التوزيع:
محدود
الرقم:
م ق ع 32/وثائق 8
التاريخ: 30/7/2023
المؤتمر
الثاني والثلاثون
30 – 31 تموز/يوليو
2023
بيروت
- لبنان
"الوحدة
العربية.. قراءة مقارنة بين مؤشرات عامى 2021 - 2022"**
د. محمد السعيد إدريس (مصر)*
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مستشار
مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
** لا تعبر هذه الورقة بالضرورة عن رأي الأمانة العامة
للمؤتمر القومي العربي.
"الوحدة
العربية.. قراءة مقارنة بين مؤشرات عامى 2021 - 2022"
د. محمد السعيد إدريس (مصر)
تعتمد هذه الورقة
على فرضية أساسية تقول أن الوحدة العربية "عملية" (Process)، أى أنها ليست أسيرة صدور قرار كى تتحقق، ولكنها عملية تراكمية
فى الوعى أولاً، وفى الواقع العملى ثانياً، ومن ثم فإن تحقيقها فى حاجة حتماً إلى
عمل نضالى شعبى أولاً، وديمقراطى ثانياً، أخذاً بمنهاجية التحدى والاستجابة
للتحديات المختلفة التى تستهدف انفراط الرابطة العربية بدعوة تفتيت الدولة الوطنية
العربية، بقدر ما تستهدف تشويه الوعى العروبى والنيل من الهوية العربية الجامعة،
للحيلولة دون بلورة مشروع عربى للنهضة، وانتهاء بفرض استقطاب إقليمى يقوم على
أنقاض الهوية القومية العربية أولاً، والهويات الوطنية العربية ثانياً ويؤسس على
هويات فرعية عرقية ودينية وطائفية يسهل السيطرة عليها فى نظام يقوده كيان الاحتلال
الإسرائيلى تحت الوصاية الأمريكية.
إنطلاقاً من هذه الفرضية نستطيع أن نقول أن الوحدة العربية لا يمكن أن
تتحقق تلقائياً، ولا بمجرد عمل دعوى تبشيرى رغم أهميته القصوى، ولكنها تتحقق
بتراكم العمل النضالى الشعبى والديمقراطى والمتواصل انطلاقاً من رؤية استراتيجية
تعكس جدارة الإبداع العربى والاستراتيجى العربى.
هذه العملية النضالية التراكمية فى حاجة إلى مؤشرات لقياس مستوى التطور فى
الأداء الشعبى والمؤسساتى من عام إلى عام لنعرف هل نتقدم فى طريقنا الوحدوى
ومشروعنا الوحدوى أم نتراجع ، وما هى الأسباب كى نعمل على تطويرها فى حالة التقدم
وكى نعمل على تجاوزها فى حال التراجع.
سوف نحدد فى هذه الورقة ثلاث مؤشرات للقياس هى:-
1- حال الدولة الوطنية العربية هل إلى مزيد من التماسك
الوطنى أم التفتيت والتراجع .
2- حال العلاقات العربية- العربية ، أى العلاقات بين الدول
العربية هل هى علاقات تعاونية أم صراعية، أم تنافسية.
3- فعالية النظام العربى من خلال دراسة أداء جامعة الدول
العربية، وبالتحديد مؤتمرات القمة العربية ما يصدر عنها من قرارات وتوصيات،
وانعكاسات ذلك على العمل العربى المشترك، وعلى الأخص بالنسبة للموقف من قضيتين
محوريتين الأولى هى القضية الفلسطينية وفعالية الموقف العربى من هذه القضية،
والثانية هى الموقف من الاستقطاب الإقليمى والضغوط الأمريكية للتأسيس إلى نظام أمن
إقليمى جديد تسيطر عليه إسرائيل ويخضع للسيطرة الأمريكية تحت مسمى "الناتو
العربى".
أولاً: مؤشر
حال الدولة الوطنية العربية:
منذ الغزو
الأمريكى للعراق عام 2003 والدولة الوطنية العربية تخضع لمخططات مكثفة لتفكيكها
وإعادة تقسيمها . فقد ارتبط هذا الغزو بعدد من المفاهيم والرؤى الاستراتيجية
الأمريكية مثل دعوة "الدولة الفاشلة" التى أعقبت تفجيرات نيويورك
وواشنطن عام 2001، وركزت على توصيف دول عربية بأنها "فاشلة" لسبب مركزى
هو أنها "دول غير متجانسة عرقيا ودينياً وطائفياً" وأن الحل يكمن فى
إعادة تقسيمها إلى دويلات عرقية وطائفية ودينية، ومفهوم "سايكس – بيكو"
جديدة تحدد معالم إعادة التفكيك والتقسيم للدول العربية، ثم ظهرت دعوة "الشرق
الأوسط الكبير" كغطاء للغزو الأمريكى – البريطانى للعراق وللتأسيس لنظام
إقليمى جديد مفرغ من الهوية القومية العربية على أنقاض النظام الحالى الذى تأسس
عام 1945 يضم تلك الدويلات والكيانات الطائفية والعرقية تقوده إسرائيل . ورغم
إفشال المقاومة العراقية لخطة "الشرق الأوسط الكبير" إلا أن ما ترتب على
الانتفاضات الثورية عام 2011 وما بعدها أدى إلى إعادة تفعيل هذه المخططات، التى
تلاقت مع دعوة "الشرق الأوسط الجديد" التى ولدت من رحم العدوان
الإسرائيلى على لبنان عام 2006 واستهدفت فرض معادلة إقليمية جديدة واستقطاب إقليمى
جديد يفاقم من الصراع السنى- الشيعى، ويباعد بين العرب وإيران والدعوة إلى تحويل
إيران إلى عدو إقليمى ومصدر للتهديد لدعم خطة التطبيع العربى – الإسرائيلى وتقزيم
القضية الفلسطينية من قضية مركزية إلى قضية هامشية فى النظام العربى.
