www.arabnc.org
   
الصفحة الرئيسة
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
المشاركون في الدورة ا
المشاركون في الدورة ا
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول المشاركين 30
جدول المشاركين 31
جدول المشاركين 32
جدول المشاركين 33
الأول 1990
الثاني 1991
الثالث 1992
الرابع 1993
الخامس 1994
السادس 1996
السابع 1997
الثامن 1998
التاسع 1999
العاشر 2000
الحادي عشر 2001
الثاني عشر 2002
الدورة الطارئة 2002
الرابع عشر 2003
الخامس عشر 2004
السادس عشر 2005
السابع عشر 2006
الثامن عشر 2007
التاسع عشر 2008
العشرون 2009
الواحد والعشرون 2010
الثاني والعشرون 2011
الثالث والعشرين 2012
الرابع والعشرون 2013
الخامس والعشرون 2014
السادس والعشرون 2015
السابع والعشرون 2016
الثامن والعشرون 2017
التاسع والعشرون 2018
الثلاثون 2019
الواحد والثلاثون 2022
الثاني والثلاثون 2023
الثالث والثلاثون 2024
القائمة البريدية
بحث
تصغير الخط تكبير الخط 
التنمية المستقلة 32 ((التنمية المستقلة 32))

التوزيع: محدود

الرقم: م ق ع 32/وثائق 5

التاريخ: 30/7/2023

 

المؤتمر الثاني والثلاثون

30 – 31 تموز/يوليو 2023

بيروت - لبنان

"التنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية ...عربياً هل من طريق؟!"**

أ. محمد احمد البشير (الأردن)*

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* محاسب قانوني/ باحث ومحلل اقتصادي

** لا تعبر هذه الورقة بالضرورة عن رأي الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي.

 

التنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية ...عربياً هل من طريق؟!

أ. محمد أحمد البشير (الأردن)

اولاً: تواطئة ،،،

      عندما نتناول موضوع التنمية المستقلة، العدالة الاجتماعية، نظرياً فإننا نكون في الاتجاه الصحيح نسبياُ عندما يتعلق الامر ببلد مثل الصين، امريكا او روسيا، استناداً الى ان البحث والدراسة وتقليب الارقام وتفسير واقعها استنا--داً الى مؤشرات علمية من حيث القوى الفاعله في هذه البلدان وانعكاس سيطرتها على مفاتيح التشريع والتنفيذ بما يحقق العدالة الاجتماعية بكل اوجهها، كما ان السلطات الثلاث في استقلالها تفاعلها وتعاونها ونتائج اعمالها سياسياً، أقتصادياً وإجتماعياً تساعد الباحث في الحكم على سلامة التنمية ،في هذا البلد وذلك القطر. في حالتنا العربية وانعكاساً للتجزأة التي فرضها الاستعمار على وطننا، يصبح الامر اكثر صعوبة في قراءة المشهد الذي تديره الدولة العميقة، لكنها ليست مستحيلة، وتصبح الدراسة تقديرية اكثر عندما لا تكون فاعلاً كصاحب قضية،لا بل دائماً مفعول به، مما يحد من القدره على وضع الحلول والبرامج التي تساعد علماء وطننا او حكوماتنا العربية في وضع اسس التنمية المستقلة التي يجب ان تعكس نتائج يمكن تعريفه بأنه العدالة الإجتماعية.

      فالتنمية المستقلة في التعريف الجامع، هي التي تحقق مؤشرات ايجابية في نسبة النمو ،بحيث تكون اكبر من نسبة الزيادة في السكان ،اولاً وفيها وفر في الميزان التجاري ثانياً حيث تكون الصادرات اكبر من الواردات السلعية، وتكون نسب البطالة والفقر في حدودها الدنيا ثالثاً، حيث يعكس هذا كله عدالة اجتماعية تكون تجلياتها توفير الحقوق الاساسية لحياة كريمة بالمسكن ،الملبس ،التعليم ،الصحة، بالاظافة الى النقل الميسر والسهل وغير المكلف، وبالنتيجة فقر اقل، هذا كله تعكسه السياسات المالية، الضريبية والنقدية كعوامل مساعده على تحقيق كل ما ذكر اعلاه، والتي تجعل من مكونات الناتج المحلي الاجمالي، اوهيكل الاقتصاد الوطني متوازناً ويستطيع ان يحقق ما تقدم من مؤشرات ايجابية على صعيد (النمو، الميزان التجاري والبطالة).

