المؤتمر القومي العربـي
ARAB NATIONAL CONFERANCE
بيــان الى الامة
صادر عن المؤتمر القومي العربي الرابع عشر
المنعقد في صنعاء – اليمن 23-26 حزيران/يونيو 2003
في رحاب اليمن السعيد، وفي صنعاء العرب، وبضيافة كريمة من المؤتمر الشعبي العام، انعقدت الدورة الرابعة عشرة للمؤتمر القومي العربي من 23 الى 26 ربيع الثاني 1424هـ، الموافق 23 الى 26 حزيران 2003 م.
وفي الوقت الذي وجه فيه المؤتمر تحيته لليمن، قيادة وحكومة وشعبا ، على استضافته هذه الدورة، فقد اطلق عليها تسمية دورة الشهيد جار الله عمر، عضو الامانة العامة للمؤتمر، تأكيدا منه للرفع من شأن التعددية السياسية ومن ثقافة الحق في الاختلاف وقبول الآخر ورفض الالغاء والاقصاء والاستئصال
مقدمة
ينعقد هذا المؤتمر في ظل الهجمة الامريكية الصهيونية الموغلة ضد الامة العربية، تنفيذا للمخطط الاستعماري الجديد في ظل عجز عربي رسمي معلن، ومقاومة شعبية صامدة ومتصاعدة، وهو ما سبق للمؤتمر القومي العربي ان نبه اليه. وفي هذا السياق يأتي الاحتلال العسكري الامريكي البريطاني للعراق، وحرب الابادة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، والمساعي الامريكية لاجهاض انتفاضته ومقاومته عن طريق فرض المزيد من الاستسلام على النظام الرسمي العربي، ومحاولة الاجهاز على المقاومة في لبنان من خلال الضغوط السياسية والديبلوماسية والاعلامية، مع التهديد باللجوء الى استخدام القوة العسكرية ضد سوريا ولبنان.
ويتوازى ذلك مع الهجمة الثقافية التي تحاول قلب المفاهيم وفق الاستراتيجية الامريكية ، التي تجعل من الارهاب والاجرام والاحتلال تحريرا وسلاما وسعيا الى جنَة الديمقراطية، ومن المقاومة والدفاع عن الوجود والهوية ارهابا، ومن طمس الهوية العربية وتحويل التنوع الثقافي الاجتماعي الذي شكل عناصر غنى لهذه الهوية وللتراث ،الى مصدر للتناحر والتفرقة والانقسام، بل والى صياغة مناهج تعليمية تنتزع روح الانتماء الواحد وتقتل في المواطن العربي أي نزوع نحو الممانعة والمقاومة والتوحد في مواجهة الاعداء.
كما ينعقد هذا المؤتمر في وقت انعقد فيه منتدى دافوس الاقتصادي في البحر الميت في الاردن، وبحضور ممثلين لحكومات ومؤسسات عربية جنبا الى جنب مع ممثلي الكيان الصهيوني والحاكم العسكري الامريكي للعراق، في محاولة امريكية – اسرائيلية لاستثمار مناخ الهزيمة والاحباط السائد في بعض الاوساط العربية بهدف احياء "الشرق اوسطية، والشمال افريقية" وتكريس التطبيع مع الكيان الصهيوني، واسباغ الشرعية على الاحتلال الامريكي للعراق عبر مشاركة الحاكم الامريكي للعراق في هذا المؤتمر.
وعلى الرغم من قتامة هذا المشهد، فان ثمة ايماضات آخذة في تبديد الظلمة، تؤذن ببزوغ فجر جديد لحركة تحرر عربية متجددة، تتجلى في استمرار وتصعيد المقاومة في فلسطين بالرغم من كل المعيقات وارتفاع التكاليف والتضحيات، وفي صمود المقاومة اللبنانية امام التهديدات المتزايدة، وانتفاض الشعب العراقي منذ اللحظة الاولى والذي برز في المسيرات الشعبية المتواصلة، وبزوغ بشائر المقاومة المسلحة المتصاعدة ضد الغزاة يوما بعد يوم.
كما ان الاستسلام الرسمي العربي قوبل بانتفاض الجماهير العربية الذي وان تقلص بسبب احتلال العراق، فان ذلك لا يمكن ان يعد إحباطا، بل كمون نحو توهج جديد أشد وأفعل، فهذه الجماهير التي لم تنجح المحاولات المتعمدة لترسيخ فكرة الهزيمة في وجدانها ستبقى متمسكة بروح المقاومة والتصدي.
وقد اكدت الاحداث الاخيرة وتداعياتها، ان الاستبداد السياسي يسهم في تعطيل قدرات الامة على الصمود والمقاومة وفي توفير شروط الانفلاتات غير المحسوبة، وان انتقال انظمة الحكم العربية الى الديمقراطية وتوسيع مجال الحريات، بما فيها حرية التعبير والمشاركة السياسية، لم يعد مجرد حق بديهي للمواطن العربي، وانما شرطا اساسيا من شروط القدرة على ادارة الصراع، وصون الامن القومي، وعلى التقدم والنمو فضلا عن الاستمرار في الوجود.
وهذا ما يطرح التساؤل الكبير حول بعض ما يجري في الساحة العربية من محاولة استغلال بعض الاحداث الامنية للانقضاض على اليسير من الحريات والحقوق المتوفرة في البلاد العربية، مع الانسياق وراء منطق "معي او مع الارهاب " من طرف بعض الانظمة وبعض النخب العربية، والسقوط في فخ الارهاب الفكري ومنطق الاقصاء والاستئصال وخلق شروط الفتنة الداخلية.
ان المؤتمر يعتبر ان الاملاءات الامريكية ليست قضاء، وان الكيان الصهيوني ليس قدرا، وان الامة العربية تزخر بطاقات قادرة على التحرير وعلى مواجهة كل التحديات، وبامكانات كفيلة ببناء مستقبل افضل.
في المشهد العالمي، الامريكي تحديدا
ان ما يدعى الان الامبراطورية الامريكية قد وجدت تجلياتها المعاصرة طريقها الى النور مع نهايات الحرب العالمية الثانية. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية فسح المجال واسعا لتفرد الولايات المتحدة بالقرار الدولي في اطار سعيها لايصال مشروعها الامبراطوري الى خاتمته في السيطرة على العالم.
يشكل الوطن العربي والعالم الاسلامي الاولوية على اجندة تنفيذ هذا المشروع . فهما المصدر الاساسي لمنابع الطاقة التي تزداد حاجة الولايات المتحدة اليها لكونها وسيلتها الحاسمة في سعيها الى السيطرة على القوى ذات الاحتمال التنافسي.