هذه الخطة ما
زالت مستمرة، ولقد عانت الكثير من الدول الوطنية العربية من تدخلات خارجية وحروب
داخلية استهدفت إحداث التغيير الذى يتمشى مع مخطط التطبيع العربى – الإسرائيلى
ويوجه ضربات قوية لأمال تحقيق الوحدة العربية. ولم يخرج عامى 2021 و2022 عن هذا
السياق، حيث أن جوهر التفاعلات التى شهدتها الدولة الوطنية العربية خلال هذين
العامين عن هذا السياق، أزمات متعثرة وتدخلات خارجية إقليمية ودولية، وعجز النظام
العربى عن القيام بدوره كفاعل فى حل هذه الأزمات . فقد استمرت التفاعلات بشأن
الأزمات الممتدة من السنوات السابقة بأشكال ومستويات مختلفة ، تعلق بعضها بأزمات
ما يعرف بـ "المرحلة الانتقالية" للأزمة الأساسية فى الدول التى شهدت
محاولات لحل الأزمات مثل السودان التى كانت تقف فى منتصفها، قبل أن تنتكس ، بكل
أسف مرة أخرى وبشكل أسوأ هذا العام ويقترب بالأزمة إلى مرحلة "الحرب
الأهلية"، ثم ليبيا التى شهدت عامى 2021 و2022 محاولات متعددة للخروج من
الأزمة وإجراء الانتخابات التى تعثرت واستمرت التوترات الأمنية بسبب تصادم مصالح
القوى الخارجية الإقليمية والعربية والدولية، أما تونس فقد نجحت بدرجة ملحوظة، للخروج من عنق الزجاجة بعد
الاستفتاء على الدستور الجديد وإن كانت لا تزال تعمل جاهدة من أجل التأسيس لنموذج
سياسى جديد، رغم عنف الأزمة الاقتصادية وشروط القوى الدولية لتقديم المعونات.
كما شهد عامى
2021 – 2022 احتدام صراع الهويات الوطنية تحت ضغوط الهويات الفرعية العرقية
والطائفية، جنباً إلى جنب مع كثافة التدخلات الخارجية، كما هو الحال فى الأزمة اللبنانية
والحالة العراقية. فعلى الرغم من جهود حكومة الكاظمى ومن بعده السودانى للحد من
سطوة الطائفية السياسية وانعكاساتها على توازن القرار الوطنى سواء فى العلاقة مع
القوى الإقليمية والدولية أو بالنسبة للخيارات الوطنية السياسية فإن العراق مازال
محاصراً بهاتين العقبتين الطائفية السياسية فى مواجهة المشروع الوطنى والهوية
الطائفية فى مواجهة الهوية الوطنية الجامعة، والقرار الوطنى المستقل فى مواجهة
الانقسام الداخلى حول العلاقة مع إيران وأمريكا.
الصورة فى لبنان
أشد فداحة حيث أن هذين المتغيران: الصراع والانقسام الوطنى الطائفى وعمق التدخلات
الخارجية الإقليمية والدولية، وصلت إلى درجة "شلل المؤسسات" والأزمة
الاقتصادية غير المسبوقة ، الأزمة الاقتصادية التى وصلت ذروتها عام 2021 مع بلوغ
أزمة عجز الدولة عن توفير المحروقات اللازمة للتشغيل، امتدت إلى عام 2022 وكان
الأمل أن تحدث الانتخابات النيابية فى مايو 2022 إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية
وانفراج الأزمة السياسية، إلا أن أياً من هذين لم يحدث للأسباب نفسها التى مازالت تدفع بالدولة الوطنية فى لبنان إلى مزيد
من الانتكاس .
