www.arabnc.org
   
الصفحة الرئيسة
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
المشاركون في الدورة ا
المشاركون في الدورة ا
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول المشاركين 30
جدول المشاركين 31
جدول المشاركين 32
جدول المشاركين 33
الأول 1990
الثاني 1991
الثالث 1992
الرابع 1993
الخامس 1994
السادس 1996
السابع 1997
الثامن 1998
التاسع 1999
العاشر 2000
الحادي عشر 2001
الثاني عشر 2002
الدورة الطارئة 2002
الرابع عشر 2003
الخامس عشر 2004
السادس عشر 2005
السابع عشر 2006
الثامن عشر 2007
التاسع عشر 2008
العشرون 2009
الواحد والعشرون 2010
الثاني والعشرون 2011
الثالث والعشرين 2012
الرابع والعشرون 2013
الخامس والعشرون 2014
السادس والعشرون 2015
السابع والعشرون 2016
الثامن والعشرون 2017
التاسع والعشرون 2018
الثلاثون 2019
الواحد والثلاثون 2022
الثاني والثلاثون 2023
الثالث والثلاثون 2024
القائمة البريدية
بحث
تصغير الخط تكبير الخط 
القضية الخاصة 30 ((القضية الخاصة 30))
المؤتمر القومي العربي
ARAB NATIONAL CONFERENCE

التوزيع: محدود
الرقم: م ق ع 30/وثائق 1
التاريخ: 5/7/2019
ـــــــــــــ
المؤتمر الثلاثون
5 – 6 تموز/يوليو 2019
بيروت - لبنان

"القضية الخاصة"
الكتلة التاريخية أمام التجربة التاريخية**
أ. منير شفيق*
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، المنسق العام للمؤتمر القومي – الإسلامي سابقاً، الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، كاتب.
** لا تعبر هذه الورقة بالضرورة عن رأي الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي.

الكتلة التاريخية أمام التجربة التاريخية
أ. منير شفيق
عندما طرح المفكر الكبير محمد عابد الجابري موضوعة "الكتلة التاريخية" أوضح استعارته لها من أنطونيو غرامشي. ولكنه أعاد صوْغها لتصبح مغربية- عربية، أو قُطرية- عربية أصيلة، تستمد منطقها من البيئة المحلية والعربية إلى حد لم يعد لها علاقة بأصلها الإيطالي الغرامشي. 
وقد بحث عن القوى السياسية أو الاجتماعية والموضوعية في البيئة والوضع العربيين، فوجد الكتلة التاريخية عندنا تتشكل من القوى المناهضة للإمبريالية السياسية والاقتصادية والفكرية، إلى جانب تأسيس علاقات اجتماعية تقوم على التوازن في توزيع الدخل وتتجه نحو العدالة الاجتماعية. 
ولكن هذه الكتلة التاريخية التي يتسّم بها القطر العربي يجب أن تكون ذات بُعد وحدوي عربي، وهو البُعد الذي تشترطه التنمية والتقدم الاقتصادي، وأبعاد أخرى بالطبع. 
يرى الجابري أن ما حدث من إقصاء وتهميش للإسلاميين في مرحلة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وما قوبل به من جانب بعض القوى الإسلامية من إقصاء وتهميش، أيضاً، للقوى اليسارية والديمقراطية، كان سبباً من أسباب الضعف الذي ألَّم في حركة التحرر والنهوض العربي. الأمر الذي يقتضي تلافيه عند التشكل السياسي للكتلة التاريخية. وهو ما تُرجم لاحقاً من قِبَل المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي- الإسلامي بتلاقي التياريْن الكبيريْن القومي والإسلامي في الأمة العربية. 
إن مشروع تأسيس الكتلة التاريخية على المستويين القُطري والعربي يستهدف تحقيق أهداف تاريخية أساسية تعلو على الخلافات والصراعات الجزئية. وهو ما لا يستطيع أي طرف من الأطراف أن ينجزها لوحده. 
