لمؤتمر القومي العربي
ARAB NATIONAL CONFERENCE
التوزيع:محدود
الرقم:م ق ع 30/وثائق 4
التاريخ:5/7/2019
ـــــــــــــ
المؤتمر الثلاثون
5 – 6 تموز/يوليو 2019
بيروت - لبنان
التنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية
في المشروع النهضوي العربي**
أ. محمد أحمد البشير*
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، باحث اقتصادي، محاسب قانوني.
** لا تعبر هذه الورقة بالضرورة عن رأي الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي.
التنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية
في المشروع النهضوي العربي
محمد البشير
المحاسب القانوني/الباحث الاقتصادي
مقدمـة
التنميـة
عرفت هيئة الامم المتحدة التنمية بأنها ((العمليات التي بمقتضاها توجه الجهود لكل من الاهالي والحكومة لتحسين الاحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمعات المحلية لمساعدتها على الاندماج في حياة الامم والاسهام في تقدمها بأفضل ما يمكن )) .
تتعدد أشكال التنمية بموجب هذا التعريف ، فمنها التنمية البشرية ومنها التنمية المستدامة وكلاهما يعبران عن التنمية الشاملة .
- فالتنمية البشرية هي التي تتعلق برفع قدرات ومهارات البشر بكل المجالات .
-التنمية المستدامة هي مخرجات التنمية البشرية بكافة أشكالها كالسياسية ، الاقتصادية او الاجتماعية و الفرعية كالصناعة ، الزراعة والسياحة .......الخ, وكيفية استمرارها .
هنا وحيث ان التنمية المستقلة عنصر من عناصر المشروع النهضوي القومي العربي فإننا نستعرض في هذا البحث التنمية الاقتصادية وعلى وجه التحديد المستقلة التي نريد, حيث يتداخل هنا السياسي بالاقتصادي باعتبار أن العلاقة جدلية بين وجود استقلال سياسي كشرط هام لتحقيق تنمية مستقلة تستطيع أن تستغل وتجعل من الامكانيات الذاتية مصدراً لتحقيق الاستقلال السياسي وانعكاس ذلك على الحياة الاجتماعية التي من خلالها تتفجر الابداعات على مختلف الصعد الثقافية والفنية على حدِ سواء ، مع الاستفادة القصوى من التكنولوجيا التي استطاعت الدول المتقدمة ان تجعل منها أداتها لتحقيق التنمية التي تنعم بثمراتها الدول الغربية على وجه الخصوص وباقي دول العالم عموماً التي حققت نمواً استثنائياً في الاقتصاد خاصة في قطاع الصناعة والزراعة اللذان يشكلان الاقتصاد التحتي الذي منهما تتحقق التنمية وتتحسن المؤشرات الاقتصادية الاساسية لاي اقتصاد كالنمو ، ميزان التجارة ، ميزان المدفوعات ، البطالة ، الفقر حيث يؤسس لكل ذلك زيادة نسبة النمو في الناتج المحلي الاجمالي سنوياً الذي تعتبر الصناعة والزراعة دعامته الاساسية وبما لا يقل عن 50% من مكونات الناتج المحلي، لان هذا النمو يعني انتاج سلع صناعية او زراعية اكثر, للمساهمة في الحد من استيراد السلع الصناعية والزراعية من جهة والقيام بتصدير الفائض منها الى الاسواق المستهدفة من جهة ثانية للمساهمة في دعم الموجودات النقدية من العملة الصعبة مما يدعم من ميزان المدفوعات وهذا يعني ، نمو في الصناعة والزراعة التي تعتبر القطاعات الاكثر قدرة على تشغيل عمالة أكثر باعتبار ان هذين القطاعين ( صناعة ، زراعة) هما القطاعات الاكثر استيعاباً لقوى العمل حلاً لمشكلة البطالة بشكل عام وهذا طبعا يتحقق بمجهود فريق سياسي مؤمن ان امكانيات الوطن العربي لديه ثروة قادرة على تحقيق تنمية اقتصادية تستطيع ان تحقق أفضل المعدلات للمؤشرات ذات العلاقة .
العدالة الاجتماعية
ذهب ابن خلدون الى " ان العمران البشري لا يتحقق الا في ظل العدل الاجتماعي" , بينما ذهب افلاطون, ارسطو والسفسطائيين الى ان العدالة تكمن حسب القدرات, مصلحة الاقوى او التماثل, في الاسلام تعني حق الفرد في الحصول على حقه المشروع والتزامه بواجبات محددة تجاه المجتمع.
في عصر النهضة الاوروبية احتل مصطلح العدالة مكانة بارزة في فكر الفلاسفة والمصلحين ابتداءً من (هويز, ديفيد هيوم وصولاً لجون رولز) الذي اصدر كتاباً بعنوان (نظرية العدالة) عام 1972 واعتبر العدالة فلسفة اخلاقية ونظرية سياسية حيث عرفها " تمتع كل فرد في مجتمع ما بالمساواة في الحصول على الفرص المتاحة للفئات المميزة" مؤكداً على ان العقد السياسي والاجتماعي بين الشعب والسلطة يجب ان يتأسس على قيمتين بـ " تداول السلطة وتداول الثروة كمتلازمتين لا ينفصلان ".
