاومة القانونية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والشعبية دون إهمال للرأي العام العالمي وما يمثله من رافد مدعم لنضالات الشعوب عندما تستطيع هذه الشعوب أن تكتسب الجدارة على احترام العالم لهذه النضالات.
1- في المقاومة القانونية
إن المؤتمر القومي العربي إذ يؤمن بِأن المقاومة حق مشروع للشعوب كفلته القوانين الدولية والشرائع السماوية فإنه يدعو إلى:
أ. حيث إن رفع الدعاوي الجزائية على قادة الكيان الصهيوني يحتاج إلى تكليف محامين ممن يملكون حق الترافع أمام قضاء كل دولة ترفع إليها الدعاوى، فمن الواجب على هؤلاء المحامين توثيق جرائم العدو الصهيوني في فلسطين المحتلة، بما فيها جرائمه الأخيرة في غزة، وجرائم الاحتلال الأمريكي في العراق، وتجهيز الأدلة الكافية للإدانة في كل دعوى، وإعداد الدراسات والمذكرات القانونية المطلوبة في هذا المجال، واستحضار أدلة الإدانة من قطاع غزة، وإعداد بيانات الهيئات الدولية، وتحديد شهود الإثبات بما في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة.
ب. يوجه المؤتمر نداء إلى جميع المنظمات والمؤسسات ذات العلاقة في فلسطين وفي العراق لتوحيد جهودها والتنسيق في ما بينها لرصّ وتوثيق الجرائم التي اقترفها الجيشان الإسرائيلي والأمريكي في غزة، وفي الانتفاضات الفلسطينية الثلاث وغيرها، والعراق، وحشد ما أمكن من الأدلة لإثبات كل جريمة، والاستعانة بالخبراء في موضوع استخدام الأسلحة والوسائل المحرّمة دولياً، وذلك من أجل أن تكون مساهمة في المقاومة القانونية المطلوبة.
ج. يوصي المؤتمر بإنشاء مؤسسة أهلية شعبية تتكون من قيادات لها خبرتها في العمل الشعبي التطوعي وتكون مهمتها حشد التمويل المطلوب للمقاومة القانونية، وأن يتم تزويد هذه المؤسسة بجميع التوثيقات والمعلومات عن الجرائم الإسرائيلية، وان يصبح المركز العربي لملاحقة جرائم الحرب "الإسرائيلية" الذي أنشأه اتحاد المحامين العرب، جزءاً من تلك المؤسسة، وذلك من أجل أن يصار إلى تكليف طواقم من المحامين العرب لدراستها، وتحضير المذكرات المناسبة بشأنها، وبعد ذلك تكليف محامين أجانب، كل في دولته، لرفع الدعاوى، على أن يكون كل منهم مرتبطاً بالطواقم العربية، بحيث يكون دور المؤسسة هو التنسيق والمتابعة للملاحقات القانونية المطلوبة، كما يوصي بتوسيع عمل المركز ليشمل التحقيق في الجرائم الأمريكية التي ارتكبت بالعراق.
د. العمل على تعديل القوانين الجنائية في البلدان العربية الموقعة على اتفاقيات جنيف ليصبح قضاؤها الوطني مختصاً بالنظر في جرائم الحرب التي تقع على الأرض العربية أمام محاكمها.
هـ. اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لاستصدار فتوى منها بعدم شرعية قرار مجلس الأمن وقرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار قرار القبض على الرئيس السوداني عمر حسن البشير.
و. إعداد دراسات قانونية – سياسية تحدد البدائل المتاحة قانونياً وسياسياً لتعزيز خيار المقاومة والتخلي عن خيار التفاوض مع العدو، والتحسب لكل القيود المفروضة على العرب من جراء التوقيع على معاهدات أو اتفاقات سلام مع العدو خاصة اتفاقية السلام المصرية – الإسرائيلية واتفاقية أوسلو واتفاق وادي عربة، استعداداً لإصدار القرارات اللازمة بإلغاء كل هذه الاتفاقيات.
2- في المقاومة الاقتصادية
يؤكد المؤتمر إن المقاومة كخيار استراتيجي للأمة في حاجة إلى اقتصاد عربي مقاوم قادر على كفالة كل أسس التقدم والتنمية والاعتماد على الذات، وبناء هياكل اقتصادية يكون في مقدورها التأسيس لنهضة واندماج اقتصادي عربي يمكن الأمة من تحقيق وحدتها. كما يدرك المؤتمر أن المقاومة الاقتصادية تعد مطلباً أساسياً لتمكين الأمة من المقاومة وصد كل أشكال العدوان التي تواجهها.
إن المقاومة الاقتصادية مشروع إنمائي يعطي الأولوية للصمود في المواجهة المستمرة مع العدو كما أنها تعطي المناعة للتصدي للابتزاز الذي تمارسه قوى الاستعمار الجديد وحلفائها في المنطقة.
إن التحول إلى اقتصاد إنتاجي والتخلي التدريجي عن الاقتصاد الريعي، والاستثمار العربي المشترك في مشروعات إنتاجية زراعية وصناعية، والعمل على بناء قواعد قوية لاقتصادات عربية، تشكل في رأي المؤتمر المرتكزات الحقيقية للاقتصاد العربي المقاوم بكل ما تتيحه من قدرات على الصمود أمام كل الضغوط الاقتصادية الخارجية وما توفره من موارد لبناء القدرات العسكرية الكافية للدفاع عن الأمة.
