المؤتمر التاسع عشر
10 - 13 أيار/مايو 2008
صنعاء - الجمهورية اليمنية
العمل العربي المشترك: الواقع - المعوقات - الآفاق**
إعداد: أ. عبد العظيم المغربي*
* نائب الأمين العام لاتحاد المحامين العرب منسق لجنة التعبئة الشعبية العربية
** لا تعبر هذه الورقة بالضرورة عن رأي الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي.
*** لا يجوز نشر هذه الورقة كلا أو جزءا الا بموافقة تحريرية من إدارة المؤتمر.
بسم الله الرحمن الرحيم
العمل العربي المشترك
الواقع - المعوقات - الآفاق
1- لقد واجهت الأمة العربية - عبر تاريخها الطويل - الكثير من المشاكل والأزمات. لكن الدارس لتاريخها الحديث يدرك أن ما تواجهه الآن من مخاطر أصبح يهدد هويتها ووجودها رغبة في انخراطها في مشروع جديد تفقد فيه إرادتها المستقلة في صنع حياتها على أرضها بإرادة أبنائها. وتسلم فيه قيادها لقوى تعمل لخدمة مخططات ومصالح أجنبية يمسك زمام القيادة فيها عدوها التاريخي - الكيان الصهيوني - فيما يسمّى بالشرق الأوسط الجديد.
2- لقد مرت الأمة العربية بأزمات كثيرة سابقة استطاعت ولو بالحدّ الأدنى تجاوزها وحاولت تحقيق مشروعها القومي النهضوي وبصفة خاصة في العقدين الخامس والسادس من القرن الماضي. وحاولت في هذا المشروع التخلص من الآثار المميتة التى ترتبت على سايكس بيكو ووعد بلفور ولم يكتف العدو بتقنين تفتيتها وتجزئتها وإنما زرع في قلبها ما يفصل مشرقها عن مغربها وما يحول دون تنميتها المستدامة وما يفرض عليها التبعية للخارج والخضوع للإملاءات الأجنبية، ولا بُدَّ لنا أن نتذكر دوماً الدور المركزي والمحوري الذي تضطلع به مصر جغرافياً وتاريخياً في هذا الخصوص الأمر الذي يفسر لماذا كانت مصر - عبد الناصر - هي المستهدف الأساسي في ضرب هذا المشروع النهضوي.
علينا أيضاً أن نتذكر أن انقلاب السادات على مبادئ الثورة القومية الناصرية، والذي بدأ في أوائل العقد السابع من القرن الماضي - وأبرز ما يميزه أن مصر بعد أن استطاعت بمشاركة وجهد أمتها العربية إلحاق الهزيمة العسكرية بالعدو الصهيوني، فقد ثماره السياسية بخيارات السادات في الانفتاح الاقتصادي ومحاولة إلحاقها بالسوق الرأسمالي العالمي ووقف تنميتها المستقلة - وبناء طبقة رأسمالية طفيلية جديدة ترتبط مصالحها بالعدو مكنته بعد ذلك الفعل الكارثة بزيارته للقدس المحتلة وإبرامه أول اتفاق صلح واعتراف منفرد مع العدو التاريخي للأمة. متحدياً في ذلك مشاعر الأمة العربية بأسرها - وبصفة خاصة المصريين منهم - ومثّل ذلك انهيار القلعة الأساسية للأمة العربية والتى أنهار معها مشروعها الوحدوي وتغيرت فيها مفاهيمها الأساسية. لم يعد الصراع هو صراع الأمة مع العدو الصهيوني المغتصب لفلسطين العربية. ولم تعد القضية ترتيباً على ذلك هي القضية المركزية للأمة، وترك الفلسطينيون في النهاية رغم نضالاتهم وتضحياتهم نهبا لمفاوضات غير متكافئة مع العدو لا يمكن أن تؤدي إلا إلى ضياع الحقوق الثابتة وغير القابلة للتصرف وأصبح موقف النظام العربي الرسمي الذي التحق بمجمله سياسات مصر السادات - ومن بعده مبارك - يردد شعار نقبل ما يقبل به الفلسطينيون.