في اطار هذا المشروع تأتي اهمية الكيان الصهيوني بوصفه كيانا تابعا لهذه القوة الامبراطورية. وكان عام 1990 مهما في تقدم صاحب المشروع في نقلة ظنها حاسمة نحو استتباع هذه المنطقة وتطهيرها من عناصر الممانعة، فكانت القواعد والتسهيلات العسكرية في الدول العربية، والحرب على افغانستان والعراق، وتطويق ايران، ومحاولة ازالة العائق الفلسطيني عبر مدريد واوسلو وتوابعهما، لكن الفشل في تحقيق هذه الاهداف قاد المؤسسة الحاكمة الامريكية نحو المضي الى نهايات دموية على المسرحين العراقي والفلسطيني.
ولقد كان حراك القوى الاجتماعية في الداخل الامريكي والاهمية المطلقة للوضع الاقتصادي الداخلي لدى المواطن الامريكي قد فرضا إبعاد شريحة اليمين عن اعنة الحكم نهاية 1992 والمجيء بالحزب الديمقراطي الذي استطاع لسنوات ثمان ان يؤجل الاستحقاق الاقتصادي الكبير وادى هذا الوضع الملتبس الى اعادة السلطة بوسائل الاحتيال والغش الى يد معسكر اليمين المتصهين بكل اتجاهاته صاحب المشروع الامبراطوري.
ان هذه المنظومة رأت مع مطلع القرن الجديد ان هناك فرصة سانحة استباقية لتعزيز الامبراطورية وتأييدها بالقوة الباطشة، وكان منطق هذه المنظومة ينطلق من ان الولايات المتحدة انتقلت من اقتصاد منتج بالاساس الى اقتصاد يطغى عليه قطاع المعلوماتية والخدمات، وان حجم الدين التراكمي (الحكومي والشخصي والشركات) هو (44 تريليون دولار)، وان الصين مقبلة على ان تصبح قوة مهددة بكل معنى الكلمة، وان روسيا بدأت تخرج من عنق الزجاجة وسائرة الى نهوض ذي افاق واعدة، وان اوروبا التقليدية بسوقها المشتركة وعملتها الموحدة تتحرك صوب استقلال يرفع عنها طوق الحماية والتبعية وان الولايات المتحدة تصبح في أقل من عقدين معتمدة اعتمادا حاسما وبنسبة 70% على مصادر الطاقة الخارجية وبالتحديد النفط في الدول العربية الاسلامية
لذا كان من الضروري قصم ظهر الوطن العربي والعالم الاسلامي حتى يتحول الى عبودية لقلعه الامبراطورية المتقدمة في الشرق "اسرائيل".
ان ارتفاع تكلفة صيانة الامبراطورية وازدياد ممانعة القوى المنافسة المحتملة تجعل من التعزيز والتأبيد مسألة تفوق الاحتمال رغم كل ملامح القسوة الشرسة في طلبها، ذلك ان فرط التمدد يقود الى فرط الانكشاف ومن ثم السماح لعوامل الحث والتعرية في ان تفعل فعلها حيث ان المجتمع الامريكي بتنوعه وفورانه ليس بالضرورة سندا ظهيرا قابلا للاستدامة رغم كل محاولات التخويف والتدجين والاستلاب تحت يافطات الحرب على الارهاب بما تعنيه من حرب على العرب والمسلمين.
لذلك يرى المؤتمر ضرورة العمل على :
1- انشاء مركز عربي لدراسة الشؤون الامريكية داخل الولايات المتحدة الامريكية، يتولى تشريح المسرح السياسي والاجتماعي الاميركي ودراسة آليات عمله ودوافعه وعلاقات قواه وطرائق صنع القرار وتوفير فهم افضل لهذا المشهد المركب والبالغ التعقيد، واعتبار هذا المركز هو المدخل الاجدى والاصح في هذه المرحلة لتأسيس عناصر قوة ضغط وتأثير متدرج وممكن في صياغة القرار الرسمي الامريكي.
2- العمل على بناء علاقات وتعاون بين مراكز الابحاث العربية والاسلامية في الولايات المتحدة وبينها وبين نظائرها في اوروبا والوطن العربي.
3- تفعيل دور الجالية العربية والاسلامية في الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وكل دول الغرب، والتركيز على دعمها للقضايا العربية بعيدا عن النزاعات القطرية، وادراجها في الحياة السياسية العامة من خلال النضال من اجل قضايا المواطنة، وتعزيز الصلات مع الجماعات القومية ذات الحضور الفاعل، وذلك من خلال اقامة هيئة عالمية لعرب المهجر وحث الدول والمؤسسات العربية بانشاء صحف ووسائل اعلام باللغات الاجنبية تكون موجهة للشارع وللرأي العام الغربي.
4- الاهتمام بتعزيز العلاقات مع الكنائس والجمعيات والمنظمات غير الحكومية التي عبرت بمواقفها عن مناهضة الحرب الاميركية على العراق وتساند القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
5- تفعيل وسائل مقاطعة المصالح الامريكية وتعزيز تبادل المعلومات وسبل التنسيق بين هيئات المقاطعة في الوطن العربي، وتبني العديد من التوصيات والاقتراحات التي قدمها العديد من اللجان والهيئات الشعبية العربية المناهضة للصهيونية والتطبيع والمقاومة للعدوان الامريكي الى المؤتمر، وفي مقدمها انشاء صندوق مالي لدعم انشطتها واطلاق موقع على شبكة الانترنت لتبادل الخبرات والمعلومات بينها، واعداد تقرير سنوي عن انشطتها، بالاضافة الى تشكيل لجنة خاصة في الامانة تهتم بدعم ومتابعة هذه الانشطة .
6- السعي الى سحب الودائع من المصارف الامريكية لكونها باتت سلاحا ضد مصالح العرب، وهو ما يتطلب خلق فرص الاستثمار في الوطن العربي والعالم الاسلامي التي لا بد لتوفيرها من اقامة استقرار قانوني - سياسي يشكل ضمانات وافية لرأس المال.
7- تحويل شعار لا "للقواعد الاميركية في البلدان العربية" الى شكل من اشكال الجهاد والمقاومة والضغط على الحكومات العربية كي تطلب من الولايات المتحدة سحب هذه القواعد، والجلاء التام عن كل الاراضي العربية وموانئها ومياهها الاقليمية.
8- دعوة قوى الامة الى تعميق مقاومتها لظاهرة العولمة المتوحشة والى التواصل والتفاعل مع الحركة العالمية المناوئة للهيمنة الرأسمالية وتطوير علاقات التحالف مع شعوب العالم.
9- مواجهة الاطروحات والايديولوجيات العنصرية التي تحاول ان تضع العرب والمسلمين في مواجهة الشعوب وابناء الاديان الاخرى والتنبه لخطورة استخدام مصطلحاتها في توصيف العلاقات بين الدول والشعوب والحضارات والاديان، وكذلك مواجهة المحاولات الامريكية الرامية لاستثمار النتائج العسكرية للعدوان على العراق لاشاعة اجواء الاحباط والهزيمة على المستوى النفسي والسياسي والثقافي.