        من هنا وبقراءة لما سبق على بلد ما ممكن وسهل الحكم على انه يسير بالتنميته المستقلة من عدمه، انعكاساً لمعدلات هذه المؤشرات.في وطننا العربي اتفق الباحثون على تقسيم اقطارنا العربية الى منتجة للنفط وغير منتجه له، باعتبار ان الفارق الحقيقي بين هذه الأقطار يتجلى بملكية النفط والغاز وانعكاساً لواراداته النفطية على مالية الدولة،وبالمقابل عبئه الكبير على البلدان العربية المستوردة له.

       مهم ان نشير هنا وفي هذه الدراسة الى أن مساحة الوطن العربي تقترب من(10%) من مساحة الكرة الارضية وان عدد سكانه في سنة 2022 زاد عن (448) مليون نسمة وبنسبة (5.6%) من سكان العالم وان الناتج المحلي الاجمالي لاقطاره تزيد عن (3) ترليون و(448) مليار دولار وبالترتيب الخامس بعد (امريكا، الصين، اليابان، المانيا) من الناتج المحلي لاجمالي العالمي، وان نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي بلغ (7690) دولار وان فائض الموازنة لسنة 2022 بلغ (120) مليار دولار وان اجمالي الدين الحكومي بلغ (1663) مليار دولار وبنسبه تزيد قليلاً عن (48%) من الناتج المحلي الاجمالي، اما الدين الخارجي فقد بلغ (1849) مليار دولار وبنسبة تقترب من (54%) من الناتج المحلي الاجمالي، وان اجمالي الاستثمار بلغ (606.5) مليار دولار وبنسبة (17.6%) من الناتج المحلي الاجمالي وان الصادرات بلغت (1771) مليار دولار وواردات السلع والخدمات بلغت (1310) مليار دولار بزيادة بالصادرات بلغت (461) مليار دولار ،وان احتياط العملات الاجنبية بلغ (1183) مليار دولار ويغطي حاجة الوطن العربي للاستيراد لمدة تزيد عن (10) شهور.

        هذه مؤشرات ايجابية نظرياً وتعكس كم نحن بحاجة الى الوحدة العربية التي حلم بها شعبنا العربي منذ تفكك الدولة العثمانية، فرغم ما تحمل هذه الارقام من معاني، رغم انتشار الفساد في مختلف الاقطار العربية، الا ان هناك، نسب نمو متواضعة للكثير من البلدان المستوردة للنفط بالاظافة الى العجز الدائم في الميزان التجاري، الموازنة الحكومية، رصيد العملة الاجنبية واخيراً نسب البطالة والفقر التي تعاني منه هذه الدول وبعض الدول المنتجة للنفط كما في الجزائر وليبيا والعراق ...الخ .

         ان التنمية العربية يمكن ان تكون بالاتجاه الصحيح نسبياً عندما تتوفر الارادة السياسية كمدخلاً لتحقيق النمو الذي نريد والذي يواكبه معالجة حقيقية لهيكل الاقتصاد الوطني من حيث تحويله من اقتصاد خدمي، ريعي الى اقتصاد انتاجي تكون فيه حصة الصناعة، الزراعة والسياحة تزيد عن (70%) من الناتج المحلي الاجمالي ،وليس العكس كما هو الحال الآن والتي لاتزيد عن (40-45%) من الناتج المحلي الاجمالي، حصتها الاكبر من عوائد النفط والغاز، انعكاساً الى سياسات مالية، ضريبية ونقدية متبعة من غالبية الدول العربية خدمة لطبقة السياسيين وكبار الرأسماليين، الذين يتحكمون بصناديق الاقتراع ومخرجاتها في تشكيل المجالس التشريعية، التي تنتج تشريعات اقتصادية على وجه الخصوص وسياسيه واجتماعيه عموماً تؤثر جوهرياً على مستقبل التنمية الاقتصادية وتحول دون تحقيق هذه الدول لتنمية مستقلة، اهم تجلياتها توفير عدالة اجتماعية للمواطن العربي.