إن المقاومة الاقتصادية الفاعلة تفرض أهمية الاندماج الاقتصادي العربي وبناء مشروع تنموي عربي قادر على تمكين الأمة العربية من تحقيق نهوض اقتصادي حقيقي يجعلها قادرة على المساهمة بنسبة معتبرة في الاقتصاد العالمي. كما أن المقاومة الاقتصادية الفاعلة تتطلب توظيف القدرات الاقتصادية العربية في فرض ضغوط اقتصادية حقيقية على الكيان الصهيوني وعلى الدول المساندة له، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، على نحو ما حدث عام 1973 من استخدام لسلاح النفط. فالعرب في مقدورهم توظيف ثرواتهم من النفط والغاز وكيفية تسعيره، وثرواتهم وأرصدتهم المالية في الغرب، للضغط على الدول الداعمة للكيان الصهيوني، واستخدام هذه القدرات والثروات كسلاح مقاوم ضد المخاطر التي تستهدف الأمة من المشروع الاستعماري الغربي/ الصهيوني. كما أن المقاومة العربية تستلزم مشاركة الشعب العربي بفعالية في توظيف "سلاح المقاطعة" الشعبية لكل الدول الداعمة للعدوان "الإسرائيلي" والأمريكي. لقد كانت تجربة المقاطعة الشعبية المصرية للتطبيع مع العدو الصهيوني على مدى ثلاثين عاماً مضت منذ توقيع اتفاقية السلام المصرية – "الإسرائيلية" نموذجاً يحتذى لأهمية مثل هذا النوع من المقاطعة باعتبارها سلاحاً مهماً في المقاومة الاقتصادية. وبهذا الخصوص يوصى المؤتمر بـ:
أ- الحرص على تفعيل المقاطعة الرسمية العربية للكيان الصهيوني ولكل الشركات المتعاونة معه، ودعم المكتب العربي للمقاطعة العربية.
ب- وقف كل علاقة اقتصادية عربية مع الكيان الصهيوني وبالذات تصدير النفط والغاز، وكل أنواع التبادل التجاري والاستثمار.
ج- تنشيط المقاطعة الشعبية العربية للمنتجات الأمريكية ومنتجات الدول الداعمة للكيان الصهيوني.
د- تدعيم التعاون الاقتصادي والاستثماري مع دول أمريكا اللاتينية على وجه الخصوص، ومع كل الدول المساندة للحقوق العربية على وجه العموم في آسيا وأفريقيا.
هـ- تكثيف الاستثمار العربي في البلدان العربية والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي العربي من الغذاء.
و- تأسيس صندوق عربي دائم للاستثمار وإعادة البناء في قطاع غزة وإنهاء اعتماده على الكيان الصهيوني في الطاقة والمياه.
3- في المقاومة الثقافية والإعلامية
يدرك المؤتمر القومي العربي أن عقل الأمة وهويتها ووعيها الحضاري أهداف أصيلة يسعى العدو إلى النيل منها عبر مشروعات ثقافية ومخططات إعلامية، كما يدرك المؤتمر أن الثقافة العربية، بمجملها، أصبحت مستهدفة من هذا العدو، ولذلك فان حماية الهوية العربية الحضارية للأمة والذود عنها والدفاع عن ثقافتها، لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال مشروع عربي للمقاومة الثقافية، كما أن مشروع المقاومة العربية يستحيل له النجاح إلا عبر ثقافة مقاومة وإعلام عربي مقاوم وملتزم بالمشروع النهضوي للأمة وبالمقاومة كخيار استراتيجي لها.
إن ثقافة الاستسلام التي يجري الترويج لها تحت مسمى "ثقافة السلام" تعمد إلى استخدام مصطلحات لتضليل الوعي العربي والانحراف به نحو الاستسلام والخضوع للمشروع الغربي الاستعماري الصهيوني، ولذلك فإن المؤتمر القومي العربي يحذر من خطورة السقوط في شباك مثل هذه المصطلحات وعلى الأخص مصطلح الحديث عن الوطن العربي والأمة العربية بـ "المنطقة العربية". إن مصطلح المنطقة الذي يجعل العلاقات العربية أسيرة لمجرد عامل الجوار الجغرافي وينزع عنها الهوية الواحدة الموحدة كضرورة لفرض مخطط إعادة التقسيم ولفرض الكيان الصهيوني قوة إقليمية عظمى مسيطرة على دويلات عرقية وطائفية معدومة الهوية.
إن مصطلحات كثيرة مثل "الدولة اليهودية" و" جيش الدفاع الإسرائيلي"، ومبدأ "الأرض مقابل السلام"، و"ثقافة السلام"، و"الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، "والضفة الغربية والقطاع" وغيرها من المصطلحات هدفها تضليل الوعي العربي وإغراقه في مستنقع ثقافة السلام، ومشروع الاستسلام، ومن هنا يؤكد المؤتمر القومي العربي أن مشروع المقاومة العربية في أمس الحاجة إلى مشروع للمقاومة الثقافية والإعلامية، بإرساء ثقافة المقاومة وإعلام المقاومة كبديل لما يسمي بثقافة السلام وإعلام السلام.
إن المؤتمر القومي العربي وهو يعي هذا كله يدرك ضرورة وضع استراتيجية ثقافية وإعلامية عربية من شأنها تفعيل قدرات الثقافة العربية والإعلام العربي للقيام بدوره المقاوم، كما أن المؤتمر إذ يحيي مدينة القدس ويعلي من شأن مجدها وعزتها ليؤكد أن الاحتفال العربي هذا العام بالقدس عاصمة للثقافة العربية يجب أن تعتمد ثقافة عربية لائقة بالقدس تدافع عن عروبتها وتسعى إلى تحريرها من دنس الاحتلال والتهويد، وتقدر على تفجير كل طاقات الأمة ووعيها للنهوض بمشروع عربي متكامل للمقاومة من أجل تحرير كل الأرض العربية. والمؤتمر يحرص، بهذا الخصوص على أن يؤكد على ما يلى:
أ- حماية اللغة العربية من كل المحاولات التي تستهدف النيل منها باعتبارها الوعاء الحضاري والثقافي للأمة والحامي لهويتها. فالدفاع عن اللغة العربية هو دفاع عن الذات وعن الهوية وعن الوعي العربي، وهذا الدفاع يجب أن يبدأ أولاً بالتركيز على التعليم الواعي للغة العربية في المدارس والجامعات، وأن تلتزم كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة بإعطاء الأولوية للغة العربية وعدم الخلط في الاستخدام بين اللغة العربية ولغات أخرى، وأن يتم تحريم نشر أي إعلانات أو كتابة أية أسماء للشوارع أو المحلات التجارية أو غيرها بغير اللغة العربية الفصحى، إضافة إلى أية لغة أخرى، حيث تتعرض اللغة العربية إلى حملات ضارية من التشويه والإهمال كي تنزوي ويتراجع معها الوعي والولاء والهوية.