ويؤكد الأستاذ الدكتور المفكر الكبير الجابري بأن من غير الممكن تدشين مرحلة تاريخية جديدة من دون تشكل الكتلة التاريخية التي تجسّد الوفاق الوطني العام أو الإجماع الوطني العام. 
على أن تشكُّل الكتلة التاريخية يواجه إشكاليتين أساسيتين: البُعد الذاتي (ابتداء من الأحزاب ومن التياريْن القومي والإسلامي)، والبُعد الموضوعي (القوى الاجتماعية والاقتصادية والمكوّنات الواقعية المختلفة). وكلا البُعدان يواجه إشكالية الجانب النظري، وإشكالية الجانب العملي في تحققهما لتشكيل الكتلة التاريخية. وذلك إذا كان من الممكن تحققهما. ومن ثم تحرك الكتلة التاريخية لتحقيق الأهداف التاريخية الأساسية التي تواجه الأقطار العربية مجتمعة ومنفردة. 
فمن حيث الناحية المنطقية المجردة فإن من الطبيعي بالنسبة إلى القوى الذاتية التي تجمعها الأهداف العليا المشتركة، وبالنسبة إلى القوى الموضوعية ذوات المصالح الأساسية المشتركة أن تشكلا الكتلة التاريخية القادرة وحدها (وفقاً للمنطق) على تحقيق الأهداف التاريخية للمرحلة الراهنة. ولكن من الناحية العملية، أو الواقعية التاريخية المعاصرة، فإن تشكّل تلك الكتلة لم يتحقق، ولو نسبياً، بل ما تحقق كان المزيد من الاختلافات والصراعات والتشتت في ما بين القوى الذاتية من جهة، كما في ما بين القوى الاجتماعية والمكوّنات الموضوعية من جهة أخرى. 
عندما يتعارض المنطق النظري الإفتراضي أو التجريدي ومنطق الوقائع العملية والتجربة المحققة يخطئ الذين يغلبون المنطق النظري على "المنطق" الثاني. فالوقائع العملية والتجربة المحققة تتطلبان أن يخضع لهما المنطق النظري. ولكن هذا الأخير من العناد، عادة، ما لا يجعله يستسلم بسهولة، ويخلي المكان معترفاً بالهزيمة، إذا جاز التعبير. 
كان من الاستنتاجات الأولى، وليست الوحيدة، التي عبر عنها الأستاذ الجابري وهو يمهد لطرح موضوعة الكتلة التاريخية، اعتبار الإقصاء الذي مارسته القوى القومية والتقدمية واليسارية والوطنية للقوى الإسلامية في مرحلة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات قد اسهم بما حل بها من ضعف وفشل. وكذلك الحال بالنسبة إلى القوى الإسلامية إذا ما مارست بدورها سياسة الإقصاء والتهميش إزاء القوى الأولى آنفاً. ولهذا رأى أن لا بد من نبذ سياسات الإقصاء والتهميش من قِبَل الأطراف جميعاً. ومن ثم الإنخراط في الكتلة التاريخية التي وحدها هي التي تستطيع أن تحقق الأهداف التاريخية للمرحلة. 
هذا الاستنتاج له مسوّغاته، وهو قوي ومقنع بلا شك. ولكن مشكلته في عدم ملاحظة السبب الرئيس الذي كان وراء فشل قوى التحرر العربي في المرحلة السابقة أو فشل القوى الإسلامية لاحقاً، أي ميلان موازين القوى العالمية والإقليمية في غير مصلحة قوى التحرر العربي سواء أكانت متحالفة مع القوى الإسلامية في ذلك الوقت أم لم تكن.
ولهذا السبب بالذات، أي إشكال موازين القوى العالمي والإقليمي في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات بالنسبة إلى وضع عربي ممزق بالتجزئةـ وبالنسبة إلى وجود كيان صهيوني في فلسطين يمتلك تفوقاً عسكرياً كاسحاً على كل الجيوش العربية، هو الذي لعب الدور الرئيس في ما نشأ من وقائع على الأرض كانت متغلبة على القوى الذاتية والموضوعية سواء أكانت متحدة في كتلة تاريخية (افتراضاً) أم لم تكن. 
