المؤتمر القومي العربي
ARAB NATIONAL CONFERENCE
المؤتمر السابع والعشرون
19 – 20 نيسان/أبريل 2016
الحمامات - تونس
التوزيع: محدود
الرقم: م ق ع 26/وثائق 6
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستعمار والاستقلال الوطني والقومي **
د. عبد الصمد بلكبير *
* رئيس تحرير مجلة الملتقى، عضو سكرتاريا مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين.
** لا تعبر هذه الورقة بالضرورة عن رأي الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي.
1 - في المفاهيم الإمبراطورية والامبريالية
أ-نظامان سادا في تاريخ العلاقات الدولية.
1-الإمبراطوري: ويشمل مرحلتي ونمطي علاقات الاستعباد (في القديم) ثم الاستقطاع (في العصر الوسيط).
2-استعماري (امبريالي) وهو السائد، انطلاقا من مرحلة توسع نظام الاستغلال الرأسمالي عالميا، وحتى اليوم.
لا يمكن الحديث إذن إلا مجازا، عن الاستعمار قبل وجود الاستغلال وبالتالي، قبل رأسمالية العصر الحديث.
ب-لقد كان هدف الغزو والتوسع وحتى الاحتلال، في الأنظمة القديمة والوسيطة، هو أساسا تأمين طرق التجارة وأسواقها وقوانينها... ولذلك فلقد وفرت لتوابعها سياسيا، درجات عالية من اللامركزية والحكم الجهوي.. والانسيابية في ترقي مراتب الحكم جهويا ومركزيا. وذلك دون تمييز غالبا، وقياسا إلى الكفاءة والمردودية أساسا (بمقاييس النظام السائد طبعا).
ت-كذلك كان الأمر عند البدايات التأسيسية للرأسمالية في العصر الحديث، وذلك إلى حدود فتوحات نابليون، والتي تغيت هدف التنوير وتحرير الشعوب من الأنظمة التقليدية (إقطاعية – كنسية – قبلية – عائلية – طائفية...) وذلك سواء في أوربا نفسها أو خارجها. (وهو نظير ما قامت به الفتوح الإسلامية ضدا على النظام العبودي).
ث-غير أن تأسيس الدول القومية الرأسمالية في العالم الحديث ثم المعاصر، أدخلها في تنافس تجاري، ثم في صراع، اضطرت معه إلى البحث عن منافذ للتوسع، ضاعف من جهته صراعاتها السياسية والعسكرية حول المستعمرات.
لقد كان ذلك مظهرا من أهم مظاهر أزماتها البنيوية، والتي نشأت معها منذ تحولها نحو رأسمالية الاحتكار، ومن تم سيادة رأسمال المالي على بقية قطاعاتها الاستثمارية (صناعية – تجارية – فلاحية...إلخ). وانطلقت بذلك حروبها مع بعضها وحروبها الاستعمارية التوسعية. وتعمقت بذلك علاقات الارتباط العضوي والجدلي بين الاستعمار ومستعمراته، بحيث لا يمكن الفصل عند التحليل بين أوضاعهما ومآلاتهما.
ج-لقد كان التوسع الاستعماري الأوربي، مسألة حيوية بل وأحيانا، مصيرية بالنسبة للرأسمالية، وذلك لترحيل أزماتها الأصلية أو الطارئة: الفلاحة – تصدير رموز الثورة المضادة (=بقايا الإقطاع) – المواد الأولية – الأسواق – اليد العاملة والمرتزقة...
ح- تمكنت بعض الرأسماليات خارج أوربا من النهوض، ومن تم التوسع (اليابان..) بنفس النمط الاستعماري الأوربي، ماعدا المنطقة العربية (مصر خاصة) فلقد وقع الإجماع على منعها من الحالتين.
[ لقد مثل فجر النهضة الرأسمالية في شمال المتوسط، غروبا في جنوبه، وأضحى تقدمهم تخلفا عندنا، وسموق عماراتهم تعميقا لحفرتنا، فالعلاقة منذ ذلك، ليست تنافسا (بحيث تجوز المقارنة) بل علاقة استعمار من جهة وحركات تحرر ووحدة وديمقراطية... في الجهة المقابلة ]
خ- ثمة خصوصية لتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، فهذه المستعمرة في الأصل، تميزت ب:
1-حصولها على استقلالها السياسي، بارتباط مع تحقيقها للديمقراطية من جهة، ولوحدة شعبها وترابها من جهة ثانية. وهو الأمر الذي لم يتحقق لغيرها من المستعمرات بعدها.
2-تمكنها من الانفراد باستعمار القارة الجنوبية من جانب، وبنمط جديد يختلف عن النمط الأوربي التقليدي.