ب- ضرورة تعريب التعليم في الجامعات والمعاهد العليا، وتحريم استخدام اللهجات العامية على حساب اللغة العربية الفصحى في الفضائيات العربية.
ج- تعميم الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية في كل العواصم والمدن العربية، وأن يكون الاحتفال بالقدس احتفالاً بالمقاومة وبخيار المقاومة، ورفض ثقافة الاستسلام، وإعلاء مجد المقاومين والشهداء، والتعريف بنضالاتهم، وترسيخ ضرورة أن تكون القدس الموحدة عاصمة للدولة الفلسطينية التي يجب أن تمتد من البحر إلى النهر.
د- تركيز الاهتمام على المخاطر التي تتهدد المسجد الأقصى من جراء الحفريات وأعمال التنقيب عن الهيكل المزعوم من جمعيات وهيئات أثرية صهيونية هدفها تدمير الأقصى كرمز لوحدة المدينة المقدسة وكرمز لوحدة المسلمين، وكرابط بين كل العرب والمسلمين وللقضية الفلسطينية.
* * *
إن السعي إلى مقاومة قانونية ومقاومة اقتصادية ومقاومة ثقافية وإعلامية ضمن مشروع سياسي استراتيجي للمقاومة العربية يفرض إعطاء أهمية كبيرة للدور الشعبي العربي في جهد المقاومة ولدور الرأي العام العالمي في دعم هذه المقاومة.
إن المقاومة العربية كخيار استراتيجي هي مقاومة الشعب العربي وكل قواه الحية ومنظماته الشعبية من أحزاب ونقابات وحركات احتجاجية، فكل هذه المؤسسات الشعبية العربية هي الحاضنة الحقيقية لمشروع المقاومة، وإن المؤتمر القومي العربي وهو يدرك هذه الحقائق يؤكد أهمية وضرورة التفكير في تأسيس نظام شعبي عربي يكون مسؤولا عن مشروع المقاومة ونهج المقاومة.
إن النظام الشعبي العربي هو البديل النضالي لمعظم النظام الرسمي العربي الحالي الذي تواطأ مع الأعداء وفرّط في الحقوق وتقاعس باختياراته عن الذود عن الأمة والدفاع عنها، وهو الذي يمكن أن يحول مشروع المقاومة إلى برنامج مقاومة يبدأ بتجميع كل المقاومات العربية في العراق ولبنان وفلسطين لتشكيل هيئة قيادية عربية تقود مشروع المقاومة، وتضع اللبنات والأسس الحقيقية لجعل المقاومة حقاً وواجباً مقدساً وفرضاً على كل مواطن عربي للذود عن الأمة وعزتها وكرامتها.
في قضايا الأمة وتحدياتها
إن المؤتمر القومي العربي وهو يتابع عن كثب واهتمام كافة التحديات والمخاطر التي تواجه الأمة حريص على أن يؤكد ما يلي:
أولاً: بالنسبة إلى القضية الفلسطينية
1- يوجه المؤتمر القومي العربي كل التحية والتقدير والاحترام لشعبنا المجاهد والمناضل في قطاع غزة وتضحياته الغالية التي استطاع ان يدحر بها العدوان الإسرائيلي الغادر المدعوم أمريكيا والمتواطأ معه عربياً. إن الحرب الإجرامية على قطاع غزة، في تفاصيلها، قلبت الكثير من مقاييس النصر والهزيمة، فقد هدمت كل الأساطير التي حاول المطبعون والمتخاذلون ترويجها عن العدو وقدراته وعن السلام وتجلياته، ويكفيها أنها أظهرت الكيان الصهيوني على حقيقته الوحشية، التي جهد الصهاينة المجرمون وأعوانهم لإخفائها وطمسها على مر السنين.
2- إن أي رهان اليوم على المفاوضات أو على التسوية، تحت عنوان إقامة الدولة الفلسطينية ضمن مشروع الدولتين، هو استمرار في الرهان على الوهم وإعادة إنتاج وتسويق الوهم من جديد، من هنا نقول إن خيار التسوية وصل إلى طريق مسدود، وعليه فان شعار المقاومة كخيار استراتيجي للأمة هو خيار التحرير من أجل المستقبل ومن أجل استرداد الحقوق، ولذلك فإن المؤتمر يطالب بإلغاء كل الاتفاقيات التي عقدتها دول عربية وعقدتها السلطة الفلسطينية مع الكيان الصهيوني.
3- الحرص على تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية ضمن عملية إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني على أساس برنامج المقاومة والتحرير لا التسوية واعتبار قضية فلسطين قضية تحرير وطني وتحرير الأرض أولا، وليس بالحديث عن بناء الدولة في الأحلام والأوهام، فالأرض تنهب وتهود ولم يبق مكان لقيام دولة أو كيان عبر التسويات المضللة، ولكن تحرير الأرض هو الذي يعيدها ويكرس للشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره، ورفض كل اعتراف مباشر أو غير مباشر بدولة الكيان الصهيوني.
4- أن يكون العنوان المؤسسي لهذا المشروع الوطني هو منظمة التحرير التي ينبغي إعادة بنائها لتستوعب كل القوى والفعاليات الفلسطينية المناهضة للاحتلال لا أن يتم مصادرتها أو تفريغها من السلطة أو الاستيلاء عليها أو استخدامها ورقة في معارضة الآخرين أو الهجوم على مشروع المقاومة.