10- توجيه التحية الى كل الدول والشخصيات والمنظمات والهيئات العالمية التي تتخذ مواقف مشرفة تجاه قضايانا العادلة وتواجه التضليل والعدوان الصهيوني والامريكي ضد امتنا.
القضية الفلسطينية:
ينعقد هذا المؤتمر والقضية الفلسطينية تتعرض لاكبر مؤامرة تستهدف تصفيتها وتحقيق الحلم الصهيوني باقامة "اسرائيل الكبرى". مؤامرة تحبك خيوطها في المختبرات الصهيونية ويعمل على تنفيذها قادة الاجرام الصهيوني على الارض، والارهاب الامريكي سياسيا، وبالدعم العسكري المنقطع النظير، وباستخدام معلن لبعض الانظمة العربية.
وفي هذا الاطار يعتبر المؤتمر ان "خريطة الطريق" ليست الا محاولة لاجهاض الانتفاضة والمقاومة في فلسطين اللتين اظهرتا، على الرغم من ارتفاع حجم التضحيات وقساوة المعاناة، قدرة هائلة على هز الاسس الوجودية للكيان الصهيوني، من خلال وضعه في مازق حقيقي تجلى في اكثر من صعيد، وكان الاشد ظهورا الصعيد الاقتصادي، والصعيد الامني الذي يعد قوام الكيان.
ويرى المؤتمر ان الرهان الرسمي الفلسطيني والعربي على ان الخضوع للاملاءات الامريكية والاستجابة للشروط الصهيونية من شأنهما انجاح "الخريطة" نحو اقامة دولة فلسطينية، ليس في الحقيقة الا سرابا تكشف حقيقة تلاشيه الوقائع اليومية للعدوان الصهيوني والتبني الامريكي الكامل للمشروع الصهيوني.
ومن هنا، يرفض المؤتمر الخطاب الانهزامي التراجعي الذي وسم الموقف الرسمي العربي والفلسطيني في قمتي شرم الشيخ والعقبة، حيث لم يدافع هذا الموقف عن قرارات القمم العربية السابقة فيما يتعلق بالتفريق بين المقاومة والارهاب ودعم الشعب الفلسطيني، ورفض التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية، ورفع الحصارعنه وعن قياداته المنتخبة، والدعوة الى الافراج عن كل الاسرى والمعتقلين، وشجب الاعمال التي ترتكبها سلطات الاحتلال مثل الاغتيالات، والاعتقالات، وتجريف الطرقات والاراضي الزراعية وهدم البيوت فضلا عن تراجع عن المواقف الرسمية العربية ازاء المواقف الاخرى، والذي بلغ في انحداره حد قبول الشروط الصهيونية باعتبار المقاومة ارهابا وتبنيَ وضع حد نهائي لها ولبنيتها، حتى قبل الشروع في العملية التفاوضية التي حدًد مآلاتها المسدودة واقع المشروع الصهيوني الرامي الى السيطرة على ارض فلسطين كاملة.
ويعتبر المؤتمر ان هذا الخطاب تزييف لطبيعة الصراع بين احتلال غاشم ومقاومة مشروعة، وتشريع لانقسام اهلي تدفع الادارة الامريكية والكيان الصهيوني باتجاه ان يكون احترابا دمويا.
لقد جعل هذا الخطاب للنظام الرسمي او السلطة القائمة وظيفة قمع الارادة الشعبية المقاومة وتلبية مقتضيات استقرار الاحتلال مقابل رهانات على تسويات، ثبت في اكثر من تجربة، فشلها في استعادة ادنى الحقوق، وبخاصة حق عودة اللاجئين الى ديارهم التي شردوا منها واقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
واذ يتخذ هذا الخطاب مما يصفه تغييرا استرايجيا كتبرير للمسلك التراجعي الانهزامي، فانه لم يتوان عن الالتزام بالذهاب بعيدا في احتمالات الاحتراب الذاتي، وكأن القدرة على خوض الصراع مع العدو ملجومة، اما الرغبة في قمع الذات وجبهَها فجياشة.
ان المؤتمر يرى ان المنطق الذي يحتكم اليه الموقف الرسمي العربي والفلسطيني بشكل عام، هو منطق لا يستوي ومعطيات التحليل الصحيح للموقف السليم، كما لا يستفيد من تجارب الماضي القريب والبعيد وخبرات النضال الوطني الفلسطيني الغنية والمتعددة.
وما يؤكد خطورة المنحى الصهيوامريكي ما اعلن عنه في مؤتمر العقبة حول الدولة اليهودية والتي تجسد المنحى العنصري للكيان الصهيوني واستهداف عرب فلسطين 48، مسلمين ومسيحيين، وفلسطينيي الشتات، بما لهم من حق ثابت في العودة الى ديارهم، وبروز مفارقة الاصرار على الدولة الاحادية الهوية الدينية في زمن العولمة الثقافية المزعومة.
لذا فان المؤتمر اذ يعرب عن تأييده المطلق لخيار الشعب الفلسطيني المنتفض وفصائله المقاومة، في مواصلة العمل الجهادي، فانه ينبًه الى خطورة انجرار من هو في موقع السلطة الى التحول الى اداة لحماية الاحتلال عبر تفجير الحرب الاهلية .
ويعرب المؤتمر عن ثقته العميقة بان اخوة الجهاد والاستشهاد ، والكفاح والالم، والمقاومة والنضال، قد صاغت وحدة وطنية فلسطينية عصية على الكسر، وقادرة على اسقاط كل المراهنات التي تستهدف زعزعتها.
ويؤكد المؤتمر ان المواجهة القائمة في فلسطين لا تنفك عن الحملة الامريكية – الصهيونية على سوريا ولبنان مستهدفة حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية.
ان الحملة ذات المنحى التصاعدي ضد حزب الله في لبنان، هي جزء من الحملة الهادفة الى القضاء على ارادة المقاومة في الامة، وعزل الشعب الفلسطيني عن الدعم الذي يقدم اليه.
ان المؤتمر اذ ينوه بصمود المقاومة في فلسطين ولبنان، وصلابة الموقف السياسي الرافض الخضوع للاملاءات ، يتوجه الى الامة داعيا اياها لادراك مسؤولياتها الجسام حيال المعركة الجارية.
ان تراجع الموقف الرسمي ومحاولة عزل الشعب الفلسطيني ينبغي ان يقابل بانتفاضة شعبية عارمة واندفاع قوي لتقديم كل اشكال الدعم للمقاومة الفلسطينية، ورفض كل المحاولات الهادفة الى تجفيف مواردها لا سيما في مقررات شرم الشيخ الاخيرة.