اجمع المفكرون وارتأى مؤتمرنا في اكثر من دراسة ومناقشة وحوار ان العدالة الاجتماعية تقوم على اركان هامة يأتي في مقدمتها ركن الحرية سواء كان ما تعلق بحرية الفرد او حرية الجماعة في التعبير وحق المحاسبة والاجتماع والتظاهر والاحتجاج وبما يتفق مع المصلحة العامة التي تعبر عن مصلحة المجتمع في الاستقرار والتقدم, اما الركن الثاني فيأتي ركن المساواة من حيث المساواة في الفرص (التعليم, الصحة, العمل, المسكن, الملبس) والتي من واجب الدولة توفيرها والانفاق لجعلها في متناول الجميع دون تمييز.
يأتي ركن حقوق الانسان ثالثاً في مكونات العدالة الاجتماعية من حيث حق التنظيم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً حيث توج ذلك الجهد العالمي في اقرار الاعلان العالمي لحقوق الانسان بالاضافة الى المواثيق والاتفاقيات الدولية.
أ)تستند العدالة الاجتماعية في بعدها الاجتماعي والفكري والفلسفي الى الحقائق الاتية:
1.ان العدالة الاجتماعية هي وسيلة لتحقيق تنمية مجتمعية مستدامة.
2.ان العدالة لا حدود لتطبيقها وانها تسود على كافة المفاهيم والاعتبارات ولا يجوز تقييدها بالتشريعات, وانما يتوجب حمايتها بالتشريعات والاجراءات.
3.ان العدالة الاجتماعية عملية مستمرة ومتطورة ومتفاعلة مع تطورات السياسة والاقتصاد والاجتماع ولا يجوز التعامل معها كنصوص واجراءات جامدة.
4.ان العدالة الاجتماعية يتوجب ان تخدم المصلحة العامة اولاً وحقوق الاقليات عرقاً ومذهباً دائماً.
ب)العدالة الاجتماعية تقوم على المرتكزات الاتية:
1.المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص من حيث ازالة كل ما يساهم في التمييز بين المواطنين كالتهميش والاقصاء والحرمان, الحد من البطالة من خلال توفير فرص العمل لكل المواطنين دون محاباة مع اتاحة الفرص بالتساوي بين المواطنين عبر التنافس الشريف للحصول على الوظيفة وهذا مرهون بالدور المطلوب من الدولة من خلال اجهزتها المختلفة سواء كانت تشريعية او تنفيذية او قضائية متلازماً ذلك مع دور مؤسسات المجتمع المدني في المراقبة والمحاسبة واقتراح التعديلات على التشريعات بما يحقق استمرارية شمول الافراد بالعدالة الاجتماعية.
2.التوزيع العادل للموارد والاعباء من خلال تشريعات ضريبية عادلة تكون فيها حصة الضرائب على دخول الاغنياء هي الاكبر في حق الخزينة من جهة وبما يمكن الدولة من الانفاق على المجتمع بما يحقق استمرارية تقديم الخدمات بشكل افضل على صعيد التعليم, الصحة, النقل, السكن, ومستلزماته من كهرباء ومياه وتدفئة بالاضافة الى هدم الفجوة في الدخول بين المؤسسات والافراد على حدٍ سواء وتسقيف الاجور بحيث يكون لها حد ادنى يضمن الحقوق الاساسية للعاملين وحد اقصى يحول دون تكريس اللامساواة التي فرضتها اخلاقيات الرأسمالية على صعيد العالم وهذا جميعه كما تم تقديمه وشرحه في هذه الورقة مرهون بالنمو الاقتصادي والتأثير على مؤشرات البطالة, الميزان التجاري, جيوب الفقر, استقرار سعر الصرف....الخ.
3.التقاعد بما يوفر حياة حرة كريمة للمتقاعدين سواء كان ذلك من خلال الضمان الاجتماعي او التقاعد الحكومي بحيث تضمن الدولة بسلطاتها المختلفة تحقيق الامن الاجتماعي للمتقاعدين.
4.الحفاظ على حقوق الاجيال القادمة وهي تمنح للمجتمع حقوقه اليومية بحيث تحول تشريعاتها دون تحميل الاجيال القادمة اعباء متطلبات الحاضر من انفاق على الخدمات التي تشكل عناوين للعدالة الاجتماعية (تعليم, صحة, سكن.....الخ).
5.التنمية المستقلة من حيث قدرة الدولة على اتخاذ سياسات مستقلة تخدم في المحصلة النهائية ابنائها, وهذا يتطلب استقلال سياسي يكون فيه الشعب مصدر السلطات وصاحب القرار النهائي في التشريع والتنفيذ على حد سواء دون إملاءات خارجية, حيث تسود المشاركة الواسعة لابناء الوطن الواحد عبر الاحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المختلفة.
في الجوهر ان الاستقلال السياسي وحمايته من ابناء الوطن الواحد هو القادر على خلق تنمية اقتصادية قادرة ان تساعد السلطة التنفيذية من تحقيق اركان ومرتكزات العدالة الاجتماعية وبتفاعل قوى المجتمع المختلفة من احزاب ونقابات مؤسسات منظمة مع السلطة التشريعية كاداة للتشريع والمراقبة مع وجود قضاء مستقل يشكل ذلك مدخلاً لبناء الدولة العربية النموذج او اتخاذ الخطوات الجادة نحو الوحدة التي ستبقى الضمانة الاكيدة في تحقيق اركان المشروع النهضوي العربي المنشود.