      ان الخلل في هيكل الاقتصاد العربي الذي يتكون من الصناعة، الزراعة والخدمات يعكس سيطرة طبقة السياسيين وتحالفهم مع هؤلاء الذين يملكون المال، الذين نجحو من خلال المجالس التشريعية في سن القوانين التي تعكس سياسيات مالية وضريبية ونقدية خدمةً لمصالحهم، حيث تصبح الاعباء التشريعية على قطاع (الصناعة و الزراعة) في وطننا كبيراً ومؤثراً، معززاً  لقطاع الخدمات الذي بسبب هذه السياسات يحقق مكاسب اكبر تعزز من هذا التحالف الطبقي الذي يتحكم بالقرار المستقل في وطننا، مترافقاً ذلك مع ضرائب غير مباشرة على السلع والخدمات (ضرائب مبيعات) وتراجع في تحصيلات ضرائب الدخل مما يؤدي الى تحصيلات اقل للخزينة من الاغنياء واكبر للخزينة من الطبقتين الدنيا والوسطى.

مؤشرات التنمية المستقلة

    على ضوء ما تقدم ووفقاً لما توصل اليه الباحثون والمفكرون في هذا الشأن فان اهم مؤشرات التنمية المستقلة التي يمكن تحديدها على سبيل المثال، لا الحصر :

          1.          الاستقلال السياسي وتمتع الدولة ومواطنيها بمساحة مناسبة من الحرية الفردية والعامة وحق المواطنين في التنظيم والمشاركة في صنع القرار .

          2.          الاستقلال الكامل لموارد الدولة وقدرة الحكومات على ادارة المالية العامة (نفقات، ضرائب، مديونية) بشكل متوازن لتحقيق مؤشرات اقتصادية ايجابية لنسبة النمو، فائض في الميزان التجاري، فائض في ميزان المدفوعات، مديونية لا تزيد من اعبائها على النفقات، مديونية تساهم في انتاج اصول تدر دخلاً للخزينة، بطالة بمعدلات تقل عن نسبة نمو السكان).

          3.          هيكلة اقتصاد قائم على الصناعة، الزراعة، السياحة وخدمات تكنولوجيا المعلومات، بمعدل لا يقل عن (70)% من الناتج المحلي الاجمالي، قادراً على تلبية حاجة الدولة من السلع والخدمات، منافسة للسلع الاخرى محليا ومطلوبة جودة وقيمة في الاسواق الخارجية.

          4.          اقتصاد قائم على توزيع عادل للثروة، فيه فجوة الدخول بين المؤسسات والافراد قليلة جداً،ناتج عن ضرائب تصاعدية على الدخول للفئات والمعدلات، وسلع اساسية معفاة ذات المساس الواسع بالمواطنين.

          5.          اقتصاد مرن وقادر على استيعاب الضغوط والمتغيرات الدولية، متفاعل مع المراكز الاقتصادية العالمية القادرة على تحقيق مصالح المواطنين بما يحقق لهم حياة حرة كريمة ومعزز للمنظومة السياسية استقراراً وسيادة.

في قراءة المعطيات الرقمية للمالية العامة للدول العربية وهيكل الاقتصاد فيها نجد ما يلي :-

ثانياً: السياسات المالية والنقدية

   تاثرت المالية العامة في الاقطار العربية بالتحولات الكبيرة التي وقعت في بداية تسعينات القرن الماضي ،بعد ان تفكك الاتحاد السوفييتي ووضعت الحرب الباردة اوزارها وانفرجت اسارير منظري النظام الرأسمالي والمالي العالمي الذي ارسى قواعده مؤتمر (برتن وودز) والذي اعتمد على ثلاثة اركان رئيسية في ادارة اقتصاديات العالم والمتمثلة في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي واتفاقية الذهب والدولار وما تبعهما من اتفاقية التجارة الحرة  والباقي ادوات لخدمات رآس المال الذي يأخذ اشكالاً معلنة اسمها شركات وتخفي خلفها عائلات مالية كبيرة يدور في فلكها اعداد هائلة من المنتفعين ابرزهم السياسيون الذين يديرون الملفات المتعددة من صناعة ،زراعة ،خدمات وعبر التشريعات المختلفة من قوانين وانظمة وتعليمات وقرارات وسلطات وخاصة  التنفيذية منها ،التي شكلت بالنتيجة عائقاً للاصلاح ومعززاً للمؤشرات المالية والاقتصادية السلبية التي انتجتها هذه السياسات المالية والنقدية.

           يقول ابن خلدون ان "هيمنة اهل السلطة على الثروة والسلطان وعلى الاسواق   ومصادر السعي والرزق يبطل حركة النشاط ويحتكر كل المسالك التي تتعلق بمقدرات البلاد".