5- إن الحل القومي العربي للقضية الفلسطينية يقوم على أساس تحرير كل الأراضي العربية المحتلة من النهر إلى البحر وإقامة "الدولة الفلسطينية الديمقراطية الواحدة" التي يتعايش فيها العرب واليهود كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، وأن أية تسويات مرحلية مع إسرائيل يجب أن لا تصادر هذا الحل القومي للقضية الفلسطينية.
6- قطع كل العلاقات مع الكيان الصهيوني وإلغاء كل الاتفاقيات الموقعة معه. والمؤتمر يحرص، بهذا الخصوص، على توجيه كل التحية والتقدير إلى شعب وحكومة موريتانيا الشقيقة لقرارها الصائب بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني وإغلاقها سفارته على الأرض الموريتانية، وإلى حكومة قطر التي أغلقت المكتب الإسرائيلي في الدوحة رداً على الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ونأمل أن تحذو دول عربية أخرى حذو موريتانيا وقطر وتقطع علاقاتها المشينة مع العدو.
7- ضرورة رفع الحصار الجائر عن الشعب الفلسطيني عموماً وعن قطاع غزة على وجه الخصوص لان هذا الحصار جزء لا يتجزأ من عملية إخضاع الشعب الفلسطيني ومحاولة تركيعه وفرض شروط الاستسلام عليه، والمؤتمر يطالب بضرورة فتح كل المعابر كخطوة أولى لرفع هذا الحصار اللعين.
8- حق الشعب الفلسطيني ومنظمات المقاومة في الحصول على السلاح للدفاع عن النفس أولاً ضد جرائم الاحتلال وللانخراط ثانياً في عملية مقاومة حقيقية من أجل تحرير الأرض. إن الحصول على السلاح حق للشعب الفلسطيني وواجب على كل عربي وكل دولة عربية بل وعلى المجتمع الدولي الذي يُقر حق الشعوب في الدفاع عن النفس بكل الوسائل.
إن محاولة فرض حصار أمني حول الشعب الفلسطيني لحرمانه من حق الحصول على السلاح وإحكام هذا الحصار من جانب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والدول العربية المنخرطة في المشروع الأمريكي الصهيوني يعتبر جريمة لا تغتفر في وقت يتسلح فيه الكيان الصهيوني بكل أنواع الأسلحة وأشدها فتكاً والمحرمة دولياً ومنها السلاح النووي.
9- ضرورة المباشرة في إعمار قطاع غزة، ولا يجوز أن تكون هذه المسألة خاضعة للابتزاز السياسي، إذ إنها مسالة إنسانية بالدرجة الأولى.
10- ضرورة الإسراع بالإفراج عن كل المعتقلين في سجون العدو وفي سجون الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية وفي غزة.
11- دعم صمود أبناء الشعب الفلسطيني المقيمين في ما يسمى بـ "الخط الأخضر" داخل الكيان الصهيوني واعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من أبناء الأمة العربية، ودعمهم إعلامياً وثقافياً بما يحافظ على تماسكهم مع مشروعهم الوطني الفلسطيني وانتمائهم للمشروع النهضوي الحضاري العربي، والعمل على حماية وحلّ مشكلة الفلسطينيين العالقين على الحدود بين العراق والأردن، وحماية الفلسطينيين المقيمين في العراق من الاعتداءات التي تعرضوا لها من جانب أطراف عراقية موالية للاحتلال.
12– رفض كل محاولة للنيل من حق العودة تحت أية مزاعم أو مبررات وتأكيد أن هذا الحق مع التعويض من الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وفقاً للقرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي لا يمكن التنازل عنها مهما كانت الضغوط أو التحديات.
13- اتخاذ كل ما يلزم للدفاع عن الحرم القدسي الشريف الذي يتعرض للتخريب والتهديم ومطالبة كل الدول العربية بتحمل المسؤولية كاملة عن أي دمار يحدث للمسجد الأقصى واعتباره خطاً أحمر أمام العدو، وأمام صمت الدول العربية ونظامها الرسمي العربي على الجريمة التي تستهدف هدم الأقصى لإعادة بناء الهيكل المزعوم، الذي ليس له أي وجود لا في القدس ولا في أي شبر من أرض فلسطين.
ثانياً: في الوضع اللبناني
يوجه المؤتمر القومي العربي كل التحية إلى جميع اللبنانيين عموماً وإلى المقاومة الوطنية بمناسبة ذكرى يوم التحرير في 25 أيار/مايو المقبل، وإذ يرى في هذه المناسبة ما يؤكد مرّة أخرى أن المقاومة هي خيار الأمة الاستراتيجي في مواجهة الكيان الصهيوني وأن على الأمة أن تحميه بما تمتلك من قوى مادية ومعنوية، فإن المؤتمر حريص على أن يؤكد ما يلي:
1– عدم التفريط بإنجازات المقاومة وتوظيفها في خدمة الوحدة الوطنية واستكمال مشروع التحرير الكامل لمزارع شبعا وتلال كفر شوبا.
2– إنجاز استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة بما يطوّر المسار الديمقراطي وبتاء مؤسسات الدولة على قواعد تمثيلية صحيحة وغير طائفية وعلى أساس المواطنة.
3– تعميق التفاهم اللبناني – السوري عن طريق إعادة الحوار بين المسؤولين في البلدين بما يخدم المصالح المشتركة.
4– التعاطي الإيجابي مع الواقع الفلسطيني لجهة إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المدنية وتعزيز التعاون الأمني بما يحفظ أمن المخيمات في إطار السيادة الوطنية للدولة اللبنانية ضمن الموقف الثابت الرافض للتوطين.