د-ضيق الأسواق مقارنة إلى تعدد المتصارعين على استعمارها، ومن تم بداية التأسيس لرأسمالية التوحش، أديا إلى حربين عظميين في ما بينها. أنتجت نمطين سياسيين جديدين:
1-رأسمالية الدولة في روسيا (ثم في عموم أوربا الشرقية) 2-سيادة نمط الاستعمار الجديد بقيادة أمريكا. وعلى حساب الرأسمالية المتوحشة (ألمانيا) وعموم الدول الاستعمارية التقليدية، وعلى حساب، النمط المباشر للاستعمار التقليدي.
ذ-إن أوربا الغربية أولا، ثم الشرقية تاليا، ستمسي لذلك هدفا للنمط الجديد للاستعمار الأمريكي، خاصة منها ألمانيا (فضلا عن اليابان)، وتلتحق بذلك تدريجيا بالاستراتيجية الأمريكية رغم الممانعة، وحتى المقاومة الفرنسية (دوكول...) وذلك خاصة على الصعيد السياسي-العسكري والمالي ونمط العيش...
ر-لقد ساهمت الرأسمالية الجديدة والسائدة خارج أوربا، في تحرير الشعوب عموما، من نمط الاستعمار القديم (=الأوربي) ولعل آخر الحلقات كانت (جنوب إفريقيا) وجواراتها البرتغالية، ولم يبق منه بارزا سوى (فلسطين).
ز-إن ما يوحد بين المرحلتين من تاريخ التوسع الاستعماري للرأسمالية هو التالي:
1- رهانه (التوسع) على ترحيل أزماتها الدورية (البنيوية والطارئة) نحو مجتمعات ودول وأسواق المستضعفين.
2-ما ينتج عن ذلك من صراع، خفي أو معلن، في ما بين مكوناتها الاجتماعية الداخلية وما بين كياناتها القومية...
3-رهانه على استثمار (أو اصطناع) التناقضات الداخلية للأقطار المستهدفة، خاصة بين المجتمع وإدارة دولته: وبين مكونات المجتمع نفسها، كما بين مكونات إدارة الدولة أيضا.
4-في الحالتين والمرحلتين، تعتبر "المعرفة" (الهيمنة) شرطا ممهدا ومساوقا للسيطرة. والاستشراق لذلك، هو استشراقان: قديم أوربي وقع تجاوزه عموما واقعا ووعيا (إدوارد سعيد) وجديد أمريكي هو الذي يطرح علينا اليوم تحدياته الخطيرة.
5-في الحالتين أيضا، يحاول الاستعمار تلافي الاصطدام العسكري، غير أنه لا يتردد في اقترافه إذا لم يجد منه بدا، إن بشكل مباشر، أو عن طريق وسطاء (مأجورين أو مغفلين).
س-إن الفرق الرئيس بين المرحلتين في الاستعمار، سببه فضلا عن وعي ومقاومات الشعوب، تطور العلم والتقنيات واقتصاديات المعرفة... الأمر الذي تحولت معه مصادر الثروة الأرض (باطنها وما فوقها) والعمل، إلى الإنسان نفسه: وعيا ووجدانا وذاكرة واعتقادا وذوقا...إلخ. فإذا وقعت الهيمنة عليه ثقافيا، سهلت السيطرة على أرضه وثرواته بل وحياته ومصيره نفسه، بما في ذلك موته "الإرادي" (الانتحار بأشكاله المتعددة).
عن ذلك، وبالموازاة له، يندرج ما هو معروف من أساليبه الجديدة:
1-سيادة الدولار الابتزازية، عملة عالمية، تمنع المقايضة، وتفرض المرور من خلالها في المعاملات الاقتصادية والتجارية الدولية.
2-التشجيع على الاقتراض، بل وفرضه أحيانا، والربا الفاحش (والسري غالبا) الناتج عنه.
3-التبادل التجاري غير المتكافئ، والذي تختل موازينه يوميا، وذلك على حساب ما تصدره الأقطار الضعيفة والمستضعفة.
4-القواعد العسكرية والأمنية والإعلامية والثقافية... المبثوثة في جميع أقطارنا الضعيفة أو المستضعفة.
5-الانقلابات العسكرية عند الاحتياج، وتثبيت أو حماية حكام فاسدين... مقابل تهريب ثروات أقطارهم نحو أبناك وأسواق الغرب.
6-المنظمات الدولية المتعددة وقراراتها الملزمة (البنكين الدوليين)، وإذا لم تسعف، فاصطناع ما يسمى اليوم "المجتمع الدولي" بديلا عنها عند الاحتياج.
7-المنظمات الأممية المدنية المعتبرة زورا "غير حكومية" والمسلطة على 47 (فقط) مجتمع ودولة ممانعة أو مقاومة اليوم، وذلك بالنقد والتشهير من جهة، واختراق ما يسمى ب"جمعيات المجتمع المدني" وتحريضها ضدا على إدارات دولها، بدعوى الحرية (لا التحرر) وخاصة للعقيدة / حقوق الإنسان (التعبير والصحافة خاصة لتسهيل استحواذهم عليها / الشفافية (وهل ثمة دولة إذا لم تكن لها أسرار)/ الديمقراطية (الصورية فقط)، إلغاء حكم الإعدام (حماية للعملاء وتجار المخدرات...).