شكلت التجزأة للامة العربية وقواها عبر كيانات سياسية تزيد عن العشرين التحدي الاكبر عبر القرن الماضي فالتضحيات التي قدمتها هذه الامة عبر نضالاتها المتعددة الاشكال من اجل الاستقلال الوطني احرزت خلال تلك الفترة نتائج عظيمة تمثلت في دحر جيوش وحكومات ذلك الاستعمار, لكن الاحتلال الاوروبي لوطننا بدوله المتعددة كبريطانيا, فرنسا. ايطاليا... الخ رسم خطوط التجزأة ابتداءً عندما استعمر وطننا وعندما حانت ساعة الصفر بالرحيل والحصول على (الاستقلال) عبر المفاوضات فقد ادت بعض هذه المفاوضات الى عقد اتفاقيات غير متكافئة عقدها ممثلي الامة والاستعمار ونظراً للتداخل السياسي بالاقتصادي بالنظام السياسي الوليد واستمرار الوجود الغربي من خلال الاتفاقيات او المنشآت الاقتصادية التي تركها بعد رحيله سواء كانت صناعية, زراعية او خدمية فقدساهم كل ذلك في خلق طبقة من الصناع والاقطاعيين والتجاريين السماسرة اللذين اصبحت مصالحهم وعلاقتهم ارضية لخلق حلفاء جدد لذلك الاستعمار, من خلال هؤلاء اللذين اضفوا على وجوده(المستعمر) شرعية من نوع اخر, حيث عكس هذا التحالف وصاية حقيقية على الدور السياسي لهذه الدولة المستقلة جزئياً من جهة واعاق دون وجود تنمية مستقلة لهذه الاقطار العربية (المستقلة) من جهة ثانية مما حال دون تقدم حقيقي نحو الوحدة والعدالة الاجتماعية في مختلف اقطار الوطن العربي التي ناضلت امتنا من اجل تحقيقها.
(( لم يتوقع الا القليل القليل ان يثبت الاستعمار الاقتصادي انه اثبت اركاناً من الاستعمار السياسي, وان حكم الطبقة المتوسطة, سيكون لمصلحة هذه الطبقة (البورجوازية الجديدة) بالذات لا لطبقات الشعب كله, وان الولايات المتحدة الامريكية سوف ترث دور اوروبا بالنسبة للعالم الثالث ولكن في شكل جديد وتحت شعارات جديدة وانه لذلك سوف يطول البؤس وسوف تغلق الابواب على التطور والانطلاق, وستخوض شعوب العالم الثالث معركة جديدة امام اللون الجديد من الاستعمار))
منيف الرزاز/فلسفة الحركة القومية ص417
وفي السياق ذاته خاطب نهرو في سنة 1955م ممثلي (29) دولة وافقت ان تكون بعيدة عن الانحياز لمعسكري الرأسمالية والاشتراكية آنذاك!؟ , ليقول احذروا مما هو قادم لدولكم فهناك ستتكون طبقة سياسية اقتصادية يكون مصلحتها التعاون مع الدول الاستعمارية التي رحلت مرغمة بعساكرها, لتحقيق مصلحتهما المشتركة في توارث الحكم من جهة وفي السيطرة على ثروات دولكم من جهة اخرى, لما تتمتع به الدول المستعمرة من خبرات وامكانيات علمية وصناعية وزراعية وخدمية وامنية على حدٍ سواء قدمتها على طبق من ذهب لهذه الطبقة الجديدة التي ادارت اقطارنا العربية.
انسجاماً مع مقولة محمد حسنين هيكل حول (الفهم قبل الحكم) فلا بد من التعريج على ما كتبه جون بيركنز في مؤلفه (اعترافات قاتل اقتصادي) الذي سلط الضوء على النظام العالمي الجديد ما بعد الحرب العالمية الثانية حيث اجتمع المنتصرون بالحرب بناءً على دعوة موجهة من الولايات المتحدة الامريكية في " بريتون وودز" سنة 1944 حيث كان على جدول اعمالهم "النظام الاقتصادي العالمي الجديد" حيث كان من نتائج المؤتمر (الاجتماعات) انشاء البنك الدولي, صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية بالاضافة الى قضايا التجارة الخارجية/الذهب وانتقال الاموال وغيرها الكثير, حيث هدفت امريكا كما يقول بيركنز من وراء المؤتمر الى السيطرة على القرارات السيادية للدول عبر اغراقها بالديون والسيطرة على عملاتها وتحويلها الى اسواق لاستهلاك منتجات الدول الغربية مما دفع الاتحاد السوفيتي الى الانسحاب من المؤتمر وتعليقه على ذلك المؤتمر بأنه يهدف الى السيطرة على سياسات واقتصاديات العالم, مؤكداً (بيركز) ان المساعدات والتوصيات والاقتراحات المقدمة من الصندوق والبنك لا يمكن لها ان تساهم في تنمية بلدان العالم الثالث ولن تسمح لها بامتلاك عناصر التنمية, باعتبار ان هدف هاتين المؤسستين الرئيسي (البنك والصندوق الدولي) هو ادخال هذه الدول في امبراطورية امريكا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً .
من هنا فإن الاستقلال الذي حصلت عليه الدول العربية القطرية بقي ناقصاً واصبحت هذه الدولة رغم اهمية ما بنته على صعيد البنية التحتية من طرق وصناعات وتطوير للزراعة او التربية او التعليم, تشكل عقبة حقيقية امام أي محاولة لبناء دولة العرب النموذج, فتجربة مصر/عبد الناصر, كمحاولة لاحياء محاولة محمد علي, او دولة العراق اوسوريا / حزب البعث في بناء دولة الوحدة, لم يسمح لهما بالنجاح لاعتبارات ذاتية هامة وبسبب التحديات الكبرى التي تعرضت لها تلك التجارب من الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الامريكية, مما حال دون ربط التنمية الاقتصادية بالاستقلال السياسي التي باكتمالها تتحقق التنمية المستقة التي يهدف مؤتمركم العتيد الى بناء جيل مؤمن بها وقادر على انجازها, بإعتبار ان بنائها يتطلب سياسيون يؤمنون ان وحدة الامة لا تتم الا بتنمية مستقلة باعتبارها الاداة والمدخل الحقيقي لتحقيق نمو اقتصادي يستطيع ان يحقق العدالة الاجتماعية التي بها يمكن ان نرفع من سوية التعليم والبحث العلمي وبهما نعظّم من الانتاج ومن خلال تعظيم الانتاج نستطيع ان نؤثر على التجارة الخارجية لصالحنا وبهذا نستطيع ان نشغّل ملايين العرب طالبي الوظيفة والذي بهم يعظّم الانتاج وتطوّر التكنولوجيا وتزدهر الدولة المنشودة.
ولتوضيح كل هذا لا بد من التعريج على الاقتصاد كعلم مستعرضاً لجزئيه الاول الاقتصاد الكلي وهو الذي يتكون من المالية العامة (اقتصاد الدولة) والذي بموجبه تبنى السياسات المالية (الاقتصادية) والسياسات النقدية واللاتي تشكلان معاً المهمات الرئيسية لسلطات الدولة وخاصة منها السلطة التشريعية التي بوعيها واكتمال دورها الرقابي والتشريعي تستطيع ان تساهم في صنع سياسات مالية ونقدية تؤدي الى انعاش الاقتصاد الجزئي (القطاع الخاص) وهنا يعبر المجلس النيابي عن هويته فيما اذا كان يمثل الشعب ام لا, وخلاف ذلك فتكون تشريعاته الاقتصادية مدخلاً للانكماش وهنا يعكس المجلس تمثيله للطبقة الحاكمة/الرأسمالية.
فيما يلي واقع حال الأقطار العربية من خلال قراءة للمالية العامة وانعكاساتها على المؤشرات الاقتصادية التي تعتبر الارضية والقاعدة للاقتصاد الكلي كما نستعرض تأثيراتها عبر التشريعات التي تحدد السياسات والاجراءات والتعليمات والقرارات التي تتخذها السلطات التنفيذية وتعكسها على قطاعات الاقتصاد الجزئي (الصناعة, الزراعة, الخدمات).
اولاً: المالية العامة
تقوم المالية العامة على ثلاثة اركان رئيسية تشكّل بعلاقاتها الجدلية وقدرة الادارة العامة (السلطة التنفيذية) على ادارتها بشكل متوازن مدخلاً لإنعاش الاقتصاد الجزئي كهوية للسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية على حدٍ سواء, فالإدارة التنفيذية من قِبل هاتين السلطتين لهذه الاركان الثلاث, تكشف للمراقب السياسي وللخبير الاقتصادي عن هوية هاتين, السلطتين وفيما اذا كانتا تعملان من اجل تحقيق تنمية مستقلة ام لا؟ , وهذه الاركان هي:
1. النفقــات العامة
تتكون النفقات العامة لأي دولة من شقـّين الاول نفقات جارية وهي النفقات الاستهلاكية السنوية التي تشكّل مصروفات لا عائد منها على الخزينة كالرواتب والاجور, شراء السيارات, الاثاث, بناء الطرق, الخدمات المختلفة من مياه, تعليم, صحة....الخ, اما الشق الثاني فيتعلق بالنفقات الرأسمالية التي تُنشىء أصلاً انتاجياً تستطيع من خلاله الدولة بناء اصول انتاجية تجعل من بيع منتجات هذه المشاريع مورداً هاماً للخزينة لمواجهة النفقات الجارية المتصاعدة من جهة وللوقوف على حاجات المجتمع من السلع والخدمات من جهة اخرى والتي مردودها على رأس المال في دولة ملكيتها لوسائل الانتاج تقل عن (50%) فيه مصلحة وطنية خاصة منها السلع الاساسية ذات العلاقة بالغذاء والدواء.
تشير الدراسات والتجارب الدولية الى ان النفقات الرأسمالية كلما ارتفعت حصتها من النفقات العامة فإن المالية العامة تسير في الاتجاه الصحيح, وان النفقات الجارية تكون في معدلها الصحيح اذا كانت لاتتجاوز ال (70%) من النفقات العامة وان لا تقل النفقات الرأسمالية عن (30%) منها واذا تم ذلك فهذا يشير الى ان السياسات التي تتعبها السلطة التشريعية والتنفيذية فيها خدمة للمجتمع واقتصاده الوطني على حدٍ سواء وهي الاقرب للتنمية المستقلة التي نريد.
في سنة 2018 تصاعدت نفقات الاقطار العربية الجارية الى حدود كبيرة تجاوزت معدلاتها المعايير الدولية التي بلغت بحدود (784049) مليون دولار وبما يزيد عن (85%) من النفقات العامة اما النفقات الرأسمالية التي بلغت (138361) مليون دولار فلم تتجاوز معدل ال (15%) منها, مما ادى الى دخول الدولة القطرية في ازمة غير مسبوقة بعد ان استحوذت الوظيفة العامة الحيز الاكبر من هذه النفقات ووصلت الى حدود (40%) من حجم النفقات العامة بعد ان اكتظت هذه الوظيفة بطوابير العاملين اللذين أستنزفوا ميزانيات هذه الدول انعكاساً لترهلها ولفسادها وتعاظم البطالة المقنعة في صفوفها, وانخفاض انتاجيتها مما شكّل تهديداً لها وقنبلة موقوتة قد تفجّر ماليتها العامة في اي وقت معتمدة في تمويل هذه النفقات على الضرائب تارة وعلى المديونية تارة اخرى, والذي شكّل مدخلاً هاماً ورئيسياً في تهديد كياناتها واستقرارها الاقتصادي والاجتماعي الذي شهد تجلياً له في حقب تاريخية متعددة كان ابرزها ما بعد عام 2011.