نأتى إلى النموذج
الثالث الذى يجمع بين عنف التدخل العسكرى- الأمنى الداخلى، وعمق الانقسام ، بل
انشطار الدولة إلى حكم أو نظام ومعارضة ؛ حالتا سوريا واليمن تعكسان أو تمثلان
بعمق هذا النموذج. فالتدخل الخارجى الأمنى الدولى والإقليمى الذى تحول إلى تدخل
عسكرى أضاف إلى المشهد تعقيدات كبيرة. سوريا تعبر بدقة عن هذا النموذج ومن بعدها
اليمن. الملفت أن النظام العربى انقسم على نفسه فى سوريا واليمن بين داعم للحكم
وداعم للمعارضة، لكن رغم استمرارية ذات التفاعلات وتعثر محاولات حل الأزمتين ، إلا
أن عام 2022 تميز عن عام 2021 بدرجة أعلى من أفق الانفراج فى الأزمتين وإن كانت
سوريا شهدت تهدئة فى عمق ضغوط العامل الإقليمى والعربى (محاولات للمصالحة السورية-
التركية بوساطة روسية وإيرانية) عكس اليمن، الذى ظل العامل الإقليمى مؤثراً بدرجة
ملحوظة طوال أشهر عام 2021 ولكن عام 2022 كان بداية انفراج حقيقى فى العامل
الإقليمى سواء بتفاهمات تركية مع إيران وروسيا والسعودية والإمارات بخصوص الأزمة
السورية، أو بتفاهمات إيرانية- سعودية أخذت تدفع نحو التهدئة فى اليمن لكن عنف
الانقسام والصراع الدولى الأمريكى – الروسى ، كما هو واضح بخصوص الأزمة الأوكرانية
أدى إلى تكثيف المواجهة الأمريكية الأطلسية ضد تحالف روسيا مع سوريا، هذا
الاستقطاب أخذ يتفاقم مع ظهور تفاهمات عربية بإعادة دمج سوريا عربيا وعودتها إلى
جامعة الدول العربية، على نحو ما حدث هذا العام (2023) الأمر الذى رفضته أمريكا
بعنف وأيدتها كذلك دول أوروبية تعرف بأنها "شريكة فى التحالف الدولى فى
سوريا".
بهذا المعنى
نستطيع أن نقول أن الدولة الوطنية العربية أضحت مأزومة باستثناء عدد محدود خاصة
دول مجلس التعاون الخليجى وباقى دول المغرب العربى ومصر، لكن حتى هذه الدول لها هى
أيضاً مشاكلها الخاصة، ومن ثم بات الجميع معزولاً عن النظام العربى وعن قضية
فلسطين، وباتت آلام فلسطين تعانى داخل دول عربية أخرى.
ثانياً: مؤشر
حال العلاقات العربية – العربية
يبحث هذا المؤشر
عن حال العلاقات العربية – العربية من منظور ما تقدمه من دعم أو تراجع عن هدف
تحقيق الوحدة العربية. فكلما كانت هذه العلاقات بين الدول العربية علاقات تعاونية
وليست صراعية كلما خدمت هذه العلاقات هدف تحقيق الوحدة العربية، والعكس صحيح.
وكلما كانت مواقف
الدول العربية من القضايا المختلفة الإقليمية والدولية متجانسة وليست متنافرة كلما
دعم هذا التجانس هدف الوحدة العربية عكس التنافر فى العلاقات بين الدول العربية.
ولقد كشف عام
2021 عن غلبة التفاعلات الصراعية على العلاقات التعاونية مع وجود بعض أنماط
العلاقات التنافسية فى العلاقات العربية – العربية ، واستمرار هذا الحال مع بعض
التغيرات المحدودة فى التفاعلات العربية – العربية عام 2022، وكذلك حال غلبة
الانقسامات فى مواقف الدول العربية تجاه القضايا الدولية والإقليمية ومحدودية
التجانس فى هذه العلاقات، وتكشف ذلك بوضوح شديد عام 2022 من المواقف العربية تجاه
الأزمة الأوكرانية التى جاءت كاشفة لغياب، أو محدودية التجانس فى المواقف العربية
تجاه هذه الأزمة باعتبار ذلك "دراسة حالة" لهذه المواقف .
1- التفاعلات
العربية – العربية بين عامى 2021 – 2022
تحديات
يؤكدها الصمت الرسمى العربى إزاء تأكيدات مماثلة للرئيس الأمريكى جو بايدن يقول
فيها أنه "مع خيار التهدئة وليس مع خيار الحل" بما يعنى الاستجابة
للمواقف الإسرائيلية التى تسعى إلى إنهاء مسعى التسوية السياسية والاكتفاء بمجرد
معالجات اقتصادية تدعم خيار "التهدئة".
صمت
عربى يدعمه تلعثم لا يقل وطأة إزاء مطلب العودة السورية للجامعة العربية، وعجز
متفاقم عن اتخاذ مبادرات عربية حقيقية لإنهاء الأزمات المتفاقمة فى ليبيا واليمن
والسودان، سواء على المستوى الجماعى ممثلاً فى جامعة الدول العربية، أو حتى
الوساطات الثنائية والثلاثية التى تقوم بها الدول بين حين وآخر لتحريك الحلول لهذه
الأزمات .