إن قراءة تاريخ حركة التحرر العربي، كما قراءة موضوعة الكتلة التاريخية ومآلاتها (في تشكلها أم عدم تشكلها) يجب أن يبدأ بقراءة دقيقة لموازين القوى العالمية والإقليمية ولوجود الكيان الصهيوني في ظروف التجزئة العربية ودولة التجزئة العربية. وأن من لا يفعل ذلك. ويذهب إلى ملاحظة الأخطاء التي ارتكبها هذا الطرف أو ذاك، أو الأطراف كافة، ليعيد إليها وحدها أسباب الفشل أو الهزائم. ومن ثم ليخرج الحل باستنتاج يدعو لتلافي تلك الأخطاء مثل الاستنتاج المتعلق بالكتلة التاريخية. أو مثل الاستنتاج الشائع الذي يعيد المشكلة كلها إلى الاستبداد، والحل كله في الديمقراطية واحترام حقوق الانسان. 
على أن إعطاء الأولوية إلى أخطاء الذات أو إلى إشكالات التخلف الاجتماعي والتقاليد وحتى إلى الفكر الديني أو العقل العربي، ليست جديدة، وإنما صاحبت "المشوار" كله من عصر النهضة المعاصرة إلى اليوم. وكان مصير  استنتاجات هذه الأولوية (بإعادة الأخطاء إلى الذات)، لا يختلف عن مصير ما تم نقده من أوضاع أي "الفشل" والعزلة وعدم التأثير في الواقع ومجريات الصراع. 
طبعاً هذا لا يعني (أي عدم إعطاء الأولوية لأخطاء الذاتي والموضوعي) أن كل ما جرى استنتاجه من بدائل لا قيمة له، أو يجب أن يطرح جانباً، أو ثمة بديل لم يُكتشف بعد، وإنما يعني لا بد من قراءة صحيحة لموازين القوى العالمية والإقليمية وعملها في ظروف التجزئة العربية والتفوق العسكري للكيان الصهيوني. (يكفي التأمل جيداً بالضربتين القاسيتين اللتين وجههما جيش الكيان الصهيوني لحركة التحرر العربي 1967 وللمقاومة الفلسطينية 1982).
هنا ستعلو الصرخة كلما ذكرت إشكالية موازين القوى العالمية والتفوق العسكري لجيش الكيان الصهيوني، أو وضع الأصبع، في الآن نفسه، من حيث وضع المسؤولية على عاتق التجزئة العربية ودولة التجزئة العربية (وهو جزء مقابل في قراءة موازين القوى)... ستعلو الصرخة، وبدرجة عالية من اليقين: تريدون أن تلقوا بأخطائنا ونواقصنا على "شماعة الغرب". فبدلاً من أن نصلح أنفسنا، أولاً، تهربون إلى إشكال موازين القوى العالمي والإقليمي، وإلى دور التفوق الصهيوني علينا. ثم الحجة الثانية في الصرخة تقول أفلا يعني إعطاء الأولوية في قراءة تجاربنا المعاصرة من حيث المسؤولية على عاتق موازين القوى أن نقعد مستسلمين لها، ما دامت كل الحلول ستبوء بالفشل، بدورها، في ظل موضوعة "موازين القوى العتيدة".
إن هاتين الحجتين تمتدان من الارهاب الفكري من خلال الاتهام بإلقاء أخطائنا ونواقصنا على مشجب الخارج وصولاً إلى الاستسلام لموازين القوى المتحكمة بمصائرنا لا محالة. ومن ثم علينا أن ندرس تاريخنا المعاصر ونقوّم تجاربنا بعيداً من التطرق إلى ميزان القوى العالمي والإقليمي وحالتيْ التجزئة العربية، والتفوق العسكري الصهيوني. وهذا النهج الذي لم يثبت جدارته بدليل أنه هو الذي قاد كل عمليات قراءة تاريخنا المعاصر، وتحكم في ما اقترح من حلول. ولم تكن النتائج النهائية مختلفة عن سابقاتها. لأن القاسم المشترك الأول كان إشكال موازين القوى آنف الذكر. ولهذا راح "الضرب على الحافر وليس على المسمار" كما يقول المثل. 