بلغت النفقات الاجمالية للدول العربية خلال سنة 2018 مبلغ (922.410) مليار دولار بزيادة معدلها (11.6%) عن العام 2017 البالغة (826672) مليون دولار وبنسبة تعادل (34.9%) من الناتج المحلي الاجمالي للاقطار العربية البالغ (2643) مليار دولار وحتى لا تقرأ هذه النسب والارقام على اطلاقها, لا بد من التوضيح ان لا فرق في الازمة ما بين نفقات الدول المنتجة للنفط والاخرى غير المنتجة له (الدول المصدرة والدول المستوردة), فالدول المنتجة للنفط بلغ معدل عجز الموازنة لديها من الناتج المحلي الاجمالي ما معدله (8.25%) بينما بلغ معدل العجز في الدول المستوردة للنفط (7.8%) مما يعني ان النفقات الجارية كانت في ارتفاع لدى الفئتين رغم ارتفاع اسعار النفط وبالنتيجة فإن العائد الكبير لايرادات النفط لم تعالج ازمة المالية العامة للدول النفطية, وبقيت لكل الفئتين متقاربة رغم الفرق الكبير في دخلهما !؟.
وحيث ان هذا العجز في الموازنة العامة بحاجة الى تغطية فإن الخيار كان امام الحكومات اما باللجوء الى الضرائب او اللجوء الى المديونية, مما دفع دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنة 2018 استمراراً لسنة 2017 الى رفع الرسوم على الاقامات للعاملين في المجلس بشكل عام ورفعها على الحجاج والمعتمرين للسعودية والزائرين لدول المجلس على وجه الخصوص بالاضافة الى اخضاع السلع والخدمات في تلك الاقطار الى ضريبة المبيعات بمعدل (5%) مما عظّم من الازمات المالية والاجتماعية لكثير من هذه الدول وساهم بانخفاض نسبة النمو, او بتراجع القوة الشرائية لديها, وكان هذا هو الاصعب على الدول المستوردة للنفط التي ذهبت الى الضرائب اولاً حسب وصفات صندوق النقد الدولي واقتراحاته لمعالجة ازمة المالية العامة احياناً ومن خلال الحصول على المديونية في مرات متعددة فالقروض التي حصلت عليها الدول العربية غير المستوردة للنفط كانت متعددة وبحاجة الى موافقة صندوق النقد الدولي خاصة ان هذه البلدان اثرت على حوالات العرب العاملين في مجلس التعاون الخليجي جراء الاجراءات الضريبية والرسوم التي فرضتها دول مجلس التعاون الخليجي, ومما زاد الطين بلة بعد ان خصخصة الكثير من الدول المستوردة للنفط لملكيتها لبعض وسائل الانتاج استجابة للخصخصة كتجلي من تجليات الانفتاح على اقتصاد السوق والسير بتوصيات وتوجيهات صندوق النقد الدولي, ان فقدت هذه الدول الكثير من موارد الخزينة التي كانت تحصل عليها خلال السنوات الماضية من هذه الاصول المباعة.
ان الزيادة بالنفقات العامة عبر انشاء الوحدات المستقلة او التعيينات بعقود او تعاظم فاتورة التقاعد اوارتفاع كلفة الدين العام بالاضافة الى ارتفاع نفقات الدفاع (الجيش والامن العام) جميعها ساعدت في ارتفاع حجم النفقات الجارية خاصة ان المسائلة والمحاسبة الغائبة عززت من الاعتداء على الاموال العامة بعد ان فشلت الدولة القطرية في اثبات حضورها و في توفير حاجة الناس لحياة آمنة وعادلة.