8-وإذا لم يتحقق الهدف، فالحصار الاقتصادي، الجزئي أو الشامل، والأمثلة معروفة...
9-وإلا فحروب الحدود أو الحروب الأهلية من أجل: تقليل الأفواه-تهجير الكفاءات – تخريب الاقتصاد والعمران...إلخ.
10-السيطرة المطلقة على الإعلام (الخبر) وعلى التربية والتعليم، وعلى ما يسمى بالثقافة الجماهيرية: الرياضة – الهندام – السينما – الغناء والرقص...إلخ بقصد نشر أخلاقيات الاستهلاك والتبطل والتخدير...
11-اعتماد اقتصاديات الظلام (المخدرات-تجارة السلاح-القمار-العهارة – الغش - القرصنة والسرقة...) كمصدر رئيس اليوم للأرباح.
12-نشر الفوضى في الثقافة (=المفاهيم) وخاصة في الحقل الديني (=الضمير) وهو تنقيل وتصدير لما يسود بينهم هم أنفسهم، أكثر منه اصطناعا محضا.
13-وإذا لم يفد أي من ذلك في الضبط وتحقيق النفوذ، فعندئذ لا يتردد الاستعمار عن تذكر أساليبه العسكرية القديمة وذلك بالتدخل المباشر، كما حدث في حالات: يوغوسلافيا وأفغانستان والعراق...
14-الرهان على صناعة الدول والكيانات الوظيفية، تشجيعها ودعمها وذلك سواء لمواجهة مجتمعاتها المعارضة، أو خاصة لأهداف استراتيجية إقليمية أو عالمية (أشهرها النمر 6 وخاصة إسرائيل) وهذه هي، غير تلك المنعوتة بكونها وطنية مستقلة (إيران-روسيا...)
15-اختراق مجتمعات الجنوب، المدنية والتقليدية، وخاصة من خلال جمعياتها ونخبها وصحافتها.. وذلك عن طريق شرائها وتدجينها، أو حتى التحالف معها في ما هو مشترك بينهما وذلك خاصة لمواجهة إدارات دولها، سواء كانت هذه: مقاومة أو ممانعة أو حتى تابعة لجهة دون أخرى من أطراف الاستعمار دولا وتكتلات... وذلك بدعاوى الاستبداد والفساد...إلخ (المقصود الإيديولوجيات العولمية يسارية (تروتسكية - فوضوية) أو إسلامية.
ش- وعلى سبيل التركيز واستخلاص أهم الفروق الرئيسة بين الاستعمارين نقول:
1-إن الأول كان يهتم بالثروات المادية أساسا، أما الراهن فهمه السيطرة على الإنسان نفسه: وعيا ووجدانا وضميرا ونمط استهلاك...
2-كان القديم عموما، يوحد الأرض، ويسيطر على الإدارة ويقيم النظام والاستقرار، أما الراهن فيفتت الكيانات ويثير الفتن وينشر الفوضى غالبا، ويبيع السلاح للأطراف المتصارعة.
3-كان يحكم بشكل مباشر، أما الحالي فعن طريق كيانات وظيفية ضعيفة ومصطنعة غالبا، ومن تم بحكام مستبدين وفاسدين... وحتى عملاء.
4-الأول كان يعمر ويشيد ويبني... (الطرق-السكك-الموانئ-المطارات-التعليم والصحة...) وذلك لتسهيل استغلاله وتجارته، أما السائد اليوم فهو فقط يخرب (ليعيد البناء) ويقلل الأفواه بنشر الفتن والتجويع والجريمة والغش والتزوير في الأغذية والأدوية المصدرة والأوبئة...
2 - حقيقة الأزمة الراهنة للرأسمالية.
ليست الأزمات ضارة دائما، أو لنقل إنها مزدوجة الأثر، وذلك حسب مواقع الأطراف منها وفيها، ولأنها تعكس عادة صراعا بين جديد ينبثق، وقديم يعرقل تخلقه. فإن ثمارها تنتهي دائما لمصلحة الإنسانية المقهورة، وذلك حتى لو انفجرت في شكل حروب (عصبة الأمم بعد الحرب I والأمم المتحدة بعد II).
إن الجوهري في الصراع اليوم هو بين:
1-التقدم المتسارع للعلوم والتقنيات واقتصاديات المعرفة... وذلك خاصة بفعل التحاق شعوب ورأسماليات وطنية جديدة إلى حقولها (الصين-روسيا-الهند...) من جهة.
2-والعلاقات الظالمة والمجحفة داخل المجتمعات الغربية من جهة، وبينها وبين شعوب ودول الجنوب المستعمرة وشبه المستعمرة أو التابعة لها.