صحيح أن الأستاذ الجابري وهو يطرح موضوعة الكتلة التاريخية وضع على رأس مقوّمات تشكّلها: "التحرر من هيمنة الاستعمار والإمبريالية السياسية والاقتصادية والفكرية أولاً، ثم ثانياً: "إقامة علاقات اجتماعية متوازنة" ("المستقبل العربي" نوفمبر 1982). ولاحظ: "وبما أن مشكلة التنمية مرتبطة في الوطن العربي بقضية الوحدة فإن هذه الكتلة التاريخية يجب أن تأخذ بعداً قومياً (المصدر أعلاه).
هذه الرؤية تلمس ولا شك، بصورة مباشرة "إشكال الهيمنة الاستعمارية والإمبريالية". وذلك كهدف جامع للقوى الذاتية والموضوعية المدعوة لتشكيل الكتلة التاريخية. ولكن عندها نأتي إلى السؤال لماذا لم تتشكل الكتلة التاريخية منذ طرحها إلى اليوم؟ 
هنا سيبرز، أول ما يبرز إشكال ميزان القوى العالمي والإقليمي في ظل التجزئة العربية ودولة التجزئة العربية والتفوق العسكري للجيش الصهيوني. فهذا الإشكال هو الذي يسهم، بشكل رئيس، في عدم ارتفاع القوى الذاتية (خصوصاً الأحزاب السياسية) كما القوى الموضوعية إلى الارتقاء بمستوى تحقيق هدف تشكّل الكتلة التاريخية، كما كان هو السبب وراء إحباط كل محاولات النهوض، بما فيها الأهداف الجزئية والأدنى مستوى والأسهل مبتغى. وذلك بالرغم من أن المسؤولية في الظاهر تبدو ذاتية فينا. 
فعلى سبيل المثال فإن حركة التحرر الوطني في أغلب دول التجزئة استطاعت أن تنجز التحرر من السيطرة الاستعمارية العسكرية المباشرة، أو المعاهدات الاستعمارية. وقد أعلنت الاستقلال ورفعت راية الوحدة الوطنية وقد تحقق في عدد من الأقطار العربية ما يشبه الكتلة التاريخية في مرحلة التحرر من الاستعمار، وقد تطلعت إلى أمل السير على طريق الوحدة أو الاتحاد، أو تطوير الجامعة العربية إلى مستوى أعلى من العلاقات الوحدوية. ولكنها سرعان ما وجدت استقلالها مهدداً نتيجة ميزان القوى العالمي الذي حافظ  على السيطرة الاستعمارية العامة بقيادة الإمبريالية الأمريكية التي راحت خلال الستينيات تطيح بدول الاستقلال الواحدة بعد الأخرى (دول حركة عدم الانحياز) لإخضاعها للسيطرة الإمبريالية والتي سميت الاستعمار الجديد، بلا سيطرة عسكرية مباشرة، وبلا معاهدات استعمارية، وإنما من خلال الأحلاف العسكرية، أو النقطة الرابعة، أو المساعدات والخضوع لشروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وكانت الإنقلابات العسكرية جاهزة حيث اقتضى وأمكن. 
وبهذا أُجهِضت آمال الاستقلال الحقيقي السياسي والاقتصادي والفكري، ومن ثم أُجهِض ما تحقق في مرحلة النضال ضد الاستعمار القديم، من مستوى أولي لتشكّل الكتلة التاريخية. لعبت نكبة فلسطين 1949 دوراً سلبياً في تغيير مسار الحركة الوطني والاستقلالي والديمقراطي، وهيأت لضرورة الانقلابات العسكرية. وقد تراجع الوضع أكثر مع ما حدث من إخفاقات ونكسات ولا سيما عدوان حزيران 1967 (ضرب حركة التحرر بقيادة عبد الناصر)، وعدوان 1982 على لبنان وإخراج م.ت.ف إلى شتات جديد.