ويعتبر المؤتمر ان اللحظة الراهنة ما عادت تحتمل تهاونا وتراخيا، واستكانة، وان التحرك الشعبي بقدر ما يكون قويا، بقدر ما يلجم الانزلاقات السلطوية.
ان المؤتمر اذ يستهجن التجرؤ الاجرامي على حقوق الانسان حين تستهدف الادارة الامريكية الجمعيات الخيرية التي تدعم شعب فلسطين مما يعرض عشرات الالوف من العائلات من شيوخ ونساء واطفال للمجاعه والظلم. فانه يدعو جماهير الامة وكل اهل الخير، للتبرع للجمعيات الخيرية العاملة لفلسطين، وعدم الخوف من الادارة الامريكية بل وتحديها، ويحذر كل مسؤول يخضع بمهانة وذل للضغوط الاميركية الى قطع لقمة الخبز وجرعة الدواء، عن افواه اطفال فلسطين وشعبها.
ويعتبر المؤتمر ان احدا لا يمتلك التنازل عن حق العودة الى كل فلسطين باعتباره حقا فرديا وجماعيا، وطنيا وقوميا، كما يعتبر المؤتمر ايضا ان احدا لا يمتلك التفريط باي حق من الحقوق الوطنية والسياسية الثابتة للشعب الفلسطيني، ويحذر من أي انصياع للمطلب الامريكي الصهيوني بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني ويؤكد ضرورة مقاومة كل اشكال التطبيع مع العدو.
ويدعو المؤتمر الى :
1. وضع برنامج عربي شامل لاسناد الشعب الفلسطيني المقاوم بالوسائل كافة، وبذل كل ما يحقق ما يوجب فك الحصار العربي عن الشعب الفلسطيني، وذلك في اطار استراتيجية عربية متكاملة تحدد دور المقاومة الفلسطينية والجماهير والحكومات العربية في تحقيق اهداف النضال العربي من اجل تحرير فلسطين واستعادة الحقوق العربية.
2. مقاومة كل محاولات تهويد القدس والاعتداء على مقدساتها الاسلامية والمسيحية وتدمير ملامحها، ودعم صمود اهلها وتمسكهم بأرضهم ومقدساتهم.
3. التضامن مع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب والكشف عن مصير المفقودين في سجون العدو الصهيوني وتقديم العون لهم بالوسائل كافة، وتشكيل لجان وطنية للدفاع عنهم في كل الاقطار العربية ودول العالم.
4. دعم الصمود العربي الفلسطيني لفلسطينيي 48 على النحو الذي يحمي هويتهم وحقوقهم واعادة النظر في التعاطي الرسمي معهم على طريق احتضانهم والتفاعل معهم وتقدير صمودهم وتمسكهم بهويتهم الوطنية والقومية.
5. السعي لتشكيل لجنة عربية لمتابعة حق العودة لكل ابناء فلسطين الى ديارهم وممتلكاتهم، والتنبه الدائم الى الترابط الوثيق بين المطالبة بحق العودة والتمسك بمبدأ التحرير.
6. دعم سوريا ولبنان في مواجهة التهديدات الاميركية الصهيونية وحماية المقاومة، ودعم الحق في تحرير الجولان وما تبقى من الجنوب اللبناني المحتل، ودعوة الدول العربية والاسلامية الى الوقوف الى جانب الدولتين الشقيقتين.
7. تثبيت مصطلح الصراع العربي – الصهيوني في الخطاب السياسي العربي... فمسؤولية الدفاع عن فلسطين هي مسؤولية قومية.... والمشروع الصهيوني لا يستهدف فلسطين فقط،بل كل الامة العربية.. وفلسطين هي قاعدة انطلاق هذا المشروع.
8. التمسك بشعار التحرير لان الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لا ينتهي الا بالتحرير ولانه لا عودة بدون التحرير فالعودة حق غير قابل للتصرف بموجب شرعة حقوق الانسان والقرارات الدولية.
العراق
في اطار المخططات الامريكية، المعلن منها والخفي، وفي تناقض كامل مع ارادة المجتمع الدولي، جماهير وانظمة، قام الحلف الامريكي البريطاني بعدوانه الارهابي ضد العراق، وارتكب كل انواع الجرائم من تقتيل لالاف العراقيين بمختلف اسلحة الدمار، وتدمير لبناه التحتية، وابادة عمدية للتراث الحضاري والثقافي والانساني، واستهداف للعلماء، وسيطرة على الخيرات، واجهاز على العمق العربي الاستراتيجي للامة في صراعها مع العدو الصهيوني. ثم احتلال عسكري مع ما رافقه من بطش وتجويع واذلال وحرمان من الضروريات الاساسية من ماء وكهرباء ودواء، ومحاولات حثيثة لدفع ابناء العراق الى الاقتتال الداخلي، واستخدام اليورانيوم المنضب وما يؤدي اليه من امراض سرطانية تدوم لمدد طويلة ،وهو ما يوضح سلامة المواقف والتحاليل التي ابداها المؤتمر القومي العربي طوال المراحل السابقة حين نبه الى ان العدوان الامريكي المرتقب ضد العراق يستهدف وحدة هذا البلد وسيادته وسلامته وامن مواطنيه وموارده الطبيعية ودوره الهام في الامة، كما يستهدف الامة العربية والاسلامية بأسرها.
لكن الشعب العراقي فاجأ الغزاة بانتفاضه الفوري وانطلاق مسيراته المليونية الرافضة للاحتلال، والمؤكدة على ضرورة الوحدة الوطنية، وباندلاع المقاومة التي تصاعدت مع مر الايام، مما اربك الغزاة وخلق واقعا جديدا مخالفا لكل الادعاءات والاحتمالات، وهو واقع يتوقف المؤتمر عند اهمية ادراكه وتثمينه والتعاطي الايجابي معه باتجاه المساعدة على تطويره نحو مقاومة وطنية شاملة.
واذا كان الرئيس الامريكي قد اعلن نهاية حربه علىالعراق، فان ما يشهده هذا البلد العربي الهام من مقاومة متسارعة ومتصاعدة على غير مستوى تظهر بوضوح بان حرب العراقيين على الاحتلال الاجنبي قد بدأت.
وبقدر ما كشف العدوان على العراق التواطؤ المكشوف لبعض الانظمة العربية التي لم تتردد في المشاركة الفعلية في غزو العراق،وتقديمها القواعد والتسهيلات العسكرية له، والتي لولاها لما كان للغزاة ان يقدموا على العدوان والاحتلال، بقدر ما خلق حركة عالمية مناهضة لهذا الغزو الفاشي، وفجر طاقات الجماهير العربية التي اصبح الواقع يتطلب تطويرها وإذكاء موقف الرفض ومواجهة الاحتلال لديها.