(مرفق/ص 22/ ص 23)
2. الضرائب
تصنف الضرائب في علم الاقتصاد الكلي الى ضرائب مباشرة وهي الضرائب على الدخل سواء كانت دخلاً للافراد او دخلاً للشركات وضرائب غير مباشرة وهي التي تفرض على السلع والخدمات المستوردة او المتداولة في الاسواق والمتعلقة بالرسوم الجمركية على وجه الخصوص واضيف اليها مع منتصف التسعينات ضريبة المبيعات / القيمة المضافة للكثير من الاقطار العربية حيث قامت الحكومات من خلال مجالس نوابها بسنّ قوانين الضرائب او تعديلها لتخفيض الضرائب المباشرة (الدخل) على الارباح وبإخضاع مبيعات السلع والخدمات لضريبة مبيعات بدأت بنسب قليلة وارتفعت سنة بعد سنة حتى اصبحت عبئاً على الاقتصاد والوطن, جرى ذلك بعلاقة عكسية من حيث الشريحة او النسبة بين ضريبة الدخل وضريبة المبيعات, فكلما انخفضت ضريبة الدخل ارتفعت ضريبة المبيعات مما ساهم في اضعاف قطاعي الصناعة والزراعة خاصة بعد ان تم فتح اسواق الاقطار العربية بعد دخول الكثير من الدول العربية لاتفاقية التجارة الحرة للسلع الاجنبية دون ان ينعكس ذلك على التجارة البينية بين الاقطار العربية التي كانت بحدودها الدنيا خلال العقود الماضية,اذ بقيت الكفة مائلة لصالح الدول الغربية عموماً وبعض دول اسيا والصين على وجه الخصوص, مما ادى الى مزيد من الانكماش والتضخم الاقتصادي الذي وصل الى (7.9%) في عام 2018 بينما كانت نسبة التضخم (5.8%) في عام 2017 و (4%) في عام 2016 انعكاساً للسياسة الضريبية التي اتبعت بالعقدين الماضيين, واذا ما فصلنا مرة اخرى ما بين الدول النفطية والدول غير النفطية فإن معدلات التضخم للاقطار غير النفطية كانت اسوأ بكثير من هذه النسبة ففي مصر مثلاً وصلت الى (23.5%) عام 2017 و(20.1%) عام 2018 وفي ليبيا وصلت الى (28%) عام 2017 و (24.3%) عام 2018 اما السودان فقد وصلت الى (32.4%) عام 2017 ونسبة (43.5%) عام 2018 وفي اليمن قفزت من (4.9%) عام 2012 والى (23%) عام 2018 كما ان السياسات الضريبية التي اتبعتها الدول العربية ادت الى تراجع نسبة النمو خلال السنوات الماضية كما اشرنا سابقاً من حيث انها بلغت للفترة (2000 – 2014) معدل (5.1%) لتنخفض الى معدل (3%) للسنوات اللاحقة (2015, 2016, 2017, 2018) مأخوذاً بالاعتبار هبوطاً في الناتج المحلي الاجمالي (نسبة النمو سالبة) لدول الكويت , سلطنة عُمان, السعودية , اليمن , لسنة 2017 والتي تراوحت ما بين (0.5% حتى 16.4%) لسنة 2018.
? بلغت التحصيلات الضريبية للدول العربية لسنة 2016 مبلغ (164887) مليون دولار وفي سنة 2017 مبلغ (172269) مليون دولار بزيادة معدلها (4.5%) والمقدرة لسنة 2018 مبلغ (179981) مليون دولار وبحصة معدلها (27.5%) من الايرادات المحلية والمنح وبمعدل (7%) من الناتج المحلي الاجمالي.
? بلغت حصة الضرائب المباشرة من الايرادات الضريبية ما نسبته (8.2%) وبمبلغ (14668) مليون دينار لسنة 2018 كما بلغت الضرائب غير المباشرة لنفس العام مبلغ (34016) مليون دولار بمعدل (18.9%) من اجمالي التحصيلات الضريبية, انعكاساً لسياسات مالية عن تحمل فئات الشعب المختلفة اعباء المالية العامة.
? بلغت الضرائب المباشرة وغير المباشرة من الواردات المحلية للاقطار العربية ما نسبته (27.5%), اما الايرادات البترولية فقد وصلت الى (35 %) من هذه الواردات.
(مرفق/ص 24/ص25)
3.المديونية
شكلت مديونية الاقطار العربية عبئاً كبيراً على ماليتها العامة خلال السنوات الماضية ابتداءً من عهد الاستقلالات حتى تاريخه, حيث استخدمت الحكومات العربية وخاصة منها الاقطار غير المصدرة للنفط الوظيفة الثانية للمديونية واهملت الوظيفة الاولى لها من حيث انها استخدمت المديونية لسد عجز الموازنة على وجه الخصوص وتمويل بعض النفقات الخدمية كالطرق وبناء المدارس او المستشفيات .... الخ عموماً, وابتعدت هذه الاقطار عن استخدام الوظيفة الثانية للمديونية والمتعلقة بشراء وانشاء الاصول المالية التي تنتج دخلاً والقادرة على تسديد خدمة القروض من جهة وتلبية حاجات الخزينة العامة من المال من جهة اخرى والتي تسمى نفقات رأسمالية.
لقد بلغت المديونية الخارجة للاقطار العربية في سنة 2018 مبلغ (269555) مليون دولار وبنسبة (31%) من الناتج المحلي الاجمالي وبلغت خدمتها مبلغ (29280) مليون دولاروقد بلغت في سنة 2017 مبلغ (256719) مليون دولار وارتفعت بتاريخ 31/3/2019 بمعدل (33%) من الناتج المحلي الاجمالي حيث بلغت (277642) مليون دولار.
اما المديونية الداخلية فمخاطرها تختلف من حيث انها لا تضغط على الخزينة بتوفير عملة صعبة من اجل تسديد الاقساط والفوائد (خدمة الدين) للخارج, لكنها (الحكومة) هنا تصبح منافس للقطاع الخاص في الاقتراض وتساهم في رفع نسبة الفائدة على القروض بالاضافة الى الكلفة العالية للمالية العامة التي تؤدي الى الضغط على بند النفقات الجارية الذي يحتل الحصة الاكبر من النفقات العامة كأحد اركان المالية العامة بالاضافة الى منافستها للقطاع الخاص ورفعها لمعدل الفائدة على الاقتراض.
لقد بلغت المديونية الداخلية للاقطار العربية خلال سنة 2018 مبلغ (434522) مليون دولار في حين انها بلغت في سنة 2017 مبلغ (417810) مليون دولار وبزيادة معدلها (4%) وبما يعادل (16%) من الناتج المحلي الاجمالي .