لهذا لم يكن من قبيل الصدفة أن يطلق الأستاذ الجابري موضوعته حول الكتلة التاريخية عام 1982 ليطلق من خلالها مرحلة جديدة في النضال القطري والعربي من خلال تشكل "كتلة تاريخية"، لكي تقوم بمهام النهوض من جديد: "التحرر من هيمنة الاستعمار والإمبريالية السياسية والاقتصادية والفكرية" أولاً، و"إقامة علاقات اجتماعية متوازنة تفضي إلى توزيع عادل للدخل مع تنشيط التنمية" ثانياً. 
ولكن ها نحن أولاء بعد مرور حوالى أربعة عقود تقريباً ما زلنا نحاول إحياء موضوعة "الكتلة التاريخية"، ونقلبها في محاولة دراسة تعثرها في التطبيق العملي أو دراسة عدم تحولها إلى عملية نضالية تتقدم، ولو بطريقة متعرجة. 
فمن يضع إشكال الكتلة التاريخية أمام امتحان الحياة، بعيداً من فهم تأثير ميزان القوى العالمي والإقليمي في ظروف التجزئة العربية ودولة التجزئة العربية والتفوق العسكري الصهيوني (تهديده للعواصم العربية ووصوله إلى بعضها) فسوف يقوده الاستنتاج إلى البحث في أخطائنا ونواقصنا الذاتية ومن ثم سينتهي إلى القول بعدم واقعية مشروع الكتلة التاريخية، وعدم واقعية إمكان تصديها لتحقيق أهداف المرحلة التاريخية الراهنة. ودعك من الذين اعترضوا منذ البدء على كل ما له علاقة بالتحرر من الهيمنة الإمبريالية، وانقلبوا ليدينوا كل مقاومة ضد الاحتلال الصهيوني بعد أن نقلوا البندقية من الكتف إلى الكتف المضاد. فهؤلاء ليسوا موضوع مواجهتنا لإشكال الكتلة التاريخية. لأن الاختلاف أو التناقض معهم يبدأ من الألف وينتهي بالياء. أي من الاختلاف معهم على قضايا رفض الهيمنة الإمبريالية والصهيونية، ورفض الخضوع لشروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وصولاً إلى انسياقهم نحو التطبيع مع العدو الصهيوني. 
إن معالجة ما حل بمشروع الكتلة التاريخية من تعثر وعدم تحقق، كما ما حل بأقرانه من أهداف مناهضة الهيمنة الإمبريالية وتقديم التنازلات للكيان الصهيوني، على سبيل المثال لا الحصر، يجب أن تبدأ بقراءة الثقل الذي مارسه ميزان القوى العالمي والإقليمي كما حالة التجزئة والعدوان الصهيوني. وهو ما لا يُعالج إلاّ بحرب سياسية وشعبية استنزافية ذات مقاومة طويلة الأمد. وهي ما يمكن أن يتحقق خلالها انتصارات جزئية. ولكن الانتقال إلى الهجوم العام فيتطلب خللاً نوعياً في ميزان القوى العالمي والإقليمي حتى تزال العقبة الكأداء الأولى في وجه التحرر من الإمبريالية والهيمنة، والتمتع باستقلال حقيقي سياسي واقتصادي وفكري. 
حدوث هذا الخلل في ميزان القوى العالمي والإقليمي لا يأتي من حربنا الاستنزافية طويلة الأمد، إلاّ جزئياً. أما الأهم فلا بد من أن تنزل عليه من داخله لعنة الشيخوخة والفساد والانحلال والضعف الذاتي من جهة، ولا بد من أن تنشأ أقطاب دولية جديدة تصارعه، من جهة أخرى. مما يدخل العالم في حالة من الفوضى، ويفتح الطريق لنشوء عالم جديد يتيح فرصاً أكبر للشعوب المستضعفة لكي تنهض وتتقدم.
هذا المتغير أصبح متحققاً من بعض أوجهه خلال العشر سنوات الماضية، ولم يبق لدى القوى الإمبريالية الغربية بقيادة الإمبريالية الأمريكية من مزايا تفوّق في ميزان القوى العالمي غير السيطرة المالية والاقتصادية. وهي السيطرة الموروثة من أيام السيطرة العسكرية والهيمنة السياسية والاقتصادية والثقافية السابقة. 
