بيان صادر عن الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي حول جريمة التفجير في كنيسة القديسين في الإسكندرية:
في الوقت الذي يدين المؤتمر القومي العربي التفجير الإجرامي الذي استهدف كنيسة القديسين في الإسكندرية ليلة رأس السنة الميلادية وأودى بحياة العشرات من أبناء مصر الأبرياء، فإنه يعبّر عن قلقه العميق من تفاقم ظاهرة العنف الطائفي والمذهبي والعرقي داخل مصر وعلى صعيد الوطن العربي، ويرى في هذه الظاهرة، أياً كان المتورطون فيها، خدمة مجانية للإستراتيجية الصهيونية والاستعمارية التي لم تعد تخفي مخططاتها الرامية إلى زرع بذور الفتنة بكل أشكالها، وعلى مستوى الأمة كضمان وحيد لإبقاء هيمنتها وسيطرتها واحتلالها للأرض والإرادة العربية. إن هذا التفجير الإجرامي الذي يستهدف بيت عبادة، والذي يأتي في سياق عمليات مماثلة في العراق وغير العراق، تتويجاً لشحن طائفي ومذهبي وعرقي متصاعد على غير مستوى وفي غير مجال، يحتاج إلى معالجة فكرية وسياسية واجتماعية وإعلامية متكاملة مع المعالجة الأمنية الضرورية في كل اجتماع.
إن هذا المعالجة تتطلب نوعاً من "حال طوارئ" بين نخب الأمة ومفكّريها ومراجعها الدينية وتياراتها السياسية ومنتدياتها الثقافية، تسعى إلى الغوص في أعماق هذه الظواهر واقتراح آليات مواجهتها وبرامج عمل لتجاوزها، تنفّذ بعضها السلطات الحاكمة ( إذا كان بعضها بريئاً بالفعل من مثل هذه الجرائم) وينفّذ بعضها الآخر قوى المجتمع الحيّة المدعّوة إلى الانخراط فعلاً في حملة تحصين مجتمعاتنا على مختلف المستويات.إذا كانت الهبّة الوطنية المصرية التي برزت إثر جريمة رأس السنة الإرهابية، وتمثلت بالإجماع الوطني المصري الرافض للعنف الطائفي، الغريب أصلاً عن تراث مصر وتاريخها الوطني وهويتها الحضارية الجامعة، فإن مثل هذه الهبّة مدعّوة لأن تتحول إلى مسار عمل دائم يعالج كل ثغرة، ويرصد كل إساءة، ويواجه كل فتنة كامنة أو معلنة.كما أن مثل هذه الوحدة الوطنية المصرية التي تجلّت برفض الجريمة الإرهابية بحاجة إلى وقفة عربية شاملة وداعمة لتوجهاتها على كل مستوى، خصوصاً أن استهداف وحدة مصر وأمنها القومي هو استهداف لوحدة الأمة بأسرها ولأمنها القومي بكل مندرجاته، لذلك لم يكن من قبيل الصدفة أن يتحرك العنف الأهلي بكل عناوينه مع التطورات السياسية والإستراتيجية التي أدت إلى تراجع المشروع الوطني والقومي والتحرري أمام المشروع المعادي، احتلالاً كان هذا المشروع، أو هيمنة، أو إذعاناً لاملاءات خارجية، أو إشعال فتن، لتنتشر هنا وهناك.
وأننا في المؤتمر القومي العربي سنسعى مع إخواننا في المؤتمر القومي الإسلامي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية، وفي كافة مواقع الفكر والرأي والفعل في الأمة إلى تدارس عاجل لسبل مواجهة هذه الظاهرة، وتحديد أسبابها ودوافعها، ليصار إلى تحصين شعبي حقيقي في مواجهتها، لأنها ظاهرة منافية لروح الديانات السماوية، ومناقضة لوحدة مجتمعاتنا الوطنية والقومية.
إذ نجدد إدانتنا هذه الجريمة الإرهابية البشعة ولكل الجرائم المماثلة، فإننا نتقدم من ذوي الضحايا والجرحى بأحرّ آيات العزاء، مشاركين إياهم في مصابهم الذي هو مصاب وطن وأمة.
التاريخ: 3/1/2011
|