إن تناقص نسبة العمل في الإنتاج، يؤدي موضوعيا إلى تناقص نسبة فائض القيمة، بالتالي نقص الأرباح، وإذن الإفلاس (بلغ الدين الأمريكي 20 ترليون دولار) وهو الأمر الذي يتم علاجه عن طريق:
1-حالات التضخم والمضاربات (العقارية والمالية خاصة)/ التهرب والغش الضريبيين، ثم الاحتكار (1% يملكون اليوم 70% من ثروات العالم)... الأمر الذي انعكس اجتماعيا في: تآكل الطبقة الوسطى/ البطالة/ العنصرية ضدا على المهاجرين والأقليات/ توسع دائرة الفقر والفقراء/ تهميش النساء والشباب...إلخ. وهو ما يفسر عموما الارتدادات المتلاحقة في الغرب عن حقوق الإنسان والحريات... وانحطاط الثقافة والسياسة والأخلاق والإعلام... وتنقيل كل ذلك نحو دول الجنوب التابعة (=الفوضى).
2-الأزمة دفعت الكثير من الرأسماليين، إلى اقتراف ما يعتبر الخطيئة الكبرى (=الخيانة) في النظام الرأسمالي، ألا وهي الغش والتهرب الضريبيان، الأمر الذي ينتج عنه: ضعف الإنفاق الحكومي لضعف المداخيل الضريبية (خسارة 31 ترليون دولار في أمريكا عام2015)+ إذن المزيد من تعميق الأزمة وعواقبها الاجتماعية (البطالة والفقر..) + بداية تفكك الميثاق الأخلاقي للاتحاد (=العدمية الوطنية) وهو ما يفسر أيضا تصديرها المضاعف (=العدمية...) من قبلهم نحو شعوبنا (نخبتها خاصة).
3-الرهان على ما يمكن تسميته باقتصاديات الظلام (=تجارة السلاح/ المخدرات والخمور/ القمار/ العهارة/ التبييض والتهريب/ التزوير والغش في السلع، خاصة منها الغذائية والدوائية/ الجريمة المنظمة: السرقة – القرصنة – تزوير العملة – الاغتيالات والمرتزقة.. بما في ذلك "صناعة" الإرهاب.
4-الرهان أكثر على الفائض الاقتصادي (عوض فائض القيمة) الناتج عن نهب الشعوب ودول الجنوب (الربا الفاحش/التبادل غير المتكافئ / اصطناع الأزمات لبيع الأسلحة / تهريب الأموال نحو بنوكهم من قبل أتباعهم في دول الجنوب سواء في الإدارة أو القطاع الخاص...إلخ.
5-غير أن المظهر الأخطر للأزمة، هو ما يمكن وصفه بالسفه: إن مجموع الثروة الاسمية المعبر عنها بالأرقام، يضاعف حقيقة الثروة الفعلية للبشرية، ما يعني أن بعض الشعوب والأقطار (الاستعمارية) تستهلك ضعف ما تنتجه. والصراع لذلك اليوم هو حول من يؤدي فاتورة الفرق للخروج من الأزمةيتم ذلك بين القطاعات الرأسمالية الغربية نفسها (المدنية والعسكرية منها خاصة) أو بين أقطارها ودولها نفسها (أمريكا – أوربا – اليابان) أو بينها جميعا في مواجهة الرأسماليات الوطنية الصاعدة (البركس وإيران وتركيا...) وهو ما يفسر جزئيا حالات التخفيض المصطنع لأسعار البترول، وإثارة الحروب وبالتالي ازدهار تجارة السلاح... والمواجهة الأخيرة للجنان الضريبية (سويسرا-بنما...)
6-وما يضاعف من الأزمة، هو هذا الصعود المتسارع لرأسماليات منافسة جديدة وفتية، اجتماعية ودينامية ومناضلة ضدا على الاستعمار قديمه وجديده معا (البركس وإيران خاصة) وأقل استغلالية...
ما المخرج إذن من الأزمة؟ ومن سيؤدي فاتورتها؟ الرأسمالية أم الشعوب؟ ومن بين الرأسماليات أيضا؟
لقد كان الجواب هو نفسه جواب الرأسمالية خلال أزماتها السابقة، إنه ترحيلها نحو المستضعفين، ولا يتم ذلك بغير إضعافهم بقانون "فرق تسد" أولا داخل المجتمعات المستهدفة (تقليدية كانت أو مدنية) ومع إدارات دولها الوطنية، وذلك بهدف السيطرة على ثرواتها الاستراتيجية، المتمثلة خاصة في:
1-القطاع العام (البنكي خاصة) فضلا عن المعادن والبحار والقطاعات المحتكرة من قبل الإدارة: الطيران – النقل السككي – الطرق السيارة...إلخ.
2-صناديق الادخار والاستثمار والدعم الاجتماعي: (التعليم والصحة والسكن والماء والكهرباء والمواد الغذائية الرئيسة...)
3-تحرير الأسواق والأسعار (دون حماية) ورفع القيود الوطنية على الملكية (العقار) وعلى تنقل الأموال...إلخ.
4-تذرير المجتمعات، وتفكيك روابطها التقليدية (الدين والأسرة واللغة) والحديثة (القانون...) وتفجير تناقضاتها الثانوية، أو اصطناعها عند الحاجة وزرع الشك والفتنة بين مكوناتها، وحرمانها من حماية إدارات دولها.