(مرفق/ص 26)
ثانياً: المؤشرات الاقتصادية
تفائل المراقبون الاقتصاديون في ان تحمل سنة 2018 نمواً استثنائياً على صعيد الاقتصاد العالمي حيث توقعت اغلب مراكز الدراسات ان يصل النمو الى حدود (3.9%) للاعوام (2018, 2019) ولكن العام 2018 شهد تعقيدات سياسية متعددة سواء كانت ما بين القطبين الكبيرين امريكا وروسيا او كانت ما بين امريكا والصين وحتى حلفاء امريكا الدول الاوروبية على وجه العموم انعكاساً لاستفزاز الادارة الامريكية للمجتمع الدولي على اكثر من صعيد, الا انها كانت الاكثر تأثيراً على الاقتصاد بانقلابها على الاتفاقيات التجارية المختلفة سواء كانت جماعية كمنظمة التجارة العالمية او ثنائية كاتفاقياتها مع الصين او اليابان او الارجنتين ... جميعها تركت اثاراً سلبية على اقتصاد العالم على وجه العموم حيث انخفضت نسبة النمو من جهة وازدادت مخاوف المستثمرين في الدخول بمغامرات استثمارية من جهة اخرى مما ادى الى اضطراب في القطاعات الانتاجية خاصة منها الصناعة لحساب نمو القطاعات الخدمية وخاصة منها قطاع البنوك والتأمين والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مع حفاظ القطاع الزراعي على حصته من الناتج الاجمالي العالمي.
لقد اتسم الاقتصاد العالمي ومنها الاقتصاد العربي بثلاث تطورات رئيسية خلال العام 2018 والنصف الاول لعام 2019 تمثلت في اتساع الفجوة في دخل الافراد والدول على مستوى العالم, وثانيهما تراجع الاستثمار العالمي في اكثر من قطاع وفي اكثر من دولة, وثالثهما زيادة الحماية الوطنية للاقتصاد وخاصة امريكا التي اسست النظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي يستند الى ثلاثة اركان (البنك الدولي, صندوق النقد الدولي, منظمة التجارة العالمية) اما بالشأن النقدي الذي وضعت اسسه امريكا في (برتون وولدز) خاصة ارتباط الدولار بالذهب فقد انقضّت عليه امريكا في سنة 1970 بعد ان فُضح امرها من حيث عدم التزامها بطباعة (34) دولار لكل اونصة ذهب تمتلكها الولايات المتحدة التي اصبحت طباعة الدولار بعد هذا التاريخ مرتبطاً بعقود النفط بدلاً من الذهب وما زال مستمراً حتى يومنا هذا بدعماً من ايران الشاه والسعودية العربية!؟
فيما يلي استعراض لأهم المؤشرات الاقتصادية العالمية والعربية للسنوات 2017, 2018 والمتوقع لعام 2019:
1. الناتج المحلي الاجمالي ونسبة النمو
بلغ معدل النمو العالمي لعام 2018 ما نسبته (3.8%) حيث بلغت نسبة نمو الدول النامية واقتصادات السوق الناشئة الاخرى (4.8%) والتي تشمل الصين والهند والدول الاسيوية التي تراوح معدل نموها ما بين (5.3%) الى (6.9%) بينما بلغت هذه النسبة لبلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا بحدود (2.6%) علماً ان نسبة النمو للدول العربية بإستثناء سوريا و" الضفة الغربية وغزة " فقد بلغت (1.7%) وانها بلغت في سنة 2018 نسبة (3%) والمتوقع ان ترتفع الى (3.5%) في سنة 2019 تبعاً لارتفاع اسعار النفط .
تعني نسبة النمو الزيادة في الناتج المحلي الاجمالي للعالم او الدولة الواحدة او للدول العربية الذي بلغ في سنة 2017 مبلغ (2471) الف مليون دولار وفي سنة 2018 مبلغ (2643) الف مليون دولار ومتوقع ان يصل في سنة 2019 مبلغ (2764) الف مليون دولار بإستثناء سوريا, فلسطين ومصر التي لم تفصح عنها دراسة صندوق النقد الدولي.
علماً ان الناتج المحلي الاجمالي لدول العالم كان على الوجه الاتي:
تسلسل
الدولة
2018 مليون دولار 2017 مليون دولار
النمو %
العالم 84835462 80683787 5
-1 الولايات المتحدة 20513000 19390604 6
2- الصين 13457267 12237700 10
3- اليابان 5070626 4872137 4
4- المانيا 4029140 3677439 10
5- بريطانيا 2808899 2622434 7
6- فرنسا 2794696 2582501 8
7- الهند 2689992 2597491 3.6
8- الوطن العربي 2643513 2471315 7
9- ايطاليا 2086911 1934798 7.9
10- البرازيل 1909386 2055506 (8)
ان الانكماش الاقتصادي الذي تمر به اقتصاديات العالم على وجه العموم والاقطار العربية على وجه الخصوص ناتج عن السياسات المالية والاقتصادية التي اتبعتها هذه الدول انعكاساً لسيطرة الكبار على الصغار واخضاع سياساتهم المالية والاقتصادية لما هو متبع في تلك الدول حيث سيطر الليبراليون الجدد على مفاصل الاقتصاد في الدول المتقدمة وتبعها الى ذلك تابعيهم في بقية البلدان في العالم حيث يمتلك القلة (5%) عما يزيد عن (90%) من ثروات العالم والكثيرون (95%) ما لا يزيد عن (10%) من ثروة العالم.