فى
حين جسدت الأزمة السعودية – اللبنانية، والأزمة الجزائية – المغربية ذروة
التفاعلات الصراعية فى العلاقات العربية عامى 2021، 2022، تفرد العراق بمحاولاته
الحثيثة والمحاصرة لتأسيس مسارات تعاونية فى علاقاته العربية، فى حين تغلبت
التفاعلات التنافسية على العلاقات الخليجية رغم ما أرسته قمة العُلا الخليجية
(يناير 2021) من أسس للتعاون وتجاوز مخرجات الأزمة التى استحكمت بمجلس التعاون
الخليجى على مدى السنوات الماضية. وإلى جانب هذه التفاعلات الأساسية ظهرت أنماط
أخرى من أنماط التعاون الثنائى بين العديد من الدول العربية دون أن يكون لها
تأثيرها المباشر على العمل العربى المشترك أو على أداء النظام العربى.
أ-
التفاعلات
الصراعية
أخذت العلاقات العربية –
العربية أبعاداً صراعية تجاوزت الصراع والاستقطاب الحادث فى الأزمات العربية التى
تفجرت منذ عام 2011 فى بعض الدول العربية خاصة الأزمة السورية والأزمة الليبية
والأزمة اليمنية، التى لم تحظ حتى الآن بجهود عربية لتسويتها بقدر ما شهدت وتشهد
انقساماً عربياً حول سبل إنهاء تلك الأزمات.
من أبرز الصراعات
الثنائية العربية- العربية الأزمة السعودية – اللبنانية، والأزمة الجزائرية –
المغربية.
بدأت الأزمة السعودية –
اللبنانية ثنائية لكنها سرعان ما لبثت ثوباً خليجياً بانضمام بعض الدول الخليجية
إلى الجانب السعودى فى الأزمة وبالتحديد الإمارات والبحرين والكويت، وإن كانت
الأخيرة قد تحملت مسئولية احتواء الأزمة والتواصل مع الحكومة اللبنانية عبر زيارة
قام بها وزير خارجيتها الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح وتقديمه مذكرة وصفها بأنها
خليجية وعربية ودولية تتضمن مقترحات حل الأزمة ، وهى المذكرة التى سلم الرد
اللبنانى عليها وزير خارجية لبنان عبد الله بوحبيب على هامش مشاركته فى الدورة
التشاورية لمجلس وزراء الخارجية العرب التى استضافتها الكويت (الأحد 30/1/2022).
مرت هذه الأزمة بجولتين
فى الأولى كان المطلب السعودى الأساسى المدعوم خليجياً هو إقالة وزير الإعلام
اللبنانى جورج قرداحى بدعوى إساءته للسعودية، وفى الثانية كان حزب الله هو
المستهدف. وفى المرتين كانت السعودية مدعومة خليجياً هى من يدفع بالأزمة ويقدم
المطالب المشروطة من لبنان، فى تطور جديد فى العلاقات العربية- العربية تسعى فيه
دولة إلى الاستقواء على دولة أخرى وتلجأ فيها إلى استخدام الضغوط لإجبار الطرف
الآخر على الاستجابة لتلك الشروط. وإذا كانت الجولة الأولى من الأزمة انتهت
باستقالة وزير الإعلام جورج قرداحى بعد أن رفض الاعتذار عن ما نسب إليه من
"إهانة" للسعودية، فإن الجولة الثانية مازالت مفتوحة وستظل سبباً للتوتر
السعودي – اللبنانى لأن مذكرة المطالب السعودية تتضمن شرطاً تعجيزياً وهو تسليم
سلاح "حزب الله" ، أى القضاء على سلاح المقاومة، وتحويل حزب الله إلى
مجرد حزب سياسى يخضع لشروط "اللعبة السياسية" اللبنانية وخرائط
تحالفاتها العربية والإقليمية والدولية، وذلك قد يكون مستحيلاً ما يعنى أن الأزمة
ستظل أزمة ممتدة بكل ما يعنيه ذلك من استمرار للأزمة الداخلية فى لبنان
وانعكاساتها السلبية على العلاقات العربية – العربية والعمل العربى المشترك.
أما
الأزمة الجزائرية – المغربية فقد تصاعدت منذ
سنوات بفعل عاملين أولهما التقارب المغربى مع إسرائيل الذى فاقم من حدة التصعيد،
وتجدد أنشطة حركة "البوليساريو" المطالب باستقلال الصحراء الغربية على
عكس موقف المملكة المغربية المتمسك بـ "مغربية الصحراء" ما أدى إلى
توليد احتكاكات حدودية جزائرية – مغربية، وقرارات عقابية جزائرية بوقف إمداد
المغرب بالغاز الجزائرى ما أدى إلى المزيد من التأزم بين البلدين، وقد تزامن مع
ذلك اندفاع المغرب نحو إسرائيل ليس فقط للتسليح وتقوية العلاقات العسكرية بل أيضاً
من أجل التنقيب عن الغاز والنفط فى المياه الإقليمية والأراضى المغربية.