غير أن لهذه القلاع الاقتصادية، حماة مستفيدين (بالفساد أحيانا) من ريعها، أهمهم الجيش والأمن والبيروقراطية، ويستحيل تخصيصها لذلك دون إزاحتهم من الطريق. ومن تم كان استهداف إدارات الدول، خاصة من خلال رموزها القيادية، وذلك بدعاوى كثيرة ومتوفرة فعلا (مع أن استبداد بعضهم لا يلغي بحال وطنيتهم).
لقد كان حقل التجربة الأول لهم، والناجح هو أوربا الشرقية، حيث نجح المخطط، واستقبل التوسع الغربي بالورود من قبل شعوب استغفلتها الدعاية وخذلتها نخبها (الحاكمة أو المعارضة سيان) غير أن المفاجأة أتتهم من المقاومة العراقية الجبارة من جهة، ثم خاصة تقنيات الصواريخ (كوريا-إيران وسوريا) في حرب المقاومة اللبنانية الفلسطينية (2006...) والتي شكلت نهاية لصفحة التدخل المباشر والتقليدي للاستعمار.
كل ذلك وغيره، أنتج ما نحن بصدده، مما يسمى بالجيل الرابع لحروب الاستعمار.. حيث الذكاء والنعومة.. كفيلان بجعل الضحايا يقاتلون الضحايا لأجل: تقليل الأفواه- التخريب الذي ستعقبه أوراش لمقاولاتهم – بيع السلاح – تغيير الخرائط السياسية الموروثة عن الاستعمار القديم (الأوربي) بخرائط جديدة ملائمة للاستعمار الجديد (الأمريكي).. تفكيك الجيوش والإدارات والبنيات الاجتماعية والمجتمعية والثقافية... التاريخية المقاومة... وذلك دون خسارة مالية لم تعد صناديقهم المفلسة ولا شعوبهم وأزماتهم... تتحملها.
وكما كان الاستشراق القديم (المعرفة) شرطا للاستعمار (السيطرة)، فكذلك هو الأمر اليوم، سيتم الرهان على استشراق مخابراتي أمريكي جديد، فاجأ الجميع، وذلك خاصة من حيث الظواهر التالية:
1-إنتاج نخبة محلية (لا وطنية) متشبعة بالقيم الأمريكية أو فقط مأجورة لذلك، وتجمع في أشخاصها ما تفرق في نمط الاستعمار القديم بين المخبر المحلي (الخليع) والمستشرق الغربي، وتمكينهم من وسائل العمل المادية والمعنوية: شهادات/ جوائز/ تعويضات مجزية على المقالات وحضور الندوات والمؤتمرات "الدولية"/ النشر... إلخ وأيضا اختراق جمعيات المجتمع المدني خاصة...
2-اختراق وتوجيه مؤسسات إنتاج وإعادة إنتاج الثقافة: الجامعات- مراكز البحث – دور النشر – الإعلام والصحافة... وتمويلها وتوجيهها بشكل مغرض وبالغ الذكاء استراتيجيا، بحيث لا يحس الباحث أو الإعلامي... بالحرج
أو التناقض...(؟!)
3-الحرب ضدا على القلاع الأهم للمقاومة: الدين (بالتدين والفوضى والتهويد والتمسيح...)/ اللغة الموحدة (بالتدريج والدعوة له)/ الأسرة (تشجيع الطلاق والتطليق-الجنس خارج الأسرة...).
4-الخلط بين الثقافة من جهة والفلكلور والدعاية والاستعراض والفرجة.. والعناية بالجسد على حساب العقل، وتشجيع النزعة الاستهلاكية والمخدرات...إلخ.
5-نشر العدميات الوطنية والأخلاقية والدينية... والفردانية الأنانية والكراهية والحسد والعنف/ والتناحر عوض التنافس، والنزعات الانتحارية (المخدرات القمار ورياضات المخاطرة).
6-إشاعة مفهوم "الآخر" (=الأغيار) ونظرية "النوع" ومن تم "الحق" في الاختلاف بديلا عن واجب الوحدة بين جميع مكونات الأمة: الجنسية والدينية واللغوية والمذهبية والطبقات الوطنية.
7-الحديث عن "السياسة" لا السياسات، واعتبارها "لعبة ولعب": مناورات ومؤامرات وتجارة محترفين "سياسيين" دون مبادئ، وذلك خاصة لإبعاد وتحييد المعنيين بها (الشعب) عن الاهتمام بها وأحرى ممارستها.
8-إحداث تحريف وخلط وبلبلة في المفاهيم والمصطلحات والقيم، أكاديميا أولا، ثم إعلاميا ثانيا، وذلك قبل ومن أجل أن تتجسد فوضى في الشوارع، أهم مجالات ذلك كان التراث الإسلامي من جهة (=برنار لويس) والليبرالي نفسه... وأخطره في الميدان، كان تشخيص المشكلات (ارحل) وبالتالي تشخيص الحل (؟!) بديلا عن طرح برامج سياسية... وطنية واقعية، ممكنة وانتقالية...