     "تجارة السلطان، تجعل من تلك الاحتكارية السلطانية والسيطرة الاقتصادية في سياق استبداد السلطة الكلي بمقدرات البلاد، فيسيطر على مناحي الاقتصاد المختلفة مهيمنا عليها، او يأذن لمن يعمل فيها وفي ساحاتها، ويأذن لاصحاب السلطة ان يقربوا من ارادوا ويبعدوا من يشاءوا، فيؤسسون بذلك شبكات فساد وافساد تتحرك في كل الميادين بقوانين السلطة لا قوانين الاقتصاد المحضة، وهي قوانين تقوم على الاحتكار وسرقة الجهد ومصادرة الاموال..... الخ. وهذا هو ما يؤدي الى فرض المكوس والضرائب ضمن عقلية الجباية".

           يقول ابن خلدون في مقدمته " اعلم ان العدوان على الناس في اموالهم ذاهب بامالهم في تحصيلها واكتسابها لما يرونه حينئذ من ان غايتها ومصيرها وانتهابها من ايديهم، واذا ذهبت امالهم في اكتسابها وتحصيلها انقيضت ايديهم عن السعي في ذلك، وعلى قدر الاعتداء ونسبته يكون انقباض الرعايا عن السعي في الاكتساب ومن اشد الظلمات واعظمها في افساد العمران تكليف الاعمال وتسخير الرعايا بغير حق .. فاذا كلفوا العمل في غير شأنهم واتخذوا سخرياً معاشهم بطل كسبهم واغتصبوا قيمة عملهم".        (د.ريم الاطرش/جريدة الاخبار)

      تعتمد السياسات المالية على ادوات مالية ثلاث هي (النفقات ،الضرائب والمديونية) ولكل اداة من هذه الادوات وظيفتان يعكس اتباع احداهما هوية الادارة السياسية التي تدير شؤون الوطن على وجه الخصوص السياسية منها ووفق ما يلي :-

‌أ.   النفقــــات العامـــــة

1.    النفقات الرأسمالية ووظيفتها الاولى دعم الاستثمار وتشجيعه وجعله يحقق نسبة لا تقل عن (30%) من الناتج المحلي الاجمالي والتي تعكس اصولاً مالية (صناعية، زراعية) قادرة على توليد دخلاً لصالح الخزينة  وتوفر وظائفاً، وتلبي حاجة المجتمع بشقيه الانتاجي (القطاع الخاص) او الخدمي (القطاع العام) من حيث الانفاق على البنية التحتية المتمثلة في التعليم والصحة والنقل بالاظافة الى السكن.

2.    الوظيفة الثانية للنفقات تتمثل بتلبية حاجة المؤسسة العامة من مصاريف يومية التي تسمى بالادب الاقتصادي نفقات جارية والمتمثلة في رواتب الوظيفة العامة (مدني، عسكري)، مشتريات الوحدات الحكومية الامنية وصيانتها وكل ما تحتاجه من نفقات يومية لتكون قادرة على تقديم خدماتها العامة للمجتمع بعدالة ويسر وجوده، بحيث تكون النفقات الجارية بنسبه لا تزيد عن (60-65%) من النفقات العامة وخلاف ذلك وكما هو في وطننا العربي، فقد بلغت النفقات العامة في سنة (2021) مبلغ (910) مليار دولار بلغت فيها الجارية مبلغ (777) مليار دولار وبنسبة (85.4)% بينما بلغت النفقات الرأسمالية مبلغ (125) مليار دولار وبنسبة (14.6)% من اجمالي النفقات وهي مقاربة للنسب نفسها للسنة (2020) التي بلغت نسبة النفقات الجارية منها (84.3)% والرأسمالية بنسبة (15.7)% والفرق يتعلق بأثار كورونا على الانفاق بشكل عام، كما بلغت نسبة الانفاق الراسمالي الي الناتج المحلي الاجمالي لسنة (2021) ما نسبته (4.4)% فقط والذي يعكس بالوجه الأخر حجم استثمار الدول العربية مجتمعة في الانفاق على البنية التحتية او الاستثمار في اصول تدر دخلاُ وتنتج فرص عمل للملايين من خريجي الجامعات الذين يعانون من الغربة  في وطنهم الكبير مما يضطرهم للهجرة في كثير من الحالات. هذا الخلل يؤكده عجز الموازنة العامة للدول العربية النفطية وغير النفطية اذ بلغ العجز لسنة (2021) مبلغ (105) مليار دولار بينما بلغ في سنة (2020) مبلغ (204) مليار دولار ومن الاسباب الرئيسية لهذا الانخفاض كان ارتفاع اسعار النفط في سنة (2021) عن سنة (2020) بعد التعافي العالمي من وباء كورونا.