ولم يمض وقت طويل حتى انعكست تداعيات هذا الاحتلال الاجرامي على مرتكبيه بعد ان انكشف زيف المبررات التي اعتمدوها ، وخاصة اكذوبة اسلحة الدمار الشامل، مما وضع بوش وبلير في قفص الاتهام داخل بلديهما، ومما يفرض ضرورة المطالبة والعمل على محاكمتهما وكل من شاركهما جرائمهما ضد الانسانية في العراق وتحميلهما مسؤولية الدمار الذي الحق بالعراق وما يترتب عليه من تعويضات.
ان المؤتمر يدين احتلال العراق، وكل محاولة لاسباغ الشرعيه المحلية او الدولية عليه او حتى تبريره ، ويؤكد رفضه القاطع لكل ما ينتج عن هذا الاحتلال، ويعتبر ان لا محيد عن التحرير وطرد المحتل وتمكين الشعب العراقي المقاوم من ادارة شؤونه وممارسة سيادته الكاملة دون اية وصاية او تدخل في شؤونه الداخلية لمنعه من الاستغلال الكامل لخيراته.
كما يشدد المؤتمر على ضرورة الانسحاب الكامل للقوات الاميركية والبريطانية المحتلة، داعما لاي جهد عربي ودولي جاد في هذا الاتجاه، كما في توفير الظروف لاقامة حكومة وطنية مؤقتة تسعى لاجراء انتخاب حر لمجلس تأسيسي يضع دستورا جديدا يؤمن اقامة نظام ديمقراطي في العراق.
والمؤتمر اذ يدرك ضرورة اجراء مصالحة وطنية تاريخية شاملة في العراق فانه يعلن عقد العزم على بذل الجهود في سبيل الاسهام في تحقيقها بما تشكله من شرط اساسي لطرد الاحتلال وضرورة بديهية لتحقيق وحدة وطنية قائمة على التنوع الذي اذ يحافظ على خصائص المكونات، فانه يجعل منها اساس بناء العراق الديمقراطي الموحد ، ويجسد حقيقة الهوية الوطنية الجامعة والانتماء العربي.
ان انجاز مثل هذه المصالحة التاريخية هو الطريق لقيام جبهة وطنية عراقية واسعة الفضاء السياسي والاجتماعي وتضم كل القوى التي تسعى لعراق متحرر من الاحتلال، مستقل ديمقراطي متنوع متعدد، وهذا ما يتطلب من كل هذه القوى المناهضة للاحتلال ان تجري مراجعة نقدية جريئة ونبذا صريحا لكل الاساليب والممارسات، كما الرهانات التي افضت الى الوقوع تحت هذا الاحتلال، فالمطلوب من الجميع ان لا يسجن نفسه في مرحلة مهما كانت قاسية، او في صيغ عمل محددة مهما كانت غالية عليه.
ويتطلب هذا كله ان تتبنى الجبهة الوطنية للمقاومة ، وتعلن مسبقا برنامجا واضحا للعراق ما بعد التحرير من الاحتلال، وبمعزل عنه، يتضمن اعدادا لدستور جديد مؤقت يتم الاستفتاء عليه ويضمن تحقيق التعددية السياسية والحريات العامة الرئيسية وضمان حقوق الانسان.
واذ يلاحظ المؤتمر غياب استراتيجيةعربية تؤدي من خلال اجراءات وخطوات محددة الى تسريع انهاء احتلال العراق وبناء دولته الديمقراطية الموحدة ، يدعوالمؤتمر الى تشكيل لجنة من اعضائه لدراسة هذا الموضوع وتقديم توصيات بشأنه الى الامانة العامة للمؤتمر.
كما يدعو المؤتمر الدول العربية والاسلامية المجاورة للعراق الى دعم قوى المقاومة في العراق باعتبار ذلك دفاعا عن النفس ايضا، كما يدعو الامة العربية والاسلامية وقواها السياسية لتنشيط العلاقات مع الشعب العراقي دعما للمقاومة ، مجددا ادانته لكل جهة وفرت تسهيلات عسكرية للعدوان على العراق ناهيك عمن منح قائد القوات المحتلة اوسمة تكريم لا يمكن تفسيرها الا على اساس انها تقدير له على غزو العراق واحتلاله وارتكاب المجازر بحق ابنائه وتدمير بناه التحتية ونهب تراثه وثرواته.
ويدعو المؤتمر الى قيام جبهة قومية واسعة لها فضاء الامة كلها تكون حاضنة للمقاومة العراقية كما الفلسطينية، وتشكل مع الحاضنة الوطنية اطارا لتطوير المقاومة العراقية من مجرد حرب عصابات الى حركة سياسية شعبية تمارس النضال والعمل السياسي باوسع اشكاله.
ان المؤتمر اذ يعتبر العلماء العراقيين ثروة علمية انسانية، يدين ملاحقتهم من طرف الارهاب الامريكي الصهيوني البريطاني، ويدعو الامة الى حمايتهم وتوفير شروط الاستفادة من امكانياتهم العلمية، باعتبار ذلك حقا من حقوق الامة في ارتياد آفاق العلوم والتقانة.
كما ينبه المؤتمر الى مخاطر الوجود الصهيوني المتسلل الى العراق عبر واجهات متعددة، ويدعو الى مقاومتها تماما كمقاومة الاحتلال، داعيا العراقيين الى الامتناع عن بيع اية عقارات او اراض لهذه الجهات الصهيونية، كما الى افشال كل المحاولات الرامية الى نقل النفط والغاز والماء .
واذ ينحني المؤتمر باجلال امام ارواح شهداء العراق، والشهداء من المجاهدين العرب الذين تطوعوا للدفاع عن العراق، فانه يوجه تحية اكبار الى المقاومة العراقية الباسلة والمتصاعدة ضد الغزاة ويحيي كل ابناء العراق الذين رفعوا هاماتهم باباء وشمم رفضا للاحتلال ودفاعا عن الوطن والامة، مؤكدا سعيه للنضال مع كل القوى والمنظمات المعنية من اجل اطلاق حملة عربية ودولية دفاعا عن الاسرى والمعتقلين العراقيين والعرب في سجون قوات الاحتلال الانكلو الامريكي الصهيوني.
الديمقراطية والتنمية والثقافة
ان المؤتمر اذ يعتبر ان التردي في حالة الامة لا يعالجه غير نهوض شامل متعدد الجوانب، فانه يؤكد، بالاضافة الى ما تشكله قضية الامن القومي من ابعاد خطيرة، ان العمل من اجل النهضة يرتكز، على اسس ثلاثة:
1- آلية اتخاذ القرارات في المجتمع (الحالة الديموقراطية، ونظم الحكم).