9-ولعل آخر المبتكرات المغرضة، هو بداية تعويض الحديث عن الديمقراطية (الانتقال الديمقراطي في الحقيقة) بالحديث اليوم عن الحكامة والشفافية والتخليق... بديلا عنها، لا رديفا مكملا لها.
أما على الصعيد السياسي، فإن أهم ما يميز المرحلة والمنطقة العربية فيها خاصة هو:
1-عقد تحالفات فرعية، تاكتيكية في حقيقتها بالنسبة لأمريكا، مع التيارات والتنظيمات الفكرية – السياسية ذات الطرح العولمي لا الوطني، وذلك سواء على صعيد اليسار (الشعبوية الفوضوية والتروتسكية) أو الإسلاميين.
2-إنتاج أو إعادة إنتاج دول أو كيانات وظيفية ذات توجه استعماري توسعي في المنطقة وذلك للمساهمة في إعادة تخريطها (الشام والعراق واليمن خاصة) وحماية إسرائيل والحيلولة دون البركس وإيران من دخول أسواقها ومجتمعاتها...
3-تقاسم النفوذ مع أوربا في شمال إفريقيا، المحتكرة من قبل تحالف أوربي مع إدارات دولها القطرية.
3 - الآفـــاق:
ما أشبه اليوم بالأمس القريب، لقد كانت الحرب العالمية 2 تعبيرا عن صعود وسيادة الرأسمالية الاحتكارية المتوحشة، وذلك بقيادة النازية الألمانية، والأمر قد تم قبيلها، في نفس شروط اليوم: سيادة رأسمال المالي على بقية القطاعات الرأسمالية، ومن تم الاحتكار واختلال التوازن الديمقراطي لمصلحة ديكتاتورية فاضت عن حدودها الإقليمية ثم القارية.
كل القرائن كانت تؤشر إلى انتصار الهمجية الفاشية على الحضارة، والتوحش على التعقل... لولا انبعاث تحالف العقلاء في قيادة بلدين متباعدين جغرافيا وسياسيا انجلترا (تشرشل) وروسيا (ستالين) فضلا عن المقاومة الفرنسية (دوكول) وجميع الأحزاب الشيوعية الأوربية، وذلك قبل الالتحاق المتأخر لأمريكا (روزفلت) حيث اختلت المعادلة أخيرا لمصلحة انتصار العقلانية والتقدم والدين والنظام... لمصلحة جميع الشعوب، ومارس الجميع نقدا ذاتيا في الميدان، قطريا من جهة، وعلى صعيد العلاقات الدولية (الأمم المتحدة) من جهة أخرى، لمصلحة الجميع: حق الشعوب في الاستقلال، وحقوق الإنسان، ووضع مواثيق ومؤسسات ضابطة لنظامه، وتنازلات اجتماعية من قبل رأسمال للعمل، ومؤسسات أممية للتنمية وللرعايات الصحية والغذائية والثقافية...إلخ.
إن الحروب بجميع أنواعها هي شر مكروه، غير أنها عندما تقع، فذلك دليل على هزيمة القوات الرجعية واضطرارها للكشف عن أنيابها، بعد أن تكون قد خسرت تأثير خطاباتها التضليلية، فتكون حروب المقاومة لذلك، مثل القابلة التي تسهل خروج الجنين الجديد من القديم البالي، ولم يحدث مطلقا في التاريخ أن انتهت الحروب (لا المعارك) لمصلحة الرجعيين.
4 - إن الجديد المطروح والمطلوب في عالمنا الراهن هو:
أولا: إحداث تحولات ديمقراطية في الغرب نفسه، وذلك في اتجاه إصلاحات أهمها: -تضييق الفجوة في امتلاك الثروة بين الأقطار والجهات والطبقات والفئات (الأقليات المهاجرين...) (=العدالة).
-إعادة الاعتبار للقانون، خاصة ضدا على الاحتكار والمضاربة والقمار... والغش والتزوير... إلخ.
-إلغاء تقنين الفساد وضبط المعاملات المالية والبنكية (الجنان الضريبية – الحسابات السرية) واللوبيات...إلخ.
-تشغيل العاطلين من الشباب والنساء والمهمشين والمهاجرين...
-وقف السفه في الاستهلاك، ونتائجه التخريبية على مستوى البيئة والاقتصاد.
-تعميق الحقوق والحريات الديمقراطية.
ثانيا: على صعيد العلاقات الدولية: إصلاح نظام الأمم المتحدة وميثاقها ومجلس الأمن.
-تأكيد حق الشعوب في الوحدة والدولة والاستقلال والسيادة، خاصة على صعيد المعرفة والعلوم واللغة والثقافة، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية الاقتصادية والسياسية.
-تجاوز الوضع الابتزازي والاحتكاري الحالي للدولار "المسلح".
-إلغاء الربا الفاحش، خاصة بالنسبة للبنوك الدولية.