‌ب.      الضرائــــــب

       الضرائب نوعان ولها وظيفتان، الاولى مباشرة وهي ضريبة الدخل والثانية غير مباشرة كالضريبة على مبيعات السلع والخدمات والرسوم والمعاملات المتعلقة بالتجارة سواء كانت متعلقة بالجمارك او الرسوم المشتقة منها والتي تحصلها الحكومة لصالح الخزينة والتي يدفعها المواطنون المستهلكون للسلع والخدمات التي تخضع لهذه الرسوم وان زيادة تحصيلات احداها عن الاولى (مباشرة وغير مباشرة) تعكس هوية الفريق السياسي الذي يدير مشهد السياسة والاقتصاد ويعكس بادارته هذه للمشهد الاجتماعي الذي يتعلق بالفقر ومعدلاته ومستوياته لعلاقته الجدلية بالبطالة على وجه الخصوص، فالخزينة التي تكون نسبة تحصيلاتها من الضرائب المباشرة اقل، وتحصيلاتها من الضرائب غير المباشرة اكبر (مبيعات، جمارك) هي السياسات المالية التي تنتجها الادارة السياسية والتي تعبر عن انحياز لطبقة الاغنياء وحلفائهم السياسيين، وعادة ما يتوافق ذلك مع الحكومات المستبدة، الاقصائية، التي تعبث في الانتخابات، تعاني من الفساد وتعتمد في كثير من الحلول التي تلجأ اليها لمواجهة العجز في الميزانية او مواجهة المؤشرات السالبة في نسبة النمو جراء ذلك الى فرض مزيد من الضرائب غير المباشرة او اللجؤ الى الاقتراض الذي يفرض على هذه الحكومات ان توفر المال لسداد القروض مما يؤدي الى زيادة كبيرة في النفقات الجارية لتسديد خدمات هذه المديونية المتمثلة في الفوائد على هذه القروض.

-      بلغت الايرادات الضريبة للدول العربية لسنة (2021) مبلغ (292.6) مليار دولار منها ضرائب على الدخل والارباح بمبلغ (53.1) مليار وبنسبة (18.1)% فقط بينما بلغت الضرائب على السلع والخدمات ،الرسوم الجمركية والاخرى مبلغ (239.5) مليار دولار وبنسبة (81.9) % من الايرادات الضريبية.

-      ان التشريعات الضريبية التي تقرها المجالس المنتجَة في غالبية الدول العربية تعكس هويتها الطبقية من جهة، واستجابتها للدولة العميقة التي تدير مشهد المالية العامة من جهة اخرى، وباعتبارالضرائب وادارتها سبباً رئيسياً في تعافي الاقتصاد الجزئي (صناعة،زراعة،وخدمات) من حيث ان هذه الضريبة غير المباشرة التي تفرض على مدخلات الانتاج وعلى المنتج النهائي وعلى الطاقة باعتبارها مكون من مكونات كلفة السلع المنتجة خاصة منها السلع المتعلقة بالصناعة والزراعة يصبح تأثيرها الاسوء اذا اضفنا الى ذلك كلفة الاقتراض ومساهمة المنشآت بالضمان الاجتماعي ،كل ذلك يرفع من كلفة هذا المنتج وبالنتيجة يقلل من قدرته على مواجهة السلع الاجنبية المستوردة خاصة بعد ان اصبحت غالبية الدول العربية عضوة في منظمة التجارة العالمية التي رفعت من الحواجز الجمركية امام انسياب السلع والخدمات واحياناً العمالة، مما عزز من عدم قدرة الاقتصاد العربي وخاصة  لدى الدول غير النفطية بشكل عام على معالجة المشاكل المزمنة التي تعاني منها اقتصاديات الدول العربية كنسبة النمو، العجز في الميزان التجاري، الارتفاع في نسبة البطالة والفقر مما يكرس من ثبات الخلل في هيكل الاقتصاد العربي من حيث حصة الصناعة والزراعة من الناتج المحلي والاجمالي.