ثالثاً: بشأن الخلاف المصري مع حزب الله
يتابع المؤتمر بحسرة وألم تلك الأزمة المفتعلة من جانب النظام في مصر وأجهزته الإعلامية ضد حزب الله على قاعدة اتهام الحزب وقيادته بالتورط في دعم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بالسلاح والمال عبر الأراضي المصرية، ومحاولة البعض توسيع دائرة الاتهام لتشمل ما يمكن وصفه بـ "مؤامرة كبرى" تشارك فيها أطراف أخرى كثيرة ضد مصر.
إن المؤتمر وهو يؤمن بأن المقاومة حق وواجب لكل الأمة، يؤمن أيضاً بأن دعم المقاومة العربية أياً كانت في فلسطين أو العراق أو لبنان وعلى كل أرض عربية تتعرض للعدوان واجب على كل عربي، وواجب على الحكومات وعلى الشعوب وكل المنظمات الأهلية من أحزاب ونقابات وغيرها. وانطلاقاً من هذا الإيمان فإن المؤتمر القومي العربي لا يملك إلا أن يوجه التحية والتقدير إلى حزب الله وقيادته وإلى كل المقاومين العرب وكل المساندين والداعمين لنضال الشعب الفلسطيني، ويشجب ويدين كل محاولة للنيل من المقاومة أو محاصرتها أو التآمر عليها.
إن المؤتمر وهو يثمّن دور حزب الله في مقاومة الاحتلال الصهيوني، ويسجل بكل فخر واعتزاز انتصاراته في تحرير الأرض اللبنانية من دنس هذا الاحتلال، ويحيى إصراره على مواصلة المقاومة حتى تحرير كل شبر من الأرض اللبنانية، فإنه يقدر لهذا الحزب التزامه بكونه حركة مقاومة وطنية واجبها دعم مقاومة الأمة وبالذات على أرض فلسطين المقدسة، كما أن المؤتمر وهو يسترجع الدور المصري العظيم في قيادة الأمة ضد المشروع الغربي الاستعماري – الصهيوني، وإذ يحيى المؤتمر شهداء وأبطال الجيش المصري الذين استشهدوا وناضلوا لسنوات طويلة دفاعاً عن كرامة الأمة وعزتها، وإذ يتذكر كيف قامت أجهزة الدولة المصرية في الفترة الناصرية بعمليات بطولية خارقة ضد الكيان الصهيوني ومصالحه على الأرض العربية وفي الخارج انطلاقاً من أراضٍ غير مصرية، وفي دعم الثورة الجزائرية وحركات التحرير في أفريقيا ومدها بوسائل المقاومة المختلفة. فإنه يطالب باحتواء الفتنة وعدم الانسياق لتحفيزات الأعداء بشق وحدة الأمة، ويطالب بإنهاء ما يسمى بـ "قضية خلية حزب الله"، ويأمل من الأخوة في مصر العزيزة سرعة احتواء هذه الأزمة لكل ما فيه خير الأمة وعزتها، كما يطالب بوحدة الصف العربي وعودة مصر إلى سابق عهدها قوة داعمة لأمتها ونصلاً موجهاً في أعناق أعدائها. كما يتمنى على قيادة حزب الله أن تراعي في خطابها الموجه إلى مصر طبيعة وخصوصية الشعب المصري.
كما يود المؤتمر أن يشير إلى "معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين دول الجامعة العربية وملحقها العسكري" والتي عقدت عام 1950، والتي وقعت عليها وانضمت إليها جميع البلدان العربية التي استقلت فيما بعد، وفلسطين عضو كامل فيها، حيث من المفروض وفقاً لهذه المعاهدة أنه إذا حصل أي اعتداء على أي بلد عربي، فجميع الدول العربية ملتزمة بمساعدة هذا البلد بكل الوسائل بما فيها الوسائل العسكرية (المادة الثانية)، والأمر نفسه ينطبق في حالة وقوع تهديد عليها (المادة الثالثة). ولأن فلسطين عضو كامل في الجامعة العربية وتعامل كدولة، فإن الدول العربية ملزمة بدعم والدفاع عن فلسطين وبضمنها "غزة" بكل الوسائل الممكنة بما فيها الوسائل العسكرية. وفي هذا الإطار يجب أن يقع ويفهم أي دعم عسكري للفلسطينيين في غزة لمحاربة العدوان الإسرائيلي عليها.
رابعاً: في الشأن العراقي
إن المؤتمر القومي العربي وهو يؤكد اعتزازه وافتخاره بالمقاومة العراقية بكافة فصائلها وبكل رموزها وقادتها، والتي فرضت على المحتل الأمريكي جدولة انسحابه، وإذ يقدر للشعب العراقي صموده وتضحياته وانتصاراته، لعلى يقين أن النصر قادم لا محالة، وأن اندحار المشروع الأمريكي في العراق سيكون المدخل الأهم لانتصار الأمة العربية واستعادة وحدتها ومكانتها، ومن هذا المنطلق يؤكد المؤتمر ما يلي:
1– مطالبة كافة قوى المقاومة العراقية بالتوحد، وتأسيس قيادة سياسية مشتركة لبلورة مشروع وطني عراقي يؤسس لبناء الدولة العراقية بهويتها العربية ووحدة أرضها وشعبها ومؤسساتها.
2– يرفض الاتفاق الأمني بين "الحكومة وقوات الاحتلال" لأنه ينال من السيادة الوطنية للعراق، كما يطالب المؤتمر الشعب العراقي أن يصوّت بـ " لا " على الاستفتاء الذي سيجري على هذه الاتفاقية في تموز/يوليو القادم.
3– يدين اعتراف النظام الرسمي العربي بالحكومات التي أنشأها الاحتلال، كما يدين إرسال دول عربية سفراء لها إلى العراق، لما يتضمنه ذلك من اعتراف بتلك الحكومات وتكريس الوضع القائم.