-إلغاء احتكار الإعلام المضلل والكاذب والعدواني.
-فرض عدالة في التبادل التجاري بين الأمم وتشجيع نمط المقايضة فيه.
-وقف تجارة الحروب، بالتالي تجارة السلاح، وسياسة تقليل الأفواه الناتجة عنها.
-مواجهة اقتصادات تخريب الإنسان والمجتمعات: المخدرات – القمار – العهارة – التهريب والتبييض – الغش السلعي والتزوير والأوبئة المصطنعة...إلخ.
إن العدو واحد في الجبهتين، إذ المستغل هنالك، هو نفسه المستعمر هنا، وهو نفسه الذي يرحل أزماته، ويصرفها هنا على حساب دولنا وشعوبنا.
إن معضلات وتعثرات انتقالاتنا الديمقراطية، مرتبطة عضويا وجدليا، بمعضلات وتعثرات التحول الديمقراطي في الغرب نفسه، ولذلك فإن معركة الشعوب المستغلة أو المستعمرة هي واحدة في الحقيقة، ومقاومتنا هنا، هي ما سيرتد عليهم ويُعيد الكرة إلى ملعبهم، ويفرض عليهم الإصلاحات السياسية والاجتماعية والثقافية... التي يتهربون من الاستجابة لها في أقطارهم، عن طريق استعمارنا ونهب ثرواتنا وبذلك يتمكنون من خنق حناجر المحتجين في صفوف شعوبهم: عاطلين ومهمشين ومهاجرين ومفقرين...إلخ.
5 - خلاصات عامة:
1-لأجل التعرف على حقيقة أي أزمة سياسية، يجب البحث عن شروطها الموضوعية، أما التشخيص فهو تحريف للمشكل وتحريف للحل.
2-إن الاستبداد والفساد.. هما بالأساس فرع عن الاستعمار، ولا يتصور لذلك التحالف مع هذا الأخير لأجل محاربتهما.
3-المطروح موضوعيا في ساحاتنا العربية اليوم، هو الانتقال الديمقراطي وليس الديمقراطية، وهو حالة ومرحلة إصلاحية توافقية سلمية، وإن كانت قد تحتاج إلى وسائط "ثورية" أحيانا، قانونها هو: (وحدة – صراع – وحدة) خلاف قانون الديمقراطية الإقصائي: (صراع – وحدة – صراع).
4-يبدو أن جدلية علاقة الإنسان بالأرض في التحرير، أضحت تلح على أهمية تحرير الإنسان أولا من أجل تحرير الأرض وثرواتها ثانيا. الأمر الذي يضاعف من أهمية الجبهة الثقافية، ويعظم من أهمية المثقف والذي هو جندي المرحلة، وليس فقط ضابطها كما كان عليه الأمر بالأمس، ولذلك اهتموا بشرائه أو بالأقل تحييده، وهو ما يفسر نسبيا وضعية ارتباك مقاوماتنا الراهنة.
5-التحرر والتحرير الوطنيين والقوميين، هما شرط الحريات، والحريات الديمقراطية هي سابقة، وشرط لغيرها من بقية الحريات الفردية، ثم إنه لا يجوز الخلط بين هذه الأخيرة وبين الحريات الفوضوية.
6-ليست جمعيات المجتمع المدني بديلا عن الأحزاب ولا بالأحرى عن إدارة الدولة، هي بالأحرى رديف لها ملاحظ عليها ومقترح... لا معارض، كما يحاول الأجنبي إشاعة ذلك، عن طريق تمويلها، وتضخيم أدوارها، وتحريف وظائفها (؟!)
7-لا يمكن أن تكون عالميا وإنسانيا، إذا لم تكن أولا وطنيا وقوميا، حالة سيادة الاستعمار تفرض ذلك، ومن لم تكن له استراتيجية وطنية للنضال، سيجد نفسه يشتغل ضمن استراتيجية خصمه أو حتى عدوه (=الاستعمار).
8-لا يتصور النضال الديمقراطي خارج، وأحرى على حساب النضال الوطني (والقومي). بينما يعتبر النقيض ممكنا، بل وسائدا في وسط الطبقة الوسطى غالبا، حيث نلاحظ أن الكثير من المناضلين الوطنيين والشرفاء، ليسوا ديمقراطيين بالضرورة، الوطنية شرط للديمقراطية، والعكس غير صحيح. فكثير من "الديمقراطيين" ليسوا وطنيين، وذلك مقتلهم مع شعوبهم.
9-لا يجوز بحال أن نستعيض عن الخطاب والمطالب الديمقراطية بما يروح له اليوم عن الحكامة والشفافية والتخليق... هذه ضرورية ولكنها ليست بديلة بحال. ومن تم، فإنه لا يتصور إمكان مواجهة الاستعمار باستعارة برامجه وفلسفته وقيمه ووسائله (؟!)