2- القاعدة الاقتصادية والتكنولوجية الضرورية للتقدم (التنمية ومستوى المعيشة، وتكامل الاقتصاد العربي وتنافسيته مع الاقتصادات الخارجية).
3- ثقافة الامة بما تعنيه الثقافة من حالة عقلية ووجدانية.. بدءا من القيم والثوابت الى تأثيرات التعليم والاعلام، والمثاقفة المتعولمة.
واذ رصد المؤتمر تردي الحالة الديموقراطية سواء فيما يتعلق بالحريات، او غياب المؤسسات الديمقراطية الفعالة وذات الصلاحية، او النصوص القانونية السالبة للحرية والتي تنشأ بموجبها نظم قضائية استثنائية واعتقالات واعتداء على حق الحياة، اضافة لتعطيل طاقات المرأة ودورها الاساسي في البناء والتنمية، فانه اكد على ان الديمقراطية اليوم ليست مجرد صيغة مطلوبة للعلاقة بين الدولة والمجتمع، وبين الحاكم والموطن فحسب، بل انها احد ابرز ضمانات الامن القومي العربي الذي علمتنا الاحداث انه يبقى مهددا بمخاطرالانقضاض عليه، في ظل غياب المشاركة الشعبية واحترام الحريات العامة والخاصة وحقوق الانسان.
واذ يلاحظ المؤتمر الصدام بين اماني الامة في الحرية والتنمية والتقدم من جهة، واولوية الاستمرار في السلطة لدى نظم الحكم بالرغم من الكلفة السياسية الداخلية والخارجية من جهة اخرى، فان المؤتمر يؤكد اهمية احداث التغيير الذي يتيح تداول السلطة لا احتكارها، كما يتيح اوسع قدر من المشاركة في صناعة القرار الوطني، بما يساهم في اطلاق طاقات الامة وابداعاتها وقدرتها على الصمود والمواجهة.
والمؤتمر اذ يدرك ذلك فانه يعتبر ان العلاقة وثيقة بين احتكار السلطة والقرار واحتكار الثروة والمكانة، كما ان العلاقة وثيقة بين فساد يعاث وشفافية تغيب ومحاسبة لا تتم ، ومصادرة للحق في التداول. وبينما تتخذ الحكومات من اخطار الامن الداخلية والخارجية مبررا للقمع وللتراجع عن اليسير من المكتسبات المتوفرة في مجال الحريات والحقوق فانها لم توفر ذلك الامن على المستوى الوطني والقومي بحيث اصبحت التبعية في تزايد مستمر. تضاف لذلك العلاقة المتبادلة بين التخلف – الذي يتم تكريسه – والتنمية الشاملة التي يتم تجاهلها وبين الغياب الديموقراطي.
يرى المؤتمر ان هناك ظروفا مؤاتية لانتقال ديموقراطي واسع، فقدرة الاتصال والمعلومات وانتشار المعرفة، والدعوة العالمية لمجتمعات الديمقراطية عاملان مساعدان على التقدم..
ويؤكد المؤتمر ان الديموقراطية قيمة لا تتجزأ وانها تشمل كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وان مفهوم المساواة لا بد ان يتسع ليشمل المساواة في فرص الحياة وليس مجرد مساواة سياسية.
ويؤكد المشاركون ان الديمقراطية شأن داخلي ولا يمكن استيرادها او الاعتماد في تحقيقها على الاجنبي المحتل.. بل انه من السذاجة ان يتصور البعض ونتيجة للعولمة، ان الديموقراطية يمكن ان تتحقق بدون صراع او نضال وطنيين.
واذ يطالب المؤتمر بالافراج عن كافة السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي في الوطن العربي، فانه يدعو الى اتخاذ مواقف حاسمة من أي نظام عربي ينتهك حقوق الانسان، والى رفض القوانين التي وضعتها او تضعها انظمة عربية بدعوى "مقاومة الارهاب".
كما يدعو المؤتمر الى السعي الحثيث نحو دسترة انظمة الحكم العربية وفق مفهوم الدولة الحديثة : دولة الحق والقانون، دولة المؤسسات والمواطنة الكاملة، دولة الرقابة القانونية والمساءلة الشعبية، وتعزيز القضاء واستقلاله.
ويطالب المؤتمر بتعميم النهج الديمقراطي وتوسيع المشاركة الشعبية وتطوير عمل مؤسسات المجتمع الاهلي والاعتراف بالآخر والتخلي عن فكرة الالغاء والاقصاء.
وينبه المؤتمر الى خطورة الاختراق الامريكي الصهيوني للعديد من المؤسسات الاهلية عبر المعونات المالية المشبوهة، ويطالب بالتصدي لهذا الاختراق.
وقد قرر المؤتمر :
1- تحديد يوم عربي سنوي من اجل الديمقراطية يسمى ( اليوم العربي للديموقراطية).
2- السعي الى انشاء مرصد للديموقراطية في الوطن العربي تابع للمنظمة العربية لحقوق الانسان.
3- رفض مبادرة باول والمذكرة التنفيذية الملحقة بها جملة وتفصيلا، لانها تدخل في استراتيجية الهيمنة وطمس الهوية العربية.
والمؤتمر اذ يلاحظ تأرجح مستويات النمو في الوطن العربي، واذ يسجل تراجع معدلات النمو والتنمية والاستثمار في الاونة الاخيرة، كما يسجل انتشار حالة البطالة في كل الاقطار وانعكاس ذلك على قضية الفقر المقترن "بمركزة الثروة، " يرى انه قد حان الوقت:
1- لان يتبنى كل قطر استراتيجية طويلة الاجل لإحداث تنمية مستدامة بمعدلات مرتفعة نسبيا وان يراعى في هذه الاستراتيجة مبدأ تحقيق عدالة توزيع الثروة وكذلك مبدأ تحقيق اولويات حاجات الامة.
2- ان تتأكد العلاقة بين الديموقراطية وسلطة اتخاذ القرار وبين اختيار مسارات التنمية وتوزيع عوائدها والتصرف في ثروات الامة.
3- مراعاة تحقيق مبدأ التكامل الاقتصادي العربي ، وفي هذا الصدد يؤكد المؤتمر ضرورة تفعيل ما اكدته القمة العربية في بيروت من انشاء منطقة تجارة حرة تكون خطوة نحو سوق عربية مشتركة، فان المؤتمر يؤكد ان المدخل التجاري لا يحقق اهدافه بغير تنمية وتكامل للقطاعات الانتاجية.
من هنا فان المؤتمر يطالب الحكومات كما يطالب القطاع الخاص الذي تنتقل اليه المبادرة بالدخول فورا فيما يمكن تسميته استراتيجية الحد الادنى للتكامل الاقتصادي وللتنمية الشاملة وذلك من خلال قطاعات اساسية مثل: الدواء والغذاء والسلاح والمياه.