4– يؤكد المؤتمر حرصه الكامل على وحدة العراق أرضاً وشعباً ومؤسسات، كما يؤكد عروبة العراق، ويناشد كل أبناء الشعب العراقي الوعي بمخاطر مخطط إعادة أجواء الحرب الطائفية والعرقية مجدداً التي تهدف "حكومة الاحتلال" من ورائها إلى إشاعة المخاوف من الفوضى التي يبشر بها في حال انسحاب القوات الأمريكية وذلك في محاولة للإبقاء على هذه القوات لفترات أطول مما حددته الاتفاقية.
5– يؤكد المؤتمر رفضه لأي نفوذ أجنبي أو إقليمي في العراق، كما أنه إذ يثمّن مساندة إيران لقوى المقاومة العربية في كل من لبنان وفلسطين، فإنه يستنكر الكثير من الممارسات الإيرانية في العراق التي استغلت أجواء الاحتلال الأمريكي له لتغلب مصالحها القومية الضيقة على ما يمكن أن يشكل أرضية مقبولة لمصالح مشتركة بينها وبين الأمة العربية، وفي مقدمتها الحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً، كما أن المؤتمر يستنكر المماطلات الإيرانية الرامية إلى التهرب من أي حل سلمي عادل لمشكلة الجزر العربية التابعة لدولة الإمارات، كما يستنكر التهديدات الإيرانية المستمرة للبحرين. وعلى إيران أن تدرك أهمية وقيمة دخولها في مشروع مشاركة عربية – إيرانية تحقق مصالح الأمتين العربية والإيرانية بدلاً من التورط في سياسات هيمنة أو فرض نفوذ لن تؤدي إلا إلى إشعال نار الفتنة والعداء بين الأمتين، في وقت يسعى فيه العدو الأمريكي – الصهيوني إلى فرض الفتن والاستقطاب والعداء بين العرب وإيران وتصوير إيران عدواً للعرب بدلاً من أن تكون حليفاً لهم، كما يؤكد المؤتمر القومي العربي موقفه المبدئي من إيران الذي سبق أن أعلن فيه في أكثر من مناسبة، وعلى رغم الموقف الإيراني من احتلال العراق، وهو أن المؤتمر القومي العربي ينظر إلى إيران كعمق استراتيجي إسلامي للأمة العربية، وأن تكون إيران "صديقاً محتملاً" وليس "عدواً محتملاً".
خامساً: في الشأن السوداني
إن المؤتمر القومي العربي وهو يدرك عدم شرعية قرار المحكمة الجنائية الدولية بطلب توقيف الرئيس السوداني عمر البشير، وإذ يعي أن السودان كان وما زال مستهدفاً في استقراره ووحدته أرضاً وشعباً، وفي ثروته، وكان وما زال هدفاً لمؤامرات الكيان الصهيوني والقوى الغربية، فإنه يعلن رفضه لتهم المحكمة الجنائية الدولية، ويؤكد مساندته الكاملة للرئيس السوداني والشعب السوداني من منطلق أن هذا الموقف يمثل دفاعاً عن الذات العربية، وعن الكرامة العربية، وتعرية لكل المخططات العدوانية التي تستهدف السودان، باعتبارها تستهدف كل الأمة العربية.
كما أن المؤتمر وهو على يقين بأن العدالة قيمة عليا لا تقبل التقسيم أو التجزئة، وأن الديمقراطية حق لكل الشعب السوداني فإنه يؤمن بضرورة أن يكون العدل وأن تكون الديمقراطية هي طريق الاستقرار والوحدة في السودان وفي كل قطر عربي، كما يؤمن بأن إقامة ديمقراطية حقيقية مع تعددية سياسية وتداول السلطة وتأمين حقوق الإنسان في السودان، والتماسك الوطني القائم على الولاء للوطن السوداني، هما الطريق الأمثل لصمود السودان في وجه كل المقررات وكل التحديات، كما يدعو المؤتمر الحكومة السودانية إلى إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر، والحرص على أن تكون نزيهة وحرة.
وانطلاقاً من هذا كله فإن المؤتمر يؤكد أن قضية دارفور يجب حلّها ضمن مشروع وطني سوداني يحقق العدل والتنمية ضمن مصالحة وطنية شاملة.
سادساً: في الشأن الصومالي
إن المؤتمر القومي العربي وهو يعي خطورة ومغزى التدخلات الخارجية في الصومال، سواء كانت دولية أم إقليمية، فإنه يطالب أبناء الشعب الصومالي بالوحدة على قاعدة مشروع وطني للمصالحة بوساطة عربية، كما يدين كل أشكال التدخل الخارجي في الشأن الصومالي تحت أي ذريعة وتحت أي شعار، ويحذر من خطورة ما يسمى بـ "ظاهرة القرصنة البحرية" التي تهدد الملاحة في بحر العرب وخليج عدن والقرن الأفريقي، ويؤكد أن هذه الظاهرة مفتعلة ومن تدبير ومساندة أطراف خارجيين صاحبة مصلحة في جعل هذه المنطقة الحيوية منطقة غير آمنة كمقدمة لفرض وجود عسكري وأمني أجنبي يمكنها من فرض الهيمنة والنفوذ على تلك المنطقة بما يهدد الأمن القومي العربي والأمن الوطني للدول المشاطئة لتلك السواحل البحرية.
سابعاً: في الشأن اليمني
يتابع المؤتمر القومي العربي باهتمام وحرص ما تشهده بعض المحافظات الجنوبية في اليمن من تطورات تهدد الاستقرار الوطني تحت شعارات تعلي من شأن النعرات المناطقية والانفصالية.
إن المؤتمر القومي العربي وهو يثمن التجربة الوحدوية اليمنية ويعتبرها لبنة أساسية في صرح المشروع الوحدوي العربي حريص كل الحرص على دعوة كل اليمنيين للمحافظة على وحدتهم الوطنية ضمن مشروع وطني للوحدة والديمقراطية الحقيقية يكفل التعددية السياسية وتداول السلطة والعدالة والحرية والحقوق المتساوية لكل أبناء اليمن ويضمن مقاومة كل أشكال الاستبداد والفساد والتدخل الخارجي.