باستعراض مكونات الناتج المحلي الاجمالي للاقطار العربية حسب القطاعات الاقتصادية لسنة 2017 يتضح لنا ما يلي:
القطــــاع % مليون دولار % مجموع القطاع
- الانتاج السلعي
الزراعة والصيد والغابات 5.6 138320
الصناعات الاستخراجية 21.7 535195
الصناعات التحويلية 10.2 252575
التشييد والبناء 7.0 174999
الكهرباء والغاز والمياه 2.1 52051 46.6 1153140
- الخدمات الانتاجية
التجارة والمطاعم والفنادق 12.0 296839
النقل والمواصلات والتخزين 8.2 201505
التمويل والتأمين والمصارف 5.2 128096 25.4 626440
- الخدمات الاجتماعية
الاسكان والمرافق 7.6 187352
الخدمات الحكومية 14.3 352570
الخدمات الاخرى 4.7 116474 26.6 656396
الضريبة غير المباشرة 1.4 1.4 35414
اجمالي الناتج المحلي الاجمالي 100.0% 100.0% 2471390
اذا اعدنا التوزيع الى قطاعات صناعية وزراعية وخدمية نجد ان حصة القطاع الصناعي من الناتج المحلي الاجمالي بلغت (31.9%) وان حصة القطاع الزراعي من الناتج المحلي الاجمالي بلغت (5.6%) اما قطاع الخدمات فقد بلغ (62.5%), مع مراعاة ان الاقطار العربية المنتجة للنفط ارتفعت حصة القطاع الصناعي لديها بسبب الصناعات الاستخراجية والتحويلية خاصة منها النفط والغاز حيث تراجعت حصص قطاع الزراعة والصناعة لدى الدول المستوردة للنفط لتصل الى اقل من نسبة (30%).
(مرفق/ص 27/ص28)
2. التضخم
بلغت نسبة التضخم في العالم لسنة 2017 ما معدله (1.7%) واعلاها كان في المملكة المتحدة بنسبة (2.7%) واقلها كان في اليابان بنسبة (0.5%) اما الدول النامية والناشئة فقد بلغت نسبتها (4%) لنفس العام حيث كانت الاعلى لبلدان افريقيا جنوب الصحراء وبنسبة (11%) وادناها كان في الدول النامية الاسيوية بمعدل (2.4%) وبلغت نسبة التضخم لدول الشرق الاوسط وشمال افريقيا بمعدل (6.3%) وللبلدان العربية بإستثناء الصومال, سوريا وفلسطين بمعدل (5.8%) اما في سنة 2018فقد بلغ معدلها (7.9%) ومتوقع ان تهبط هذه النسبة في سنة 2019 لنسبة (6%) انعكاساً لارتفاع اسعار النفط, حيث كانت البلدان التي شهدت توترات امنية هي الاعلى كـ (مصر 20.1%, ليبيا 24.6%, السودان 43.5%, اليمن 23%) اما الدولة التي كان التضخم لديها الادنى فكانت جيبوتي بنسبة (1%).
(مرفق/ص 29)
3. العجز في الموازنة العامة
- بلغت الايرادات العامة والمنح للاقطار العربية لسنة 2017 مبلغ (675228) مليون دولار امريكي بزيادة معدلها (17.1%) عن عام 2016 البالغة (576839) مليون دولار بمعدل مقداره (27.3%) من الناتج المحلي الاجمالي لسنة 2017 بإستثناء سوريا والصومال وقد بلغت الايرادات البترولية منها لسنة 2017 مبلغ (292895) مليون دولار امريكي ومبلغ (232581) مليون دولار لسنة 20216 بزيادة معدلها (25.9%), وبحصة معدلها (43.4%) من الايرادات العامة لسنة 2017 و(40.3%) لسنة 2016 وبنسبة (11.9%) من الناتج المحلي الاجمالي لسنة 2017 وبنسبة (9.8%) لسنة 2016.
- بلغت النفقات العامة للاقطار العربية لسنة 2017 مبلغ (826672) مليون دولار بزيادة نسبتها (3%) عن سنة 2016 التي بلغت نفقاتها مبلغ (824410) مليون دولار وبنسبة من الناتج المحلي الاجمالي معدلها (33.4%) لسنة 2017 ومعدل (34.6%) لسنة 2016.
- بلغ عجز الموازنات العامة للاقطار العربية لعام 2017 مبلغ (151444) مليون دولار وبنسبة (6.1%) من الناتج المحلي الاجمالي وبلغ العجز في سنة (2016) مبلغ (247571) مليون دولار وبنسبة (10.4%) من الناتج المحلي الاجمالي ومن المتوقع ان يبلغ العجز مبلغ (171795) مليون دولار لسنة 2018 وبنسبة (6.5%) من الناتج المحلي الاجمالي مما دفع بالحكومات الى رفع الضرائب على السلع والخدمات كخيار مباشر تارة او باللجوء الى الاقتراض تارة اخرى مما ادى الى مزيد من الانكماش في السنتين 2018, 2019 باعتبار ان هذين الاجرائين (الاقتراض, الضرائب)ساهما في رفع كلفة السلع المنتجة في قطاعي الصناعة والزراعة من جهة ورفعا من الانفاق العام بشقه المتعلق بكلفة الدين العام الذي لجأت اليه الحكومات بعد ان واجهت الحكومات العربية احتجاجات وانتقادات لخطواتها التي تصب في مصلحة التحالف القائم بين رأس المال والنخب التقليدية الحاكمة في الكثير من الاقطار العربية.
(مرفق/ص 30/ص 31 )
4. انتاج النفط الخام عربياً وعالمياً
- بلغ انتاج النفط الخام للا |