4- يرفض المؤتمر دعاوي الشرق اوسطية، والشمال افريقية، ومنطقةالتجارة الحرة التي تدعو اليها الادارة الامريكية باعتبارها مشاريع تعزز التبعية وتدخل الكيان الصهيوني في نسيج المنطقة وتستهدف طمس الهوية العربية وتسهم في القضاء على المشروع العربي لصالح المشروع الامريكي والصهيوني.
5- يدين المؤتمر اقامة أي علاقات مع الكيان الصهيوني ويشدد على مطلب المقاطعة الشاملة لكيان العدو وامريكا وبريطانيا.
وقد توقف المؤتمر امام حلقة حاسمة تتعرض الان لخطر الغزو الاجنبي الكاسح، وهي حلقة الثقافة والتعليم اضافة الى معوقات التقدم العلمي والتكنولوجي.
وفي هذا الصدد فان المؤتمر يدين بشدة كل ما وافقت عليه الحكومات العربية وكل ما اعدته مراكز البحوث والقرار الامريكية من تغييرات في نظم التعليم العربية داعيا الحكومات والمؤسسات البحثية العربية الى القيام بتطويرالمناهج والبحث العلمي انطلاقا من خصوصيتنا وحاجتنا ومكوناتنا الحضارية.
ان واشنطن تتصور انها قادرة على تغيير العقول بالمدافع والدسائس والدولارات وتواطؤ الحكام وقبولهم بما يطرح عليهم، لكن المثقفين العرب والجماهير العربية أثبتت انها قادرة على التصدي لهذه المؤامرات، وسوف تقدم الامة العربية خططها البديلة. لتطوير التعليم وامتلاك التكنولوجيا.
ان ثقافة غربية تذكي فكرة التبعية، لا بد من مقاومتها بتعزيز ثقافة المقاومة.
وفي هذا الصدد فان المؤتمر يؤكد ان الحرية الفكرية والاعلامية هي واحدة من ادوات مقاومة الهيمنة الثقافية ، كما اكد اهمية تجديد الخطاب القومي في اتجاه المزيد من التنوير والتغيير، في اتجاه المستقبل دون الانقطاع عن الماضي، وفي اتجاه بلورة رؤية موحدة لمستقبل الامة تواجه خطاب الانعزال وممالأة العدو والاستغراق في النزعات القطرية والطائفية ونزاعاتها.
العلاقات العربية مع ايران وتركيا
اظهرت تطورات ما قبل العدوان على العراق واثناءه وبعده، ان سياسات الادارة الاميركية لم تكن تستهدف فقط المنطقة العربية، بل كذلك القوى الاقليمية التي عارضت العدوان او التي لم تخضع بالكامل لشروط تنفيذه.
ان اكثر ما يقلق الولايات المتحدة ان تتحرك دول المنطقة مجتمعة وفي اتجاهات غير منسجمة مع السياسات الاميركية ومن هنا كانت محاولات واشنطن المستمرة لتخريب علاقات بينية تلحظ اولوية المصالح الذاتية لدول المنطقة على المصالح الامريكية.
وفي هذا الاطار فان المؤتمر القومي العربي الرابع عشر:
1. يلاحظ التوجهات الجديدة للحكومة التركية وسعيها لاقامة علاقات وثيقة مع العالمين العربي والاسلامي، ولجعل هذه العلاقات احد الابعاد الثابتة في السياسة الخارجية التركية، متوقفا بتقدير خاص امام الموقف التركي من الحرب على العراق والذي جاء افضل من من موقف العديد من الانظمة العربية. ويدعو المؤتمر، في هذا الخصوص، للاستفادة من هذه التوجهات نحو تطوير للعلاقات معها يأخذ بالاعتبار تحقيق المصالح العربية وخدمة القضية الفلسطينية والقضية العراقية.
2. يدعو الى الوقوف في وجه الحملة الامريكية الجديدة التي تتعرض لها ايران ويرى فيها استهدافا لكل الدول والقوى التي وقفت الى جانب نضالات الشعب الفلسطيني، وساهمت بفعالية في دعم المقاومة ودحر الاحتلال الصهيوني من جنوب لبنان .
3. ان استهداف ايران، بعد العراق، هو حلقة من حلقات اضعاف الصمود العربي والاسلامي في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة من تاريخ امتنا ومنطقتنا. ومن هنا يعلن المؤتمر العزم على الاسهام في تعزيز العلاقات العربية – الايرانية وتوثيقها بما يوسع قاعدة الارتكاز لقوى الصمود والمقاومة في العراق وفلسطين ولبنان، وبما يعمق الروابط التاريخية والثقافية بين مكونات الدائرة الحضارية الاسلامية، وبما يسقط محاولات التفكيك والتفتيت الامريكية للمنطقة.
العرب وافريقيا:
على الرغم من ثقل وتنوع مرتكزات الوزن العربي في افريقيا الا انها لم تؤد الى تأسيس قاعدة ارتكاز ينهض عليها مستقبل العلاقات العربية – الافريقية على نحو استراتيجي راسخ.
ومع نهاية الحرب الباردة وصعود ظاهرة العولمة المتوحشة اخذت الاختراقات الامريكية تتطلع الى النفاذ والامساك بمواقع انتاج الثروات والنفط بالتركيز على مناطق البحيرات والقرن الافريقي ومناطق الساحل الغربي لافريقيا بمخزونه النفطي الكبير مع بذل الجهد لاطفاء بؤر الأزمات والصراعات الاهلية المسلحة لتمهيد ارضية الاستقرار السياسي باستخدام سياسة العصا والجزرة المسمومة ونهب الثروات وتوظيف الاستثمارات وفتح الاسواق.
وتظل كتلة المصالح الحيوية بين العرب والافارقة عنصرا جاذبا لبناء اطار للمصالح المتبادلة بين الطرفين الا ان واقع التصدع والوهن الذي يحاصر مؤسسات النظام الاقليمي العربي يحول دون التقدم بخطى راشدة في هذا الاتجاه.
الا ان الرهان يبقى معقودا على منظمات المجتمع الاهلي العربية لاطلاق مبادرات بناءة للحوار والتعاون العربي الافريقي على مستوى نظيراتها الافريقية وخاصة على مستوى المؤسسات الاكاديمية والنقابية واتحادات الشباب والمرأة والطلاب والقطاع الاقتصادي والخاص مع ايلاء اهتمام وافر بدول وسط وشرق وغرب افريقيا لذا:
1. يشيد المؤتمر بمبادرة جامعة الدول العربية ومنظمات المجتمع الاهلي العربية وصناديق التمويل العربية للاسهام في تعمير وتنمية جنوب السودان في مسعى يهدف الى ترسيخ الدور الاقتصادي العربي في الجنوب وعدم تركه فريسة للمنظمات الغربية.