ثامناً: في الشأن الديمقراطي وحقوق الإنسان
إن المؤتمر القومي العربي وهو يتابع عن وعي ما يحدث من تراجع لمسيرة التحول الديمقراطي في الكثير من البلدان العربية، وما يحدث من انتهاكات للحقوق الأساسية للإنسان العربي، ومن تجاوزات تهدد مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، وتحول دون وجود القدر اللازم من المحاسبة والشفافية في الحكم والإدارة وما ترتب على هذا كله من إشاعة للفساد المالي والسياسي ليحذر من استمرار الأوضاع السياسية في الوطن العربي على ما هي عليه، خصوصاً أنها تأتي مقترنة بانهيار للحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، ويطالب نظم الحكم العربية بالتراجع عن تلك الممارسات لخطورتها على الاستقرار السياسي والاجتماعي، ويهدد بانفجارات غير مأمونة.
إن المؤتمر القومي العربي يدرك أن الحكم الصالح وإشاعة معايير المحاسبة والشفافية ومحاربة الفساد وتأمين التعددية الحزبية وكفالة حقوق المواطنين السياسية والاجتماعية، وتأمين التداول السلمي للسلطة، والتلازم بين السلطة والمسؤولية هو الدعامة الأساسية للاستقرار أولاً وللشرعية ثانياً، ولوضع أسس حقيقية لبناء مجتمع عربي قادر على امتلاك العلم والمعرفة والتأسيس الفعلي لمشروع نهضوي حضاري للأمة. ولذلك فإنه يطالب بمراجعة الممارسات التي تسيء إلى هذا الأمل العربي المشروع، ويطالب بدعم "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" و"المنظمة العربية لمكافحة الفساد".
تاسعاً: في شأن تأسيس حركة تحرر عالمية
إن المؤتمر القومي العربي وهو يتوجه بالتحية والتقدير إلى قادة أمريكا اللاتينية، وعلى الأخص الرئيس هوغو شافيز رئيس فنزويلا والرئيس إيغو موراليس رئيس بوليفيا لمواقفهم المناصرة للحقوق العربية والمعادية للكيان الصهيوني، وخاصة الحرب الإجرامية التي شنها الكيان ضد قطاع غزة بدعم أمريكي، فإنه يطالب بانخراط عربي جديد لتأسيس حركة تحرر عالمية مناهضة للعولمة المستبدة وللرأسمالية المتوحشة، ويدعو إلى استثمار التطورات الدولية الجديدة، وخاصة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي نالت كثيراً من الاقتصاد الأمريكي ودفعت إلى الصدارة اقتصادات قوى إقليمية صاعدة باتجاه خلق تكتل داعم لقوى الجنوب، وفرض حوار عادل مع قوى الشمال لتأسيس نظام اقتصادي عالمي عادل يقود إلى نظام سياسي عالمي عادل، يغير من أداء المنظمة العالمية ويحول دون سيطرة القوى العالمية الكبرى على القرار الدولي ويحقق القدر الأكبر والمأمول من ديمقراطية هذا القرار.
عاشراً: في شأن المؤتمر القومي العربي
إن المؤتمر القومي العربي وهو يكمل دورته العشرين لحريص على تفعيل دوره القومي من أجل تحقيق الأهداف المشروعة للأمة في النهضة والتقدم والوحدة والانتصار، وهو لذلك يؤكد عزمه على تفعيل أدائه ليحقق هدفه الأساسي بأن يكون "مرجعية قومية شعبية للأمة العربية" من خلال إحداث "مركز تفكيري" (Think Tank) يقدم وبشكل سريع ومختصر المشورة الموضوعية للأنظمة العربية، ولقادة الأحزاب الوطنية العربية، وللصحافة الوطنية، من خلال تقارير قصيرة مع توصيات، وكذلك عقد ورش عمل وندوات يكون هدفها تقييم أوضاع المؤتمر، والنهوض بأدائه بما يتماشى مع طموحات أعضاء المؤتمر وبما يجعل المؤتمر القومي العربي وعاءً داعماً للمشروع النهضوي العربي ومرجعية شعبية حقيقية.
إن اعتماد المؤتمر القومي العربي للمقاومة خياراً استراتيجياً للأمة يلقي عليه أعباء وتبعات كثيرة يجب أن يكون مؤهلاً للقيام بها، والمؤتمر كي يقوم بأداء هذا الدور والقيام بتلك الأعباء، فإنه يودّ من الحكومات العربية ألا تقف عائقاً أمام أداء المؤتمر لتلك الأدوار من خلال إجراءات تعسفية تحول دون سفر بعض الأعضاء للمشاركة في أعماله، ويطالب هذه الحكومات بتيسير أنشطة المؤتمر ودعمها لكل ما فيه خير الأمة وتمكينها من المقدرة على التصدي للتحديات والتهديدات الخارجية.
إن المؤتمر القومي، وهو يعلن المقاومة خياراً للأمة، لعلى يقين بأنها الخيار الناجز لنيل الحقوق وتحقيق نصر نرى أمتنا جديرة به.