3- لا شكّ أن المتغيرات الدولية في أواخر القرن العشرين مثلت عنصراً فاعلاً فيما آلت إليه أحوال المنطقة من انهيار المعسكر الاشتراكي وافتقار بلدان العالم الثالث ومنها الأمة العربية حليفاً رئيسياً في هذا الصراع. وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالهيمنة على القرار السياسي الدولي وسيطرتها على الأمم المتحدة ومجلس الأمن وبقية منظماتها. واستخدامها لهذه الآليات خصوصاً مجلس الأمن وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية في الهيمنة الاقتصادية والسياسية ومن ثمّ العسكرية على العالم أجمع وتسخير هذه القوى في منطقتنا لصالح المشروع الغربي الصهيوني الذي وصل إلى حدّ عودة الاستعمار العسكري القديم إلى المنطقة وانتشار القواعد العسكرية الأمريكية في العديد من الأقطار العربية. وهيمنة الولايات المتحدة على ثروات الأمة كافة وفرض الاعتراف والخضوع لسياساتها بما في ذلك محاولة ما أشرنا إليه من إقامة مشروع الشرق الأوسط الجديد.
4- إن الاعتراف بالحقيقة يقتضي القول أن العوامل الخارجية ما كان لها أن تحقق ما حققته من انتصارات وما الحقته بنا من هزائم - دون أسباب أساسية داخلية تمثلت في فرض سياسات الاستبداد والفساد وقهر الحريات وغياب الديمقراطية ومحاصرة حرية التعبير والصحافة والعدوان على السلطة القضائية واستقلال الجامعات أساتذة وطلاب، وتوغل دور السلطة التنفيذية واستمرار فرض حالة الطوارئ لعقود طويلة ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وتقييد واختراق الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني لإضعاف المقاومة الشعبية التى حاولت مقاومة هذه المخططات، وصلت إلى حدّ تغييب إرادة المواطنين وتزييفها بأساليب واضحة وفجة في كافة الانتخابات أو الاستفتاءات. وعدم أتاحة أي فرصة للتداول السلمي للسلطة سواء في الحكم أو في منظمات المجتمع المدني بل وصل الأمر بالعديد من حكام الأقطار العربية التى تأخذ بالنظام الجمهوري إلى محاولة توريث السلطة لأبنائهم رغماً عن أنوف شعبهم. وساعد على ذلك بعض عملاء الغرب والصهيونية الذين دأبو على محاولة العبث بمفاهيم الأمة والترويج لحملة التزييف التى سمّت المقاومة إرهاباً، والمفاوضات مع العدو - مجرد المفاوضات دونما نتائج إيجابية - خياراً إستراتيجياً وحيداً. وأصبحت الإدارة الأمريكية في نظر هؤلاء حكماً نزيهاً ووسيطاً محايداً في هذه المفاوضات. وقسمت الأمة إلى قسمين الأوّل هم المعتدلون الذين يسيرون في ركب العدو الأمريكي الصهيوني ويخضعون لإملاءاتهما ويشاركون في تنفيذ مخططاتهما ضدّ قوى المقاومة والممانعة.
والثاني هم المتطرفون الإرهابيون الذين يرفضون الاستسلام والتخلي عن المقاومة والالتحاق بركب المفاوضات العبثية، كلّ ذلك دونما إدراك لأهمية الوعي القومي العربي مما أدى إلى انتشار الفتن العرقية والأثنية والدينية والمذهبية بين أبناء الأمة داخل القطر الواحد. بحيث أصبح النظام القطري بذاته في خطر جسيم. نال من الوحدة الوطنية داخل الأقطار المختلفة ووصلت في بعضها إلى حدّ الاقتتال الداخلي - فلسطين - العراق - السودان - الصومال - الجزائر ولازالت النيران تمتد لتحرق ما تبقى من أقطار وأصبح المواطن في وسط هذه العواصف الشاملة مهدداً في حياته، مقيداً في حريته، مسخراً في خدمة عملاء الرأسمالية المتوحشة. عاطلاً - فقيراً - جائعاً - مريضاً - متخلفاً - أمياً - فاقداً الأمل في مستقبله ومستقبل أولاده.
5- ولقد لعب الإعلام الرسمي الخارجي والداخلي دوراً أساسياً في إدخال هذه الخديعة على شعوب العالم الثالث - ومن بينها الشعب العربي - وصلت إلى حدّ رؤية جرائم الحرب التى يرتكبها الصهاينة ضدّ الآباء والأمهات والأطفال يومياً في فلسطين المحتلة ينظر إليها في نشرات الأخبار كما لو أنّها موازية لأفلام الكارتون التى تعرض للأطفال، - علينا أيضاً أن نتذكر إننا بدأنا مشروعنا النهضوي مع بلدان مثل اليابان والصين والهند - بل كنا أسبق من البعض أحياناً.