حدث هذا كله فى غياب
الوساطة العربية الثنائية واختفاء شبه كلى، إن لم يكن كلياً، للنظام العربى لضبط
تطورات هذه الأزمة واحتواء التصعيد الذى يشكل حتماً خطر على الأمن القومى العربى.
دخول المتغير الإسرائيلى
– الأمريكى على العلاقات المأزمة بين البلدجين العربيين الشريكين فى "الاتحاد
المغاربى" يعتبر تطوراً شديد الخطورة ليس فقط على مستقبل هذا الصراع الذى
يمكن أن يتجاوز المشاكل الحدودية بين البلدين وأن يتجاوز أيضاً الخلاف حول الموقف
من الصحراء وجبهة البوليساريو التى تكافح من أجل تحقيق الاستقلال والسيادة
المستقلة للصحراء بدعم من الجزائر، ويدفع بالمغرب والجزائر إلى نوع جديد من
الاستقطاب الإقليمى والدولى ، ومع اقتراب المغرب من إسرائيل قامت الجزائر باحتضان
المصالحة الفلسطينية، والسعى من أجل جعل القمة العربية التى عقدت بالجزائر
(1/11/2022) قمة من أجل فلسطين ومن أجل العودة السورية، والقضيتان لإسرائيل دور
مهم فى كل منهما، كما أخذ يدفع بالجزائر نحو إيران، ودولياً نحو المحور الصينى –
الروسى كمصدرين للتسليح من أجل موازنة الخلل فى التوازن العسكرى فى ظل إغداق
إسرائيلى- أمريكى بتقديم أسلحة متطورة للمغرب، وهذا ما كشفه الرئيس الجزائرى عبد
المجيد تبون بأسفه لاتفاق المغرب مع إسرائيل مؤكداً أن "تهديد الجزائر من
المغرب خزى وعار ولم يحدث منذ عام 1948" تعليقاً على تصريحات نقلتها وسائل
إعلام مغربية عن وزير خارجية كيان إسرائيل الأسبق يائير لابيد قال فيها "نحن
نتشارك مع المملكة (المغربية) القلق بشأن دور دولة الجزائر فى المنطقة، التى باتت
أكثر قرباً من إيران، وهى تقوم حالياً بشن حملة ضد قبول إسرائيل فى الاتحاد
الأفريقى بصفة مراقب".
ب- التفاعلات التعاونية
لم تشهد التفاعلات
التعاونية العربية سواء على المستوى الجماعى عبر جامعة الدول العربية أو على
المستوى الثنائى أو الثلاثى تطورات مميزة عامى 2021 - 2022– إلا ما ندر، حيث باتت
التفاعلات التعاونية على رتابتها وتقليديتها محصورة بين اجتماعات المجلس الوزراى
العربى والاجتماعات الدورية، وبيانات للأمين العام يحاول بها ملاحقة ما يحدث من
تطورات وأحداث عربية، لا تختلف فى محتواها كثيراً عن ما تحتويه بيانات القمم
العربية أو اجتماعات وزراء الخارجية من مناشدة أطراف النزاعات أو مناشدة أطراف
أخرى للتدخل. أما التفاعلات التعاونية الثنائية فقد انحصرت بين زيارات للزعماء أو
للوزراء أو اتصالات هاتفية فى الأحداث المستجدة وبين هذا كله من الممكن التنويه
إلى ملاحظتين؛ الأولى أن الأزمات العربية المتفجرة لم تلق الاهتمام العربى الجماعى
أو الثنائى اللازم لاحتوائها وأضحى الجميع مستسلمين لفرية أن الحلول تأتى من
الخارج سواء الأزمة السورية أو الأزمة الليبية أو الأزمة اليمنية إضافة إلى الأزمة
السودانية المستحدثة. أما الملاحظة الثانية فهى الأداء العراقى المميز فى التواصل
مع عمقه العربى وحرص على النأى بالنفس عن الصراع الإيرانى- الأمريكى على الأراضى العراقية،
فى تطور مهم لاستعادة العراق هويته العربية ودوره العربى.