حادي عشر: انتخاب أمين عام وأمانة عامة
وتنفيذاً للنظام الأساسي والداخلي للمؤتمر القومي العربي، والذي ينص على انتخاب أمين عام وأمانة عامة من خمسة وعشرين عضواً، مرة كل ثلاث سنوات، ونظراً إلى انتهاء مدة عضوية الأمين العام والأمانة العامة السابقين، فقد أجريت في آخر المؤتمر انتخابات ديمقراطية أسفرت عن:
اختيار الدكتور خير الدين حسيب الأمين العام
اختيار أمانة عامة من خمسة وعشرين عضواً كما يلي:
أ. أحمد الكحلاوي (تونس)
أ. أمين إسكندر (مصر)
أ. تيسير مدثر (السودان)
أ. حسن لعريبي (الجزائر)
د. خضير المرشدي (العراق/سوريا)
أ. الخليل ولد الطيب (موريتانيا)
أ. رجاء الناصر (سوريا)
د. ساسين عساف (لبنان)
أ. عبد الإله المنصوري (المغرب)
أ. عبد القادر غوقة (ليبيا)
أ. عبد الملك المخلافي (اليمن)
أ. غناء المقداد (اليمن)
د. ماهر الطاهر (فلسطين/سوريا)
أ. ماهر مخلوف (مصر)
أ. محمد أبو ميزر (فلسطين/الأردن)
د. محمد الأغظف غوتي (المغرب)
د. محمد الحموري (الأردن)
د. محمد السعيد إدريس (مصر)
أ. محمد حسب الرسول (السودان)
د. محمد صالح المسفر (قطر)
أ. محمد منيب جنيدي (مصر)
د. مصطفى نويصر (الجزائر)
أ. منى النشاشيبي (فلسطين/بريطانيا)
د. هاني سليمان (لبنان)
د. يوسف مكي (السعودية)
كما ستضم الأمانة العامة، حسب نظامها الداخلي، الأمناء العامين السابقين للمؤتمر القومي العربي كأعضاء طبيعيين في الأمانة العامة.
كما يحق للأمانة العامة المنتخبة اختيار وإضافة ما لا يزيد على عشرة أشخاص إلى عضوية الأمانة العامة ممن لديهم الخبرة والحكمة المتراكمة.
أسماء المشاركين في المؤتمر
أ. إبراهيم أحمد الطاهر (السودان) رئيس المجلس الوطني السوداني (بصفته الشخصية)
أ. إبراهيم السملالي (المغرب) الأمين العام لاتحاد المحامين العرب (بصفته الشخصية)
أ. إبراهيم كمال الدين (البحرين) رئيس الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع (بصفته الشخصية)
أ. أحمد الأصبحي (اليمن) الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام سابقاً (بصفته الشخصية)
أ. أحمد الشوتري (الجزائر) أستاذ جامعي
أ. أحمد القميري (اليمن) عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح (بصفته الشخصية)
أ. أحمد الكحلاوي (تونس) رئيس الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية في العراق وفلسطين (بصفته الشخصية)
أ. أحمد الوافي (موريتانيا) رئيس منتدى الفكر والحوار في موريتانيا (بصفته الشخصية)
أ. أحمد سعيد ناصر (اليمن) صحفي، مدير تحرير صحيفة الوحدوي (بصفته الشخصية)
د. أحمد سعيد نوفل (الأردن) أستاذ جامعي
أ. أحمد عبد الرحمن محمد (السودان) أمين عام مجلس الصداقة الشعبية العالمية – وزير سابق (بصفته الشخصية)
أ. أحمد عمر زعبار (تونس/بريطانيا) شاعر، صحفي
أ. أحمد محمد المبارك (السودان) مدير مركز دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا سابقاً (بصفته الشخصية)
د. أحمد محمد المتوكل (اليمن) عضو مجلس الشورى، سفير سابق (بصفته الشخصية)
د. أديب الخطيب (فلسطين) أستاذ جامعي
أ. إقبال دوغان (لبنان) محامية، رئيسة المجلس النسائي اللبناني سابقا
أ. إلياس مطران (لبنان) محام
أ. أمين الغفاري (مصر/بريطانيا) نائب رئيس الجالية المصرية – لندن (بصفته الشخصية)
الأب د. أنطوان ضو (لبنان) أمين عام اللجنة الأسقفية للحوار الإسلامي – المسيحي (بصفته الشخصية)
د. برهان زريق (سوريا) محام
د. بكري محمد خليل (السودان) أستاذ جامعي
أ. تيسير مدثر (السودان) محام
أ. ثائر الدوري (سوريا) طبيب /كاتب
أ. جمال هنيدي (سوريا) محام/باحث
أ. جميل هلسة (الأردن) مدير عام مكتب المحاسبات التجارية (بصفته الشخصية)
أ. حاتم أبو حاتم (اليمن) رئيس اللجنة اليمنية لمقاومة التطبيع (بصفته الشخصية)
د. حارث الضاري (العراق/الأردن) الأمين العام لهيئة علماء المسلمين (بصفته الشخصية)
أ. حسن الوائلي (العراق/بريطانيا) مهندس
أ. حسن عز الدين (لبنان) مسؤول العلاقات العربية في حزب الله (بصفته الشخصية)
د. حسن علي العالي (البحرين) نائب رئيس جمعية التجمع القومي الديمقراطي (بصفته الشخصية)
أ. حمدان حمدان (سوريا) كاتب، باحث
أ. حمدين صباحي (مصر) نائب في مجلس الشعب (بصفته الشخصية)
أ. حمزة برقاوي (فلسطين/سوريا) كاتب، أمين سر الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين (بصفته الشخصية)
أ. حنان عواد (فلسطين) رئيس رابطة القلم الدولي – فرع فلسطين (بصفته الشخصية)
أ. خالد السفياني (المغرب) محام/ منسق مجموعة العمل الوطنية لدعم العراق وفلسطين/الأمين العام للمؤتمر القومي العربي (التي انتهت ولايته بنهاية المؤتمر)
د. خالد بن إسماعيل (الجزائر) أستاذ جامعي، تنسيقية مناهضة المد الصهيوني في الجزائر (بصفته الشخصية)
أ. خالد رمضان (الأردن) ناشط في القضايا القومية
أ. خالد عبد المجيد (فلسطين/ سوريا) أمين عام جبهة النضال الشعبي الفلسطيني (بصفته الشخصية)
أ. خالد عمر (اليمن/مصر) إعلامي، مدير المركز الثقافي اليمني في القاهرة (بصفته الشخصية)