وعلينا أن نتذكر أن مشروعنا الوحدوي بدأ من بداية المشروع الوحدوي الأوربي، وعلينا أن نرى اليوم إلى ما وصل إليه الاتحاد الأوربي في مواجهة التمزق العربي. ومن ثمّ يصبح من نافلة القول وعدم جلد الذات بالبكاء على الجامعة العربية. ولعل أوضح صورة دالة على ذلك هو ما جرى من بعض النظم التى كانت في يوم من الأيام تقود نضال الأمة لمحاولة منع انعقاد القمة الأخيرة في دمشق.
6- إن التحولات الدولية الكبرى التى أحدثتها آليات العولمة بما فيها ثورة الاتصالات والمعلومات والتطور التكنولوجي زادت من حدة الصراعات وفرضت على القوى المتجانسة أو المتقاربة التكتل في فضاءات، بما في ذلك القارة الأفريقية ولم يبق في العالم مشتتاً مبعثراً تائهاً في الفضاء إلا وطننا العربي.
7- إذا كان ذلك حال الأمة في ظلّ النظام العالمي والعربي الحاكم. وإذا كان المواطن العربي قد صار مقيداً بِكُلّ هذه القيود. فهل يعني ذلك أن الواقع أصبح قدراً لا فكاك منه؟ وأن المواطن كالحاكم قد استسلم وخضع وقنع بحاله؟. إن قوانين الكون والمجتمعات من ثوابت الحياة. صحيح أن هناك في التاريخ حضارات وأمم اندثرت بعد أن كانت عظيمة في يوم من الأيام. لكن تاريخ الأمة العربية عبر قرون عديدة يثبت عكس ذلك... فكما كانت الأمة منارة للحضارة والعلم والتقدّم في العالم أجمع حتّى القرون الوسطى. إلا أنّها في المحن التى تمر بها لا تفقد داكرتها ولا تتنازل عن هويتها ولا يغيب عنها دورها الذي رسمه تاريخها وجغرافيتها. وإذا كان هذا التغول الرأسمالي العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى دور الصهيونية العالمية وكيانها في المنطقة العربية قد فعل كلّ ذلك. فإن شعوب العالم قد استفاقت وأدركت ما ارتكب في حقها من خداع أوصلها إلى ما وصلت إليه. وفى حال أمتنا العربية. فقد اكتشفت خيانة النظام العربي الرسمي في مجمله وعجز البعض منه بسبب استمرار حكم التجزئة ومحاصرة الباقي المتمسك بثوابت نضالها والرافع لشعار الممانعة والمقاومة.
ربما يكون إدراك أحوال النظم كان مبكراً عن إدراك أحوال القيادات الحزبية والسياسية والنقابية. ولكن ما واجهته الأمة من أحداث جسام فجرت غضبها وأيقظت وعيها. وجعلها تدرك مسؤوليتها الذاتية كجماهير حيال مستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة لها.
8- كلّ ذلك خلق أشكالاً وآليات جديدة للمقاومة والممانعة. بدأت بالوعي القومي الجمعي في إنشاء المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي والذي انتصرت فيه الأمة على فتنة الوقيعة بين العروبة والإسلام لعقود طويلة.
كذلك ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي الذي جمع القوميين والإسلاميين والماركسيين على ثوابت نضال هذه الأمة في الإيمان بوحدتها وضرورة تقدّمها وإشاعة العدل الاجتماعي بين أبناءها في ظلّ حكم ديمقراطي واحترام لحقوق الإنسان الأساسية مع معرفة من هو العدو ومن هو الصديق. والوعي بأن العولمة المتوحشة بقيادة الإدارة الأمريكية والصهيونية العالمية والكيان الصهيوني هم الأعداء الأساسيون للأمة وأن القضية الفلسطينية ما زالت هي القضية المركزية لها. وأن المقاومة - لا التفاوض والاعتراف والاستسلام - هو السبيل الوحيد لاستعادة الحقوق المغتصبة منها.