جـ - التفاعلات التنافسية
يعتبر
التنافس مساراً تفاعلياً وسيطاً بين التفاعلات الصراعية والتفاعلات التعاونية ، هو
أقرب ما يكون بمنطقة رمادية بين الصراع والتعاون، وعادة ما يكون هذا النمط
التفاعلى محصلة عوامل تدفع بالدول نحو الصراع وأخرى تجذبها نحو التعاون، لذلك فإن
النمط التفاعلى التنافسى يبقى دائماً متأرجحاً بين الاندفاع نحو التعاون أو
الانحسار والانتكاس والتوجه نحو الصراع، أى أنه نمط غير مستقر من التفاعلات، وهذا
هو بالتحديد النمط الطاغى فى التفاعلات بين دول مجلس التعاون الخليجى. فهذه الدول
التى يجمعها تكتل سياسى- اقتصادى واحد هو مجلس التعاون الخليجى، فإن هذا المجلس
الذى لم يستطع أن يتحول، رغم مضى 41 عاماً على تأسيسه عام 1981، إلى نوع من أنواع
الاتحاد وبات أقرب إلى "المجالس الاستشارية" لأسباب كثيرة، استطاع أن
يضبط أنماط تفاعلات الدول الأعضاء طيلة تلك السنوات ويحصرها فى نمط التنافس ويحول
دون تحولها إلى الصراع. هذا التنافس كاد أن يتحول إلى صراع ابتداءً من عام 2017
عندما قررت "دول الرباعى" (الدول الخليجية الثلاث: السعودية والإمارات
والبحرين ، إضافة إلى مصر) مقاطعة قطر، لكن ضوابط آليات مجلس التعاون لم تدفع قطر
للانسحاب من المجلس، وتم حصر الأزمة بتفاعلات يمكن وصفها بأنها "تنافسية
ساخنة"، أدت إلى اندفاعات كثيرة فى علاقات قطر من ناحية والثلاثى الخليجى من
ناحية أخرى نحو ممارسات أقرب إلى الصراعية منها إلى التعاونية خاصة فى التعامل مع
الأزمات العربية والإقليمية ، وفى العلاقة التحالفية والصراعية مع القوى الإقليمية
الشرق أوسطية: إيران وتركيا وإسرائيل، ناهيك عن العلاقة مع جماعات الإسلام السياسى
الراديكالية منها والمحافظة .
فى الخامس من
يناير 2021 شهدت قمة مجلس التعاون الخليجى التى استضافتها المملكة العربية
السعودية فى مدينة "العُلا" التوقيع على وثيقة مبدئية تضمنت مبادئ
وتوجيهات تستهدف محاصرة الخلافات والاندفاع نحو تعظيم التعاون والتضامن بين دول
المجلس وفق ثوابت تأسيس مجلس التعاون الخليجى، وخاصة عدم المساس بسيادة أى دولة من
الدول الأعضاء، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية والتعاون فى مواجهة كل ما يتهدد
الأمن الوطنى للدول أو الأمن الإقليمى لدول المجلس. وترافق مع هذا التوافق على
تغليب ممارسات التعاون على ممارسات التنافس إنجاز مصالحات بين إيران والدول الأربع
التى جمعتها بقطر تفاعلات "تنافسية ساخنة". وكان السؤال المهم: هل سيصمد
هذا الاتفاق؟
الاحتمالات
النظرية كانت تتراوح بين ثلاث احتمالات هى: أن يصمد الاتفاق ويأخذ الدول نحو
التعاون الدافئ، أو ينتكس الاتفاق ويأخذ الدول نحو التنافس الساخن وربما الصراع،
أما الاحتمال الثالث؛ أن تبقى الأمور متأرجحة بين التنافس وبين التعاون الحذر أو
المنضبط .
البعض أخذ يتحدث
عن "تصفير الخلافات" خاصة بين قطر والدول الأربع، ومن يراجع مخرجات
الجولة الخليجية التى قام بها ولى العهد السعودى محمد بن سلمان قبيل انعقاد قمة
مجلس التعاون فى دورته الثانية والأربعين (الرياض 14/12/2021) ، وكذلك ما احتواه
البيان الختامى الصادر عن هذه القمة فى مقدوره أن ينحاز إلى أن الأمور تتجه نحو
التعاون الدافئ بين دول المجلس بما فيها كل من سلطنة عمان والكويت وهما الدولتان
اللتان حافظتا على مسافة مهمة من "الحياد الإيجابى" بين الطرفين
الخليجيين المختلفين: قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، لكن
متابعة تطورات الأحداث وعلى مدى عام كامل من قمة العُلا يناير 2021 إلى قمة الرياض
ديسمبر 2021 فى مقدوره أن يقول أن التفاعلات مازالت محصورة فى إطار بتأرجح بين
التنافس المعتدل وبين التعاون الحذر، فى ظل بقاء مناطق توتر مازالت تحكم علاقات الدول
أعضاء المجلس، وفى ظل صعود تباين فى المصالح أخذت تدفع نحو اتخاذ إجراءات وضوابط
من شأنها أن تحاصر جهود التحول من التنافس إلى التعاون بين دول المجلس.
لم يتم
"تصفير الخلافات" كاملاً، ومازالت العوائق الإقليمية قائمة خاصة علاقة
قطر بإيران وتركيا، والموقف من جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من جماعات وتنظيمات
الإسلام السياسى، وخلافات قطر والبحرين حول قناة الجزيرة ومجمل الإعلام القطرى،
وصعوبة مواءمة اقتصادات قطر وعمان والكويت مع التوجهات السعودية الواردة فى وثيقة
"العلا"، وإذا كانت الإمارات باتت أقرب إلى السعودية فى الموقف من
الأزمة اليمنية ودخولها مجدداً طرفاً فى الصراع داخل اليمن ضد الحوثيين، إلا أن
المصالح الاقتصادية سواء النفطية منها أو الاستثمارية تباعد بين البلدين، ما يعنى
أن "المجاهدة" ستبقى قائمة ما بين جمود احتواء التنافسات وبين ضغوط
تعميق الخلافات .