هذه السيطرة المالية ("الدولار" والمؤسسات المالية العالمية) هي التي تستخدم الآن في سياسة العقوبات المالية والاقتصادية لتحقيق الهيمنة السياسية، والتعويض عن التفوق العسكري الذي لم يعد قائماً بقوة الجيوش البرية (وهذا ضعف حاسم) وإنما بالقوة النارية (الطيران والصواريخ) والقوة النووية. وهذه الأخيرة لا تكسب حروباً للإخضاع والهيمنة. وقد أثبتت المقاومات والممانعات أن عالماً جديداً أخذا بالتكوّن على أنقاض موازين قوى عالمية آخذة بالتراجع. 
إذا صح ما تقدم، وهو ما يمكن أن نسوق في دعمه دلائل كثيرة، فإن تناول موضوع "الكتلة التاريخية" الآن يفتح آفاقاً لإمكان تحققها، ولو نسبياً، عكس ما كان عليه الحال (وضع ميزان القوى العالمي والإقليمي) لثلاثة عقود غطت الثمانينيات والتسعينيات الماضية، والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين. 
وابتداءً من هذه المرحلة يصح أن يركز على أخطائنا ونواقصنا من أجل التصحيح لتلبية متطلبات نضال ناجح. الأمر الذي يتطلب من الحركات السياسية القومية والإسلامية والوطنية واليسارية والحراكات الشبابية والاجتماعية أن تفكر بكيفية إيجاد المشتركات التي تشكل خطوة ضرورية في طريق تشكل الكتلة التاريخية لتحقيق أهداف المرحلة التاريخية الراهنة.
الأمر الذي يتطلب بدوره أن يعترف كل طرف من الأطراف المعنية بتشكّل "الكتلة التاريخية" بأنه وحده، أو مع بضعة أطراف أخرى، لا يستطيع، ولا يستطيعون أن يحققوا ثقل الأهداف التاريخية للمرحلة التي تواجه الأمة العربية عموماً، وكل قطر من أقطارها خصوصاً. أي لا بد من التوجه نحو تشكّل الكتلة التاريخية.
على أن هذا الطلب (التطلب) غير كافٍ إلاّ بداية. لأن من الضروري بعد ذلك التخلص من إرث الماضي الذي اتسّم بالإقصاء والتهميش ولا سيما، بين التيارين الكبيرين القومي والإسلامي، كما أشار الأستاذ الجابري، في معرض تقديمه لموضوعة الكتلة التاريخية. وهذه المهمة تخص أيضاً التيارات الثلاثة القومي والإسلامي واليساري وما يحمله كل تيار من إرث سلبي تجاه الآخر، ولا سيما ما بين الإسلامي واليساري. ولعل تجربة عشر السنوات الماضية تحث على ذلك بإلحاح. 
وختاماً يمكن لفت الانتباه في تفسير ما حدث من صراعات وتشتت وخلافات نتيجة لضغوط مباشرة، وغير مباشرة، لميزان قوى قاهر في مرحلة الضعف. فالجيش عندما يُهزم يتفرق، وبصورة فوضوية وعشوائية، لينجو أكبر عدد منه أمام ملاحقة جيش منتصر يريد سحقه. فالوحدة تصبح أكثر لزوماً وضرورة عند الهجوم لتحقيق الأهداف والإنتصارات. أما في حالة الدفاع وتجنب الخسائر والضربات فالتفرق ما بين القوى السياسية يكون حاكماً بالضرورة. وهذا يُفسر، في ما يفسر، نزول الآية الكريمة: {وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} سورة يوسف، الآية: 67. وذلك في حالة الضعف والخوف. 