2. يدعو المؤتمر كافة الاطراف الوطنية السودانية لتوحيد جهودها للحفاظ على وحدة السودان وعلى المكون العربي والاسلامي والافريقي في هويته الوطنية في اطار مشروع نهضوي وطني مستقل ومستقر وعلى طريق التنمية الشاملة المتوازنة، ومن اجل صون موارده المائية والطبيعية بوجه الطامعين فيه مشددا على ان قيام نظام ديمقراطي متنوع، يحترم التعددية السياسية والحريات العامة والخاصة وحقوق الانسان يبقى الضمان الاسلم لوحدة السودان ومستقبله..
3. يشدد المؤتمر على دور للجامعة العربية في بذل الجهد لانتشال الصومال من حالة اللادولة والاقتتال الاهلي وتوحيد اراضيه.
4. تعزيز التعاون الاقتصادي والتقني والسياسي بين دول حوض النيل بما يحول دون الوقوع في شراك التوترات والصراعات المائية.
ان المؤتمر القومي العربي الذي يؤكد يوما بعد يوم على نهجه كمؤسسة قومية مستقلة تضع نصب عينيها العمل من اجل الوحدة العربية والديمقراطية والاستقلال السياسي والاقتصادي والتنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية والتجدد الحضاري، يرى ان التحديات الخطيرة التي تواجهها الامة، والحملات المركزة التي تستهدف هويتها القومية ووجودها ورسالتها، انما تتطلب منه ومن كل المؤسسات الاهلية القومية نضالا فكريا وثقافيا وسياسيا وشعبيا متواصلا من اجل درء العدوان، ودحر المحتل، وتحقيق اهداف الامة.
المشاركون
أ. ابراهيم كمال الدين ( البحرين ) رئيس الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع أ. احمد الكحلاوي ( تونس ) أستاذ جامعي / اللجنة التونسية لمساندة فلسطين والعراق أ. احمد بهاء الدين شعبان ( مصر ) اللجنة المصرية العامة للمقاطعة أ. احمد حسين اليماني ( فلسطين / لبنان ) عضو سابق في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د. احمد صدقي الدجاني ( فلسطين / مصر ) كاتب ومفكر سياسي أ. احمد طبارة ( لبنان ) رجل اعمال أ. احمد عبيدات ( الأردن ) رئيس وزراء سابق/ محام أ. احمد ولد داداه ( موريتانيا ) أمين عام اتحاد القوى الديمقراطية/عهد جديد أ. اديب الامير ( سوريا ) لواء متقاعد، رئيس تحرير مجلة الفكر العسكري سابقا د. اسامة محيو ( لبنان ) استاذ جامعي، المدير التنفيذي للمؤتمر القومي - الاسلامي د. اسماعيل الجليلي ( العراق / بريطانيا ) رئيس الجمعية الوطنية للبريطانيين العرب، السكرتير العام لهيئة الجاليات العربية بالمملكة المتحدة د. اسماعيل الشطي ( الكويت ) نائب سابق / عضو الحركة الدستورية الاسلامية أ. اقبال دوغان ( لبنان ) رئيسة المجلس النسائي اللبناني أ. إلياس مطران ( لبنان ) محام د. امة الرزاق حمد ( اليمن ) عضو الامانة العامة للمؤتمر الشعبي العام، عضو اللجنة السياسية والدائمة أ. امجد الكلاس ( سوريا ) باحث أ. اميمه الخش ( سوريا ) كاتبة وروائية أ. امين اسكندر ( مصر ) كاتب أ. امين الغفاري ( مصر / بريطانيا ) نائب رئيس النادي الثقافي العربي – لندن سابقا أ. امين يسري ( مصر ) سفير سابق الاب د. انطوان ضو ( لبنان ) امين عام اللجنة الاسقفية للحوار الاسلامي - المسيحي أ. انعام محمد علي ( مصر ) مخرجة سينمائية د. برهان زريق ( سوريا ) محام أ. جرجي بشير ( لبنان / الامارات ) رئيس فخري لجمعية خريجي الجامعة الاميركية أ. جمال محمد الجعبي ( اليمن ) محام أ. جمال هنيدي ( سوريا ) محام/باحث أ. جميل هلسة ( الاردن ) مدير عام مكتب المحاسبات التجارية أ. حاتم ابو حاتم ( اليمن ) رئيس اللجنة اليمنية لمقاومة التطبيع أ. حاكم الفايز ( الأردن ) عضو سابق في القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي أ. حذام زهور عدي ( سوريا ) باحثة اجتماعية أ. حسان مريود ( سوريا ) وزير خارجية سابق أ. حسن العالي ( البحرين ) مدير تنفيذي في المؤسسة العربية المصرفية الاسلامية أ. حسن الوائلي ( العراق / بريطانيا ) مهندس / عضو اتحاد الطلبة العرب في بريطانيا أ. حسن عبد العظيم ( سوريا ) محام / الأمين العام للاتحاد الاشتراكي العربي في سوريا د. حسن مكي ( اليمن ) رئيس وزراء سابق أ. حسين عبد الرازق ( مصر ) رئيس تحرير مجلة اليسار د. حسين عبد الله العمري ( اليمن ) عضو مجلس الشورى، استاذ جامعي أ. حمد حجاوي ( فلسطين / مصر ) الملتقى العربي لمواجهة الصهيونية أ. حمدين صباحي ( مصر) نائب أ. حياة التيجي ( المغرب ) باحثة في العلوم السياسية أ. خالد السفياني ( المغرب ) محام/ منسق مجموعة العمل الوطني لمساندة فلسطين والعراق أ. خالد رمضان ( الاردن ) ناشط في القضايا القومية أ. خالد شوكات ( تونس / هولندا ) صحفي أ. خالد عمر ( اليمن / مصر ) عضو مجلس امناء ملتقى الشباب العربي أ. خليل بركات ( لبنان ) محام، عضو قيادة تجمع اللجان والروابط الشعبية د. خيرية قاسمية ( سوريا ) أستاذة جامعية أ. دينا حسيب ( العراق / مصر ) اقتصادية أ. راشد محمد ثابت ( اليمن ) وزير سابق أ. رحاب مكحل ( لبنان ) المدير التنفيذي للمؤتمر القومي العربي أ. رسول الجشي ( البحرين ) صيدلي/نائب سابق/ رئيس جمعية العمل القومي أ. رفيق مراد ( لبنان ) رئيس حزب الاتحاد أ. رمزية عباس الارياني ( اليمن ) دبلوماسية سابقة أ. رنا احمد غانم ( اليمن ) عضو لجنة مركزية في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري أ. رياض الريس ( لبنان ) صاحب دار نشر د. رياض قاسم ( ل |