هكذا تراوحت العلاقات العربية – العربية بين
تلك الأنماط الثلاث من التفاعلات: الصراع والتعاون والتنافس محكومة للأسف بعاملين أولهما:
تغول أدوار القوى الدولية فى القضايا الإقليمية، سواء ما يتعلق بإدارة العلاقات،
أو ما يتعلق بتسوية الأزمات التى ظلت ممتدة نظراً لأن مصالح هذه القوى لم تتوافق
بعد من مطالب تسويتها .
ثانيهما،
خفوت وتراجع وزن النظام العربى فى الأمرين: إدارة العلاقات وتسوية الأزمات، ما أدى
إلى بروز أولوية العلاقات الثنائية أو "علاقات المحاور" كبديل منافس
للنظام العربى، الذى لم تحركه خطورة الضغوط الإسرائيلية الساعية إلى تأسيس نظام
إقليمى بديل مع الدول العربية "المُطبعة" معها، نظام تقوده هى، وتختفى
فيه الهوية العربية، ومن ثم يتم القضاء نهائياً على القضية الفلسطينية.. هكذا يأمل
الإسرائيليون .
2- تجانس
المواقف بين الدول العربية
يعتبر هذا المؤشر
امتداداً للمؤشر السابق . فغلبة التفاعلات الصراعية على العلاقات التعاونية بين
الدول العربية خلال عامى الدراسة (2021- 2022) انعكس مباشرة على غياب تجانس مواقف
الدول العربية تجاه معظم القضايا الإقليمية والدولية ابتداء بالنزاع الإيرانى –
الأمريكى حول الاتفاق النووى الإيرانى، وامتداداً إلى الانقسام إزاء الموقف
الأمريكى من القضية الفلسطينية وخاصة مشروع صفقة القرن الأمريكى للرئيس السابق
دونالد ترامب، حيث انقسمت مواقف الدول العربية حول هذه القضايا بين مؤيد متحمس
ومؤيد صامت وبين معارض وآخر محايد، لكن غياب التجانس فى مواقف الدول العربية كان شديد
الوضوح إزاء الأزمة الأوكرانية بين روسيا من ناحية وبين أوكرانيا ومن خلفها
"حلف شمال الأطلسى" (الناتو) وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية . لم
يحدث تحول له معنى فى هذه المواقف عام 2021 عن عام 2022، لكن الأزمة الأوكرانية
التى تفجرت بدخول القوات الروسية إلى الأراضى الأوكرانية (فبراير 2022) بعد فشل كل
محاولات الحل الدبلوماسى للأزمة الروسية- الأمريكية حول أوكرانيا وطلبها الانضمام
إلى حلف الناتو كشفت، بدرجة شديدة الوضوح حدة الانقسام فى مواقف الدول العربية
إزاء هذه الأزمة، بكل ما يعنيه هذا الانقسام من غياب التجانس فى العلاقات العربية-
العربية وما يعنيه غياب هذا التجانس من مغزى بالنسبة لقضية الوحدة العربية.
فقد انقسمت مواقف
الدول العربية من الأزمة الأوكرانية بين ثلاثة؛ التأييد للتدخل العسكرى الروسى فى
أوكرانيا، وهو ما أسماه البعض بـ "الغزو الروسى"، والرفض، والحياد، وهى
مواقف تكشف عمق انقسام المواقف العربية نحو أطراف الأزمة من ناحية، وهشاشة تجانس
مواقف الدول العربية إزاء تلك الأطراف من ناحية أخرى.
أ- موقف
التأييد:-
عبرت عنه سوريا
بوضوح شديد ودون تحفظ على العكس من كل الدول العربية فى موقف يكشف عمق الارتباط
بين سوريا وروسيا ليس فقط على مستوى الأزمة السورية والدور الروسى فيها بل وعلى
المستويين الإقليمى والدولى. ظهر هذا التأييد مبكراً خلال المباحثات التى جرت بين
الرئيس السورى بشار الأسد والرئيس الروسى فلاديمير بوتين (25 فبراير 2022) حيث
أشاد فيها الرئيس الأسد بخطوة روسيا ووصفها بأنها "تصحيح للتاريخ وإعادة
التوازن للعالم الذى فقده بعد تفكك الاتحاد السوفيتى". وشدد الأسد على أن
سوريا تقف مع روسيا الاتحادية انطلاقاً من قناعتها بصوابية موقفها بأن مواجهة توسع
حلف الناتو "هى حق لروسيا".