وأحسب أن الكتلة التاريخية تتشكل في حالة الهجوم العام وتحقيق الأهداف وليس في حالة الضعف والتشتت والهزائم. أي مرتبطة بإشكال موازين القوى، بل وفي تجربة الغرب تشكّل ما يشبه الإجماع الوطني في ظل الهيمنة العالمية والبحبوحة. أي ما يشبه "الكتلة التاريخية". وذلك حين أمكن للرأسمالية العالمية ضم الحركات العمالية الإشتراكية والنقابية في بلادها في ظل ما سمي دولة الرفاه، كما ضم الكنيسة -الكنائس والأقليات.   
وأخيراً ثمة نقطة تحتاج إلى التعرض لها. وذلك عندما تتوفر شروط موازين قوى مؤاتية لتشكل الكتلة التاريخية، وهي ضرورة توفر أحد شرطين لذلك وهما:
الأول، وهو توفر قيادة قادرة على التجميع والتحشيد، وتشكيل الصيغة الوحدوية المنشودة. وهذه القيادة قد تكون زعامة تاريخية مهابة وذات شعبية واسعة أو قد تكون حزباً أو تنظيماً طليعياً تتوفر فيه الصفات آنفة الذكر، للزعامة والقيادة. 
أما الشرط الثاني فحدوث انتفاضة أو ثورة أو حراك شعبي تضم، يضم، مئات الألوف والملايين من الجماهير العريضة، حيث تتشكل في الميدان لجان قيادية تنبثق عنها لجنة قيادية عليا، تترجم ما هو موضوعي وذاتي، لكي تتوفر للكتلة التاريخية قيادة تذهب بها إلى نهاية الشوط التاريخي المحدد. 
هذان الشرطان قد يعمل أحدهما في حالة معينة، أو يلتقيان في آن واحد، في حالة معينة أخرى. ولكنه في كل الأحوال، إن تشكل الكتلة التاريخية في صيغة وحدوية جبهوية (بالضرورة) لا يتحقق من خلال حوارات تنسيقية في ما بين قوى وأحزاب وتشكلات "متساوية" لا تعترف لأي منها بالقيادة. فمثل هذه المعادلة إن وجدت قد تستطيع أن تدير الصراع في معركة محددة ولكنها لا تستطيع أن توفر الصماغ الذي يوحدها ويجعلها كتلة متماسكة تعمل كأنها رجل واحد. وهو ما يقتضيه شرط الهجوم العام، كما أُشيرَ إليه أعلاه. أي لا بد من تأمين العمود الفقري لتشكل الكتلة التاريخية. 
فبالنسبة إلى الشرطين المتعلقين بنقل الكتلة التاريخية إلى قوة موحدة تخوض الصراع لتحقيق الأهداف يمكن ضرب أمثلة عليها. فعلى سبيل المثال استطاعت زعامة شعبية من طراز عبد القادر الجزائري، أو أولاد سيدي الشيخ في الجزائر، أو عبد الكريم الخطابي في المغرب، أو المهدي في السودان، أو الحاج أمين الحسيني، أو جمال عبد الناصر (على مستوى عربي)، أن يهيئ شرط تحويل الكتلة التاريخية إلى قوة موحدة تخوض الصراع لتحقيق الأهداف التاريخية أو تحقيق هذا الهدف التاريخي أو ذاك. ولكن كل هذه الأمثلة ارتطمت بميزان قوى عالمي وإقليمي ومحلي غير مؤاتِ بل معادٍ. 
والأمثلة على الشرط الثاني فتتمثل بنماذج من الأحزاب والتنظيمات مثل حزب الوفد في فترة تاريخية، أو الأحزاب التي قادت معركة الاستقلال ضد الاستعمار القديم أو تنظيمات من طراز حركة فتح بعد 1967 في فلسطين، أو جبهة التحرير الجزائرية التي قادت الثورة الجزائرية وحققت الاستقلال 1962. وهذه عملت في ظروف موازين قوى أكثر مؤاتاة. 
وهنالك شرط تحقق على مستوى عالمي قامت به الدولة في تشكيل كتلة تاريخية في الدول الرأسمالية الغربية. مثلاً دولة الرفاه. وهنالك مثال حزب المؤتمر الهندي في مرحلة التحرر من الاستعمار، وفي المرحلة التالية بعد نيل الاستقلال ولعقدين من الزمن في الأقل.