-      كان للعبث في الملف الضريبي هذا بالاضافة الى ما تعرضت له المالية العامة من اعتداء، ذا علاقة  بالفساد، الذي مارسته النخب السياسية طول البلاد وعرضها، والذي بدأ مع انفراد امريكا ورأس المال في ادارة شؤون العالم مالياً ونقدياً واقتصادياً، حيث تم رفع النسب المفروضة على مبيعات السلع والخدمات حتى وصلت في بعض الدول العربية الى (20)% مترافقاُ ذلك مع توسيع قائمة السلع الخاضعة لها، حتى ان بعض الدول فرضتها على الخضار والفواكة والبقوليات مما شكل عبئاً كبيراً على الطبقة الفقيرة وخاصة منهم ذوي الدخل المحدود او العاطلين عن العمل، اما الضرائب المباشرة (ضريبة الدخل) فقد انخفضت بشكل كبير في دول العالم الثالث وبنسب بسيطة ومتواضعة في الدول العربية، فهي كانت تصل حسب شرائحها الى نسب تصل على بعض الشرائح الى (60)% من دخل الاغنياء افراداً وشركات، اما مع سن تشريع الضرائب برفعها على المبيعات وتخفيضها على الدخل وبحدود (20-25)% على الاكثر.

-      ان تجليات هذه السياسة المالية بالاضافة الى ارتفاع كلف السلع والخدمات، في معظم الاقطار العربية واستمرار الخلل في هيكل الاقتصاد الوطني المكون للناتج المحلي الاجمالي، يظهر بشكل واضح في ارتفاع عدد اصحاب المليارات من جهة وارتفاع مديونية الافراد والشركات في الوطن العربي من جهة اخرى، فالودائع النقدية فقط لدى البنوك العربية خير دليل على هذا الواقع المالي النقدي والاقتصادي الذي نعيشه والذي يحول دون قدرة الدولة العربية في احداث تنمية مستقلة قادرة على تحقيق ما يصبوا اليه المواطن العربي في مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية حيث بلغت قيمة هذه الودائع لدى البنوك للسنوات (2020، 2021، 2022) مبلغ (2303.5، 2412.6، 2489.3) مليار دولار.

‌ج.    المديونية

      تعتبر المديونية الاداة الثالثة من ادوات المالية العامة ،ولها وظيفتان ايضاً فالوظيفة الايجابية التي تعتبر مُخرج ومُعطى ادارة سياسية مخلصة لوطنها وتستثمر بما هو موجود وتقترض حسب الحاجة والضرورة  من اجل جعل التنمية الاقتصادية تسير في اتجاه صحيح كالمساهمة  في دعم النفقات الرأسمالية ،اذا كانت التحصيلات الضريبة لا تغطي حاجة الخزينة من النفقات الجارية والنفقات الرأسمالية، فمعلوم ان الحاجة الى نفقات التعليم ، الصحة ،النقل ،الامن العام وحماية الحدود بحاجة الى اموال واذا كانت الضرائب التي يدفعها الفقراء والاغنياء غير كافية لتلبية حاجة الخزينة لسد النفقات العامة بشكل عام فان الحصول على القروض غير المشروطة، تصبح اكثر من ضرورة لاغراض ذات علاقة بزيادة السكان، ارتفاع الاستهلاك، زيادة حاجة المجتمع للخدمات العامة التي تبدأ بالتعليم وتنتهي بالمسرح وتمر في كل تلك التي تجعل من تقدم المجتمعات، حقيقة، فتوفير دور الرعاية الصحية بعد المدارس والجامعات ومراكز البحوث، وخدمات النقل والمطارات والموانئ ومتطلبات ذلك من طاقة وغيرها.....الخ يتطلب الحصول على اموال مقترضة يكون الهدف منها الاستثمار اولاً ودائما في مشاريع تستطيع ان تلبي حاجة المجتمع لما سبق وفي ذات الوقت تساهم في تحسين مؤشرات اقتصادية هامة ، تؤشر على سلامة الادارة الحكومية من جهة وتحقيق ما يحتاجه المجتمع من خدمات تعليم، صحة، نقل ،شحن ...الخ من جهة اخرى لرفع نسبة النمو، تخفيض العجز في الميزان التجاري مع الخارج، تخفيض نسبة البطالة الى الحدود التي تجعل منها طبيعية وبذات الوقت ،انشأ

     مشاريع تحقق دخلاً وتحد من اضطرار الحكومة ،النواب الى رفع الضرائب على الافراد والمنشآت او الذهاب للمديونية.