ب- موقف
الرفض:-
أكدته ثلاث دول عربية
هى الكويت ولبنان وليبيا، ولكل منها منطلقاته ومفاهيمه. فالكويت لها تجربتها
التاريخية الأليمة عام 1990 مع العراق، ولبنان له الآخر تجربته مع الغزو
الإسرائيلى عام 1982، أما ليبيا فجاء موقفها متأثراً بالحسابات والأوضاع السياسية
لأطراف الأزمة الليبية فى الداخل الليبى .
جـ - موقف
الحياد:-
وهو الموقف الذى
تبنته معظم الدول العربية: مصر والسعودية والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان
والأردن. وهى الدول الحريصة منذ سنوات على تحقيق توازن فى علاقاتها الدولية، فهى
وإن كانت قريبة وشريكة استراتيجياً للولايات المتحدة إلا أنها أخذت تنح وفى
السنوات الأخيرة نحو التقارب مع روسيا والصين، لذلك كانت حريصة على تأكيد هذا
التوازن بمواقف حيادية من الأزمة انعكست فى أكثر من مسعى للوساطة قامت به بعض هذه
الدول لإيجاد مخرج دبلوماسى بعيد عن خيار الحسم العسكرى، خشية من حدوث مواجهة خطرة
بين روسيا والولايات المتحدة قد تتطور إلى حرب نووية أو على الأقل تزج بالعالم نحو
حرب باردة جديدة تهدد مصالح معظم الأطراف وهذا موقف يكشف حرص معظم الدول العربية
على توازن النظام العالمى، ورفض الانجرار إلى حرب باردة عالمية جديدة، وتغليب
سياسة "النأى بالنفس" عن الأزمات العالمية الساخنة .
ثالثاً:
مؤشر فعالية النظام العربى
ترجع تلك التفاعلات التى شهدتها العلاقات العربية-
العربية إلى ثلاثة عوامل أثرت بقوة فى هذه التفاعلات؛ أولها الأزمات
المتفاقمة داخل معظم الدول العربية التى عرقلت أدوارها الإقليمية وانتكست
بقدراتها، وثانيها تعاظم أدوار القوى الدولية على الساحة العربية
عام 2021، وثالثها، فداحة التأثيرات الناتجة عن تغول أدوار القوى
الإقليمية الكبرى المتصارعة على الساحة العربية: الكيان الصهيونى وإيران وتركيا.
فكثير من الأزمات العربية خلال عام 2021 وأيضاً خلال عام 2022 كانت تمثل صدى
لصراعات تلك القوى من ناحية، ولتشابكاتها مع القوى الدولية من ناحية أخرى، الأمر
الذى فرض نفسه بقوة على العمل العربي المشترك وأدى إلى تقليص دور جامعة الدول
العربية فى القيام بوظائفها كمنظمة إقليمية: الوظيفة الأمنية والوظيفة التكاملية
على وجه الخصوص، ولعل هذا يسفر لماذا ظلت القمة الدورية العربية مأزومة منذ قمة
نواكشوط عام 2016 التى استضافتها موريتانيا بعد اعتذار مغربى، وما تلاها من قمم
عربية فى الأردن عام 2017 ثم فى السعودية عام 2018 باتت قمماً مأزومة تماماً كما
هى مسيرة العمل العربى المشترك. لم تُعقد القمة الدورية فى موعدها المقرر فى مارس
2021، وجرى تمرير أسباب تشير إلى تفشي وباء كورونا، لكن كان من الممكن أن تُعقد
افتراضية، كما هى حال الكثير من القمم واللقاءات الدولية والإقليمية فى حال توفر
إرادة العمل العربى المشترك.
هذه الإرادة هى أهم ما يفتقده العمل العربى المشترك
وهو الأمر الذى تكشّف بوضوح على النحو الذى جاء فى مبررات اعتذار المملكة المغربية
عن استضافة القمة العربية عام 2016 . فالاعتذار المغربى عن استضافة القمة السابعة
والعشرين كان جريئاً وفريداً من نوعه لم تعتده الدبلوماسية الرسمية العربية. فقد
جاء الاعتذار مسبباً فى بيان قال أنه "أمام غياب قرارات مهمة ومبادرات ملموسة
يمكن عرضها على قادة الدول العربية، فإن هذه القمة ستكون مناسبة للتصديق على
قرارات عادية، وإلقاء خطب تعطى الانطباع الخاطئ بالوحدة والتضامن بين الدول العربية".
وزاد البيان الاعتذارى صراحة عندما كاشف العرب بالقول أن المملكة المغربية
"لا تريد أن تُعقد القمة بين ظهرانيها دون أن تسهم فى تقديم قيمة مضافة فى
سياق الدفاع عن قضية العرب والمسلمين الأولى، ألا وهى قضية فلسطين والقدس
الشريف". واختتم ذلك البيان مبررات الاعتذار بتعليق الأمر إلى "عقد قم |