يضاف إلى ذلك مؤتمر الأحزاب العربية الذي جمع بين صفوفه أكثر من 120 حزب على ذات المبادئ والأهداف وانتهى الأمر إلى إنشاء المؤتمر العربي العام ولا بُدَّ في هذا المجال من أن نذكر بالفضل والعرفان الدور التاريخي الذي اضطلع مركز دراسات الوحدة العربية كحافظ لذاكرة الأمة وشارح لحقيقة واقعها وراسم لآفاق مستقبلها وكذلك الأمين العام الأوّل للمؤتمر القومي العربي ومؤسس مركز الدراسات الدكتور خير الدين حسيب دون إنكار جهد من خلفه في هذه المسؤوليات وفى كلّ المؤتمرات.
9- لقد كان لغزو العراق ومحاولة تقسيمه وعزله عن أمته العربية - واستثمار ذلك - وهماً - في محاولة غزو لبنان - وانتشار الاستيطان وبناء الجدار العازل والاستمرار في ارتكابه المجازر التى فاقت النازية في فلسطين ومحاصرة سوريا وحزب الله والمقاومة الفلسطينية وبصفة خاصة حركة حماس. لقد أشعل كلّ ذلك نيران الغضب والتحدي والمقاومة لدى جماهير الأمة العربية. فخرجت إلى شوارعها متحدية نظمها البوليسية وحكامها المتخاذلين والمتواطئين. رافعين رايات المقاومة ومرددين بأعلى الصوت شعارات وهتافات الدعم والممانعة ومساندين للمناضلين في كلّ هذه الساحات. الأمر الذي كان له أبلغ الأثر في دعم ورفع الروح المعنوية لقوى المقاومة المختلفة وإشعارها أن جماهير أمتها ليست بعيدة ولا متخلية عنها.
10- وفى ذات اليوم الذي تعرض فيه لبنان وحزب الله المقاوم بقيادة سيد المقاومة حسن نصر الله أعلنت هذه المؤتمرات القومية مجتمعة مع جميع الاتحادات المهنية العربية ومنظمات المجتمع المدني الحر إعلان التعبئة الشعبية في كلّ أرجاء الوطن العربي. وكونت من أمنائها أمانة عامة لهذه اللجنة لم ينته دورها بتحقيق النصر المؤزر على العدو الصهيوني في لبنان، وإنما كأنّ لديها من الوعي أن تدرك أن المعرفة العسكرية المنتصرة هي الأسهل. وأن المعركة السياسية والدبلوماسية الداخلية والخارجية هي الأصعب. وأن العدو لن يكفّ عن إعادة المحاولة واستكمال مخططه الذي ظن أن النظام الجديد الذي يحلم به يتخلق في رحم العدوان على لبنان وأن محاولة تهويد فلسطين - كلّ فلسطين مستمرة. وأن الوجود العسكري في العراق ووالجزيرة العربية دائم وأن استهداف سوريا للخضوع أو الهزيمة العسكرية - لأقدر الله - وحرمان حليف المقاومة العربية الإقليمي - إيران - من امتلاك التكنولوجيا النووية حتّى لو كان ذلك للأغراض السلمية مازال قيد المحاولة والمناورة.
لذلك نقرر استمرار لجنة التعبئة الشعبية العربية لتنظيم دور الجماهير في الدعم المادي والسياسي والإعلامي والمعنوي لِكُلّ قوى المقاومة والممانعة. وقد اضطلع أعضاء هذه اللجنة بدورهم المسؤول في الاتصال بنظرائهم في العالم الخارجي مما كان له أبلغ الأثر على كلّ من شارك في هذا العدوان سواء في أمريكا أو بريطانيا أو أسبانيا أو إيطاليا، وغيرهم ممن شاركهم العدوان على الأمة وخصوصاً في العراق. وأصبح المأزق الأمريكي في الوحل العراقي لا يترك للإدارة الأمريكية انسحاباً مشرفاً من العراق وأصبح الكيان الصهيوني بعد هزيمته المروعة التى أطاحت بثوابته وهددته في استمرار وجوده في قلب الأمة العربية بالإضافة إلى ما يلاقيه على يدّ المقاومة الفلسطينية بالرغم من فرض حصار الجوع والموت على أبناء فلسطين المجاهدين. كلّ ذلك جعله مع راعيه الأمريكي يحسب ألف حساب قبل محاولة التحرش بسوريا وإيران أو إعادة الكرة في لبنان. أي أن العدوان الذي ألحق بالأمة خسائر فادحة لم يثنها عن الإيمان بحرية وطنها. بل حفزها لاستمرار المقاومة والاستشهاد في سبيل التحرر والانعتاق.