-      بلغت مديونية الدول العربية مجتمعة باستثناء سوريا والصومال لعدم وجود معلومات لسنة (2021) مبلغ (1589) مليار دولار وفي سنة (2022) بلغت (1663) مليار دولار بزيادة معدلها (4.7)% وفي سنة (2023) متوقع ان تبلغ (1657) مليار دولار حسب ما نشره صندوق النقد الدولي ،واستناداً الى ان المؤشرات المختلفة تؤكد على ان قيمة المديونية سوف ترتفع باستثناء الدول النفطية ورغم ذلك فان الارقام اعلاه تشمل الدول العربية التي كانت الاقل منها (جيبوتي) لسنة (2022) مبلغ (9) مليار دولار والاكبر (مصر) بمبلغ (418.2) مليار دولار، وبربط ذلك في عجز الموازنة الذي لحق بالموازنة العربية للسنوات اعلاه التي بلغت (68) مليار دولار لسنة (2021) واصبح هناك فائضاً بلغ (120) مليار دولار تقريباً في سنة (2022) ومتوقع ان يكون هذا الفائض في سنة (2023) قد يبلغ (85.8) مليار دولار بسبب ارتفاع اسعار النفط اذا انخفض عجز موازنات الدول العربية (السعودية، الامارات، العراق، قطر، الكويت، ليبيا، وسلطنة عمان) حيث بلغ الفائض لديها بمبلغ (191.4) مليار دولار وباقي الدول العربية (جيبوتي، موريتانيا، لبنان، اليمن، فلسطين، السودان، سوريا، البحرين، تونس، المغرب، الجزائر ومصر) بلغ العجز لديها مبلغ (71.8) مليار دولار، واذا استعرضنا حجم الاستثمار العربي لنفس السنوات فاننا نجد انه كان بمبلغ (539) مليار دولار لسنة (2021) ومبلغ (606.5) مليار دولار لسنة  (2022) ومتوقع ان تصبح (627) مليار دولار لسنة (2023) وهذا يعني ان الدول العربية كانت تقترض لسد عجز الموازنة لهذه الدول ما بين ايراداتها ونفقاتها وان الذي ذهب الى الاستثمار لا يتجاوز نسبته (34)% لسنة (2021) و(36.5)% لسنة (2022) وهنا تكمن العلة في انفاق الدول العربية الجاري غير المبرر،انها تقترض بالدرجة الاساس لسد عجز الموازنة، هذا النزيف الدائم يخفي في ثناياه فساداً عبر بند النفقات العامة، خلافاً لذلك فقد اهمل السياسيون امكانيات امتنا وهم اللذين يقع على عاتقهم الاستفادة من قدرات العلماء والمفكرين العرب في مختلف المجالات واللذين اصبحوا يشغلوا المقاعد الاولى في تطوير بلدان اخرى، بعد ان وجدوا فيها ملاذاً لابداعاتهم. هؤلاء السياسيون هم المستفيدون من هذا الواقع المزري، ومنتجو السياسات المالية المتبعة بموجب التشريع الذي سبق وقلنا من يسنه وينفذه ولمصلحة من يتم تشريعه ومن هو الذي يدفع ثمن هذا الواقع  او هذه السياسة المالية التي تبدأ من هنا، من ادارة هذه الادوات الثلاث (النفقات العامة وما تخفيه من فساد كبير، الضرائب وما تمد به الخزينة من مبالغ ،تدفعها الغالبية العظمى من الناس (الطبقى الفقيرة والوسطى) وبنسبة تزيد عن (75)% من الضرائب غير المباشرة، والمديونية وخدمتها التي تشكل عبئاً مشتركاً على الموازنة وعلى اقتصاد الوطن والتي لغياب الادارة السياسية المستقلة، ترهن مستقبل امتنا لصالح اعدائنا ومشاريعهم في المنطقة، والتي ابرزها، التجزأة، القضية الفلسطينية، الفقر واشتقاقاته الرهيبة، التخلف والامية والرجعية .... الخ.

-      بلغت خدمة الدين الخارجي للدول العربية للسنة (2020) مبلغ (33.33) مليار دولار ولسنة (2021) مبلغ (35.27) مليار دولار وهي مبالغ مدفوعة لدائنين خارجيين وتشكل عبء على الموازنة العامة وتدرج في بنود النفقات الجارية .