10-إن العدو الرئيس للاستعمار هو القطاع العام وإدارات الدول الوطنية له. وهو مستعد من أجل تفكيكهما، للتحالف مع أي كان، ولو كان نقيضا له إيديولوجيا واستراتيجيا، وعدوه الأخطر هو الوحدة لا "ديمقراطية" قابلة للاختراق والتحريف... من قبله.. وذلك خاصة من خلال "النخبة" و"محترفي السياسة".
11-إن العرب اليوم، هم الأمة الأكثر استهدافا، وبهزيمتهم سيتغير وجه العالم نحو الهمجية والاستعباد، ومقاوماتهم وتحالفاتهم هي من ينقذه. نحن في شرط دفاع تاكتيكي (عسكري) ولكننا سياسيا وثقافيا في شروط هجوم استراتيجي، بل ومصيري.
12-لقد كان لتطوير تقنيات الصواريخ (كوريا – إيران – الشام...) وقع الزلزال في استراتيجيات الصراع الدولي، ومن تم تغيير الموازين التقليدية، وهو ما اضطر الاستعمار والاستشراق، إلى البحث عن وسائط أخرى للاختراق وللتوسع وللسيطرة عن طريق الهيمنة، وأغلبها مقتبس من تاريخنا أو تقليد لأساليبنا النضالية في الأصل.
13-وإذا كان يشترط في الوسائل أن تتناسب مع غاياتها، وأن تناقضهما عند الممارسة، هو قرينة الهزيمة (كما حدث في عراق الفقيد صدام حسين) فإن توسل الاستعمار اليوم بمنطق ووسائل الشعوب (الرهان على الثقافة والمثقفين والإعلام- التراث والذاكرة – البسطاء – التركيز على الشعارات الأخلاقية – المرونة التاكتيكية... نظرية تدخل الإدارة في الاقتصاد...إلخ) هو ما يقوم اليوم، قرينة على هزيمته، ومن تم ارتداد جميع ذلك على أهدافه وعلى مجتمعاته ودوله...
14-النظام الاقتصادي السياسي الأمريكي غير متجانس، بل يعاني من صراع حول من يؤدي من طرفيه المتصارعين فاتورة الخروج من الأزمة، وهو الأمر الذي ينعكس تناقضات (لا ترددات أو ارتباك) في سياساتها الخارجية الراهنة. ومن تم الصراع الملاحظ بين أتباعها أنفسهم.
15-لعل أخطر من يفسد الصراع السياسي ويضاعف من خسائره بالنسبة للشعوب هو شيوع الخلط والغموض والبلبلة، ويتم ذلك خاصة من خلال المصطلحات غير المطابقة لمفاهيمها أو المفاهيم غير المطابقة لأهدافها وللواقع. والمعركة على هذا الصعيد لا تقل أهمية عن غيرها، وذلك بما يفيد في فرز الجبهات وتمييز الشعارات وتحديد الأعداء والخصوم والحلفاء والمحايدين.. في الصراع.
16-أخطر أعداء الأمة اليوم، فضلا عن الاستعمار وعملائه، هي الأمراض الإيديولوجية، بالتالي السياسية الشائعة خاصة منها: العدميات جميعا وأخصها الوطنية والقومية + الشعبويات بجميع أصنافها + الفوضوية (=التوحش).
17-لعله قد حان أوان تعديل وضعية الطرف الرئيس في معادلة الوحدة والديمقراطية، لقد نجح القوميون عموما في استجلاب الإسلاميين إلى ميثاق العمل المشترك معهم، على أساس رهان المدخل الديمقراطي لبقية الأهداف، خاصة منها الوحدة، والتي هي شرط المنعة والقوة والتقدم، غير أن تطورات الممارسة، أظهرت حتى الآن ضعف هذا الاختيار، وذلك في مقابل أن أكثر المناضلين استعدادا للتضحية يميلون لاختيار التركيز على أولوية الوحدة (=الخلافة) سبيلا لغيرها من أهداف الأمة في التنمية والديمقراطية والاستغلال والسيادة...
18- أن هدفهم المباشرة بالنسبة للعمود الفقري لأية دولة (=الجيوش) هو تحويلها من حماية الحدود الوطنية، إلى حماية الحدود الطبقية والجهوية والطائفية...إلخ وإلغاء الدول أو تحويلها مشيخات أو أشباه دول...
19-لا جهوية موسعة أو فيدرالية... خارج الوحدة، أو قبلها، وأحرى على حسابها، إن الأقطار العربية الراهنة هي نفسها تقريبا ما يجب أن يصبح "الولايات المتحدة العربية".
20-يجب علينا مطالبة إخواننا في الحركات الإسلامية، بالدخول الهادي والهادف، في مكاشفة نقدية ذاتية وموضوعية، حول المرحلة الأخيرة من العلاقات بيننا، والدروس المفترض استخلاصها، منها لمصلحة إعادة بناء وشحذ النضال المشترك.
إن شعار المرحلة، يجب أن يركز اليوم على أن الاستقلال الوطني والوحدة القومية هما الحل وهما السبيل للتنمية والديمقراطية و...
|