11- وعلى الجبهة الداخلية شاهدنا الحركات الاحتجاجية الوطنية والاجتماعية والسياسية التى أقضت مضاجع حكامها، وانتزعت الجماهير عنوة حقها في التعبير وحرية الصحافة والدفاع عن استقلال القضاء والجامعات ومواجهة الاستبداد والاستغلال والفساد بحيث أصبح المراقب لحال الأمة يشعر أنّها تعيش مخاض نظام عربي جديد يكون فيه نظام الحكم ديمقراطياً ويسود فيه شعار المواطنة والعدل الاجتماعي والانفلات من التبعية للخارج ومراجعة وهدر اتفاقات العار مع العدو الصهيوني وتعظيم دور المقاطعة ومقاومة التطبيع مع العدو، ولعل ظاهرة "المدوتين" وإبداعهم في استخدام تكنولوجيا ثورة الاتصال والمعلومات يذكرنا بما فعله قائد الثورة الإيرانية - بالكاسيت - عبر البحار وشاهدنا إبداع أشكال آليات الاحتجاج مثل - كفاية - وعمال وصحفيون وفنانون من أجل التغيير في العديد من الأقطار العربية.
12- إننا في المؤتمر القومي العربي وفى كلّ المؤتمرات والأحزاب والاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني مطالبون بواجبات جديدة وجادة تنظم فيها حركة جماهيرنا ونساعدها على ترشيد مسارها وتوحيد أهدافها والتنسيق فيما بينها عبر مختلف أقطار الأمة من خلال عمل مؤسسي جاد - لا يقوم على المصادفة ورد الفعل والعمل التطوعي بغير ضوابط أو الموسمي. وكذلك خلق وتنظيم وتشجيع أشكال النضال الجماهيري المبتكرة ومشاركة الجماهير في حركتها دون استعلاء أو السكون إلى ادعاء القيادة الوهمية.
كما إننا في حاجة إلى امتلاك خطاب سياسي - فكري - اجتماعي - ديني - جديد، يتسم بالبساطة والوضوح ويخاطب الجماهير بلغتها ويساعدها على أن ترى ما يصادفها في حركتها من عقبات فتتجاوزها وتنير لها الطريق لرسم خطط وسياسات مستقبلية تأخذ في الاعتبار متغيرات العصر والبيئة وفى ظلّ وعي راق بأمنها القومي العربي ونضالها المشروع والممكن من أجل وحدتها عبر وسائل وآليات ومراحل تتسق وظروفها الراهنة ولا تعطل تحقيق مصالحها الآتية أو تمكن العدو من اختراق صفوفها. وفى هذا الخصوص لا بُدَّ أن نناشد المفكرين والفنانين والباحثين والكتاب العرب وقيادات المجتمع المدني من أن يضطلعوا بمسؤوليتهم التاريخية وأن يخلعوا ويعزلوا من بين صفوفهم عملاء الخارج والداخل.
13- إن من ينظر إلى الكرة الأرضية لقرن كامل من الزمان لن يجد أمة واجهت ما واجهته أمتنا العربية من أزمات. ولن يجد في المقابل أمة ناضلت وضحت ومازالت مثل الأمة العربية. أمة هذا حالها وهذا تاريخها. لا يمكن إلا أن تنتصر في النهاية على أعدائها.
14- فلنرفع كلنا شعار المقاومة سياسة وثقافة ولنواجه كلنا متحدين نظم الاستبداد والفساد والتبعية، ولنحارب في أنفسنا عيوبنا لكي لا نتشبه بخصومنا فنمارس مسؤولياتنا بحرية وديمقراطية وتداول سلمي للسلطة.
15- وفى النهاية لا بُدَّ أن نواجه الحقيقة القائلة أن ذلك يحتاج إلى راع ومرجعيّة قومية. ودعماً قومياً مادياً وإعلامياً ومعنوياً. يشيد هذه المؤسسات ويكفل لها القدرة على مواجهة المؤسسات الصهيونية وأن يكون في طليعة ذلك مركز دراسات الوحدة العربية أكاديمية علمية جماهيرية فكرية وسياسية واجتماعية وفنية مغذية لهذا النضال بما يساعده على امتلاك العقل الواعي والوجدان السليم والإرادة التى تحقق الانتصار.
|