‌د.     السياسة النقدية

       تعتبر الفائدة الاداة الرئيسية للسياسة النقدية التي تديرها المصارف المركزية العربية، سواء كانت محددة النسبة اومعومة والتي تحدد بتشريعات ذات علاقة بالبنك المركزي في الدول العربية، فرغم ان الادوات الاخرى ما زالت موضوع تعامل سواء كانت سندات تنمية، سندات لاجل او شهادات ايداع فجميعها ادوات نقدية تصدر عن المصارف العربية المركزية، وبتعليماتها تحدد مبالغها ونسبة الفائدة عليها والمدد المستحقة لقيمتها وقابليتها للتجيير او التظهير....الخ فالمعاملات المالية المتعلقة بالاستثمارات او التبادل التجاري تعتبر الكتلة النقدية والحصول عليها او الحصول على التسهيلات الوسيلة لتحقيق اهداف التنمية والتشغيل والانتاج السلعي والخدمي على حد سواء فبالاضافة الى ان موجودات البنوك وما تتضمنه من حقوق المساهمين او الودائع والحسابات الجارية التي تعود لعملاء البنوك او كانت معاملات الاسواق المالية التي تتتضمن تداولاً بالاسهم والعمولات والسلع من خلال الشراء والبيع او من خلال العقود المستقبلية فجميعها تعتمد على الكتلة النقدية موضوع التداول واولها الفائدة دائماً.

        بلغت الودائع لدى البنوك التجارية العربية لسنة (2021) مبلغ (2412.6) مليار دولار ومبلغ (2303.5) مليار دولار لسنة (2020) لتبلغ ما نسبته (83.7) او (91.1)% من الناتج المحلي الاجمالي وقد بلغت التسهيلات الاجمالية للسنوات (2021،2020) مبلغ (2649 و 2435.2) مليار دولار على التوالي بينما بلغت حقوق المساهمين بما في ذلك رأس مال هذه المصارف لنفس السنوات مبلغ (483 ، 454) مليار دولار على التوالي وهنا يتضح حجم الاموال المودعة لدى هذه المصارف والتي تشكل وسيلة التبادل التجاري واداة التعمير والانشاء والاستهلاك والتي تشكل عصب الاستثمار سواء كان محلياً او اجنبياً، فالحديث عن سلامة هذه المصارف التي تحتفظ بسيولة نقدية لا تقل عن (16)% عربياً، و تصل الى (19.9)% في السعودية وعمان، علماً ان نسبتها وفق مقررات لجنة بازل هي (10.5)% فقط، كما ان المصارف حققت عوائد على حقوق الملكية مختلفة من دولة الى دولـة حيـث تراوحـت ما بيـن (-14.55% للمصارف المغربية و 17% للمصارف القطرية و 15% للمصارف السعودية).

                تشكل كلفة الاقتراض على الانتاج الصناعي والزراعي على وجه الخصوص ومقدمي الخدمات المختلفة والمواطنين عموماً، الذي يعاني من تحديات كثيرة ابرزها الضرائب غير المباشرة (المبيعات خصوصاً) واسعار الطاقة للدول العربية غير النفطية، التحدي الثالث لهذين القطاعين رغم ان القطاع الخدمي وخاصة المالي من مصاريف، تأمين، اسواق مالية والكثير من الخدمات المالية الاخرى معفاه من الضريبة غير المباشرة هذه. باستعراض نسب الفوائد السائدة في الدول العربية نجدها انها بلغت للسنوات (2020، 2021 و2022) ما لا يقل عن (9)% للتسهيلات عامة و(4-5)% للودائع بينما هي بلغت في الدول العشرين ما بين (1-3)% على اكثر تقدير.

ثالثاً: الاقتصــــاد العربــــي

         في الفصل السابق ،تم استعراض واقع المالية العامة التي تعتبر قاعدة السياسات المالية التي تنعكس على الاقتصاد الوطني بقطاعاته الثلاث (الصناعة ،الزراعة، الخدمات) فالعلاقة جدلية بين ادارة تلك الادوات ووضع الاقتصاد العربي من حيث هيكله او قدرته على النمو وهنا تكمن المشكلة الحقيقية لكل مظاهر الازمة التي تعيشها امتنا والتي تفسر لماذا هناك غياب للارادة السياسية وفي ذات الوقت لماذا ما يحصل عليه المواطن من حقوق اساسية متواضعاً، ابتدأً من العائد عليه من الناتج المحلي الاجمالي، التعليم، الصحة، العمل، وانتهاءً بالسكن والخدمات الاخرى غير الاساسية.

-      الاقتصاد وهيكله هنا يتكون من الزراعة ،المياه ،الصناعة وعناوينها العديدة، والخدمات واشتقاقاتها المتعددة من خدمات مهنية ،تجارة ،خدمات مالية، تكنولوجيا المعلومات، وغيرها الكثير وباستعراض ما هو متوفر من معلومات عن هذا الهيكل نجد ما يلي: