التوزيع:
محدود
الرقم:
م ق ع 33/وثائق 17
التاريخ: 31/5/2024
المؤتمر
الثالث والثلاثون
31 أيار/مايو - 1 و 2 حزيران/يونيو
2024
بيروت - لبنان
"المشهد الدولي والإقليمي والعربي بعد "طوفان
الأقصى":
تقدير موقف واستشراف"**
د. زياد حافظ *
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* باجث اقتصادي، الأمين العام السابق للمؤتمر القومي
العربي
** لا تعبر هذه
الورقة بالضرورة عن رأي الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي.
المشهد الدولي والإقليمي والعربي بعد "طوفان
الأقصى":
تقدير موقف واستشراف*
د.
زياد حافظ (لبنان/أمريكا)
مقدمة
هذا التقرير استكمال للتقارير السابقة التي قُدّمت في
الدورات السابقة للمؤتمر القومي العربي وللأمانة العامة. فالمنحى الاستراتيجي هو
نفسه ولم يتغيّر بل ثبّتته التحوّلات والتطوّرات خلاصتها أن المحور الغربي في حالة
هبوط حادة تقارب الانهيار وأن الجبهة المناهضة للهيمنة الأميركية والغربية سياسيا
واقتصاديا وثقافيا في حالة صعود وتضم مجمل دول العالم خارج مجموعة الدول جي 7. كما
أن المحور الاستراتيجي الروسي الصيني توثّقت أواصره رغم الضغوط التي مارسها الغرب
وخاصة الولايات المتحدة وما زال لمنع التقارب. ويمكن القوم أن هذه الضغوط بدلا من
أن تؤدّي إلى تفكيك العلاقة بين روسيا والصين فإنها كانت سببا إضافيا لتعميق
علاقات التعاون التي وصلت إلى درجة أكثر من التحالف الاستراتيجي.
أما على الصعيد الإقليمي فإن "طوفان الأقصى"
جرف في 7 تشرين الأول/اكتوبر 2023 العديد من المفاهيم والمعادلات العربية
والإقليمية والجيوسياسية والدولية. وردّ الجمهورية الإسلامية في إيران على الكيان
الصهيوني المحتلّ بعد الاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق شكّل معادلة
استراتيجية جديدة في الإقليم يجب اخذها في الحسبان. وهذا ما سيكون مضمون التقرير
الحالي في تقدير موقف واستشراف المرحلة القادمة سواء على الصعيد الصراع مع الكيان
المحتل، أو مستقبل غزّة، أو على الجغرافية السياسية في الوطن العربي وإقليم غرب
آسيا، أو على صعيد النظام الدولي. فالعالم بعد "طوفان الأقصى" هو غير
العالم ما قبله. لذلك سيكون منطلق ومعيار المقاربة "طوفان الأقصى" مع
الإشارة إلى التحوّلات والتطوّرات الدولية والإقليمية التي أخذت بعدا آخرا بسبب
"طوفان الأقصى".
فخلافا للتقارير السابقة فإن المقاربة الحالية ستنطلق من
واقع الصراع مع الكيان الصهيوني وخاصة من منظور تداعيات "طوفان الأقصى"
على موازين القوّة في غرب آسيا وفي الوطن العربي ومن بعد ذلك على الصعيد الدولي. صحيح
أن التطوّرات التي شهدناها دوليا وإقليميا لها حركتها الخاصة لكن "طوفان
الأقصى" كان عاملا أساسيا في التأثير على مكوّنات ميزان القوّة في الإقليم
وفي العالم والتي كانت فحوى التقرير الأخير للمؤتمر القومي في دورته الثانية
والثلاثين.
الجزء الأول: "طوفان الأقصى" حقائق وتداعيات
هذا الجزء يقارب حقائق العملية العسكرية الفريدة
والمميّزة التي قامت بها المقاومة في غزّة وتداعياتها على صعيد الصراع مع الكيان
الصهيوني المحتل، وعلى موازين القوّة في الوطن العربي والإقليم وعلى الصعيد
الدولي.
التقييم السريع والموجز لتلك العملية يؤكّد دقة التخطيط،
والكفاءة في التنفيذ، وواقعية الأهداف المعلنة بغض النظر عن التطوّرات التي تلت
العملية والتي جعلت "طوفان الأقصى" محطة فاصلة في معركة التحرير الكامل
لفلسطين من البحر إلى النهر. وأهمية ذلك الإنجاز التاريخي تكمن في الصمود الأسطوري
لأهلنا في غزّة لما يتعرّضون من محرقة يشهدها العالم أجمع مباشرة رغم التعتيم في
الاعلام المهيمن الشركاتي في الغرب. كما أن أهمية الإنجاز تكمن أيضا في التداعيات
التي تلت العملية وما زالت حتى الساعة.
أولا-التحوّلات والتداعيات
الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في غزّة أولا وفي الضفة
الغربية ثانيا خلق واقعا لم يكن في الحسبان الصهيوني والأميركي والغربي. وهذا
الواقع أصبح مؤثّرا في تكوين عناصر موازين القوّة التي كانت محور التقرير السياسي
الأخير للمؤتمر القومي العربي. فالالتفاف حول قيادة المقاومة في فلسطين يعود إلى
طبيعة القيادة التي برهنت عن مصداقية وعن كفاءة فاقت كافت التوقعات في الغرب وفي
الإقليم. والصمود الشعبي في غزّة قلب الأولويات حيث فصائل المقاومة أصبحت تنفّذ
رغبات الشعب وأصبحت خاضعة للسقوف التي يحددها. فالتكليف الشعبي في استمرار
المقاومة هو ترجمة الصمود. وكلفة الصمود أصبحت رادعا لأي تسوية تستلزم تنازلات. فضخامة
الإنجاز والكلفة البشرية الباهظة تجعل "التنازل" المطلوب في أي
"تسوية" غير مقبول وغير ممكن. فالتقييم الصحيح ل "طوفان
الأقصى" لن يكون في إحصاء الخسائر البشرية والمادية بل في النتائج السياسية
وهنا يمكن رصد التحوّلات في ميزان القوّة في الصراع مع الكيان.
التحوّل الأول هو فقدان الكيان لزمام المبادرة العسكرية
والسياسية. والمعارك هي على ارض فلسطين وليس خارج فلسطين خلافا لما كان يقوم به
العدو في السابق. فالمقاومة هي التي قامت بالعملية واستطاعت خرق أجهزة الدفاع
والتنصّت واستولت على مقر القيادة الاستخبارية "وحدة 8200" وغنمت
المعلومات الاستخبارية التي كان يرتكز إليها العدو الصهيوني. كما استطاعت المقاومة
أسر عدد كبير من سكّان المستعمرات في غلاف غزة. فيما بعد حاول العدو السيطرة
عسكريا على قطاعات واسعة من قطاع غزة ولم ينجح في البقاء فيها رغم تفوّق قوّاته
بالقدرات النارية. القتال على مسافة صفر بين مجاهدي المقاومة وقوّات الاحتلال
أسفرت عن تعاظم الخسائر البشرية لدى قوّات الاحتلال ناهيك عن تدمير الآليات التي
حاولت التوغّل في القطاع. وبعد أكثر من مئتي يوم (أي عند تاريخ اعداد هذا التقرير)
لم يحقق العدو الصهيوني أي من أهدافه المعلنة من تحرير الأسرى إلى تدمير البنية
العسكري للمقاومة إلى سحق حماس.
التحوّل الثاني هو اشتعال جبهات عربية تقوم حتى الساعة
بوظيفة الاسناد طالما زمام المبادرة العسكرية ما زال في يد المقاومة في غزة. كما
أن اشتعال الضفة الغربية يساهم في إشغال قوّات الاحتلال الصهيوني وينذر بتوسيع
رقعة المواجهة على كافة أرض فلسطين المحتلة. التنسيق بين الساحة الفلسطينية
والساحات العربية المساندة أي في لبنان وسورية والعراق واليمن يدّل على قومية
المعركة وأن الجهود التي انفقت من قبل العدو وداعميه في الغرب لتغييب القضية
الفلسطينية فشلت. كما ان التنسيق حقق وحدة الساحات العسكرية تمهيدا لمرحلة ما بعد
القتال لوحدة الساحات السياسية.
التحوّل الثالث يكمن في سوء تقدير الموقف في كلّ من
حكومة الكيان والإدارة الأميركية حيث العمى العقائدي والمصالح الجيوسياسية مسيطر
على العقول فاعتقدوا أن بإمكانهم حسم المعركة في غزّة بسبب ما اعتبروه من تفوّق في
القدرة النارية. فتحوّلت العملية العسكرية التي قامت بها قوى المقاومة من عملية
محدّدة ومحدودة الأهداف إلى حرب استنزاف لقدرات العدو لتحقيق تحرير فلسطين ما زالت
قائمة بعد أكثر من 7 أشهر. فحجم الخسارة في البشر والحجر لدى أهلنا في غزّة فرض
رفع السقف السياسي ليكون الحل متناسبا مع حجم التضحيات. في هذا السياق، ومع كل يوم
يمر، ستكون النتيجة للمعارك التحرير لكل فلسطين. ليس بمقدور الكيان ولا الولايات
المتحدة تغيير المعادلات الميدانية رغم كل الإمكانيات المتوفرة لديهم وبالتالي
الحد الأقصى الذي يمكن أن يحصلوا عليه هو تأجيل زوال الكيان. صحيح أنه هناك نخبا
في الوطن العربي ما زالت تعتقد أن زوال الكيان أمر مستحيل أو بعيد المدى فمن كان
يعتقد أن الاتحاد السوفيتي كان سينهار حتى ساعة انهياره؟ فميزان القوة في الصراع لم يعد لصالح الكيان
والولايات المتحدة لا على الصعيد الميداني ولا على صعيد الإقليمي ولا على الصعيد
الدولي في السياسة وفي معركة الوعي ورأي العام في العالم أجمع.
التحوّل الرابع هو فقدان العدو لسمعته السياسية
والأخلاقية في العالم أجمع. المحرقة التي يرتكبها بحق أهل غزّة الغت سردية الضحية
التي كان يروّجها الكيان والنخب الحاكمة الولايات المتحدة ومجمل الدول الغربية
وبطبيعة الحال في دول الجنوب الإجمالي. ويمكن إبداء الملاحظات التالية حول سقوط
المفاهيم الغربية.
ثانيا-التداعيات على المفاهيم
لم تقتصر عملية "طوفان الأقصى" على قلب
المعادلات في المنطقة ومسار الصراع مع الكيان الصهيوني، ولم تقتصر على رسم آفاق
جديدة للنظام العربي، بل كان طوفانا جرف معه اكذوبة التفوّق الغربي في المفاهيم
والقيم. سلوك الدول الغربية من حكومات ووسائل اعلام مهيمنة تدلّ بوضوح على النفاق
الغربي في ترويج مفاهيم لا يؤمنون بها بل يفرضونها كأنها قيم كونية صالحة لجميع
المجتمعات، بل لم تكن إلاّ شعارات لخداع الشعوب والسيطرة عليها. ونستخلص من كل ذلك
ما يلي:
1- العنصرية التي ظهرت في المواقف الصهيونية، والأخيرة
هي فكر غربي بامتياز، وفي مواقف الحكومات الغربية والاعلام حول رفض لإدانة الكيان
على الإبادة الجماعية التي يقوم بها الكيان بحق أهلنا في غزّة هو أكبر دليل على
ذلك.
2- والعنصرية الغربية لا تنصب على الفلسطينيين والعرب
والمسلمين فحسب بل أيضا على كافة الشعوب للدول التي ترفض الهيمنة الغربية. وجدنا
ذلك في تغطية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حيث كانت التغطية الإعلامية
الغربية لترويج سرديات وأكاذيب حول أسباب العملية وتداعياتها.
3- العنصرية الغربية التي ظهرت بدون خجل في المواقف
الرسمية والاعلام الغربي في الأيام الأولى لعملية "طوفان الأقصى" أسقطت
كافة الادعاءات حول الديموقراطية وحقوق الانسان والحيوان. فربما هذه القيم لا
تنطبق إلاّ على أصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرق.
4- العنصرية الغربية الرسمية ظهرت هي أيضا في رفض العديد
من الحكومات إرسال المساعدات لغزّة المنكوبة. فعند حدوث كارثة طبيعية في أي دولة
أو نشوب حرب أهلية تؤدّي إلى نزوح السكّان كانت المؤسسات التابعة للحكومات الغربية
تهبّ لإرسال مساعدات. أما فيما يتعلّق بغزّة فردّة الفعل الأولى للنخب الحاكمة في
الغرب هي التأكيد على الحصار لمنع المقاومة من الاستفادة من أي مساعدة. وظلّت
الحكومات الغربية ساكتة عن الوحشية والابادة الجماعية بل المحرقة التي ينزلها
الكيان بحق أهل غزّة.
5- العنصرية الغربية تجلّت أيضا في سكوت المجتمع
الأكاديمي والقانوني الغربي على جرائم جيش الاحتلال وتصريحات حكومته العنصرية. لقد
قتل جيش الاحتلال أكثر من 90 أستاذ جامعي في غزة كما دمّر كافة الجامعات والمدارس
في القطاع ولم يحرّك الأكاديميون الحقوقيون والمسؤولون في الجامعات الغربية ساكنا
تجاه تلك الجرائم. بل وجدنا أن المسؤولين الجامعيين يحاولون منع التظاهر الطلاّبي
نصرة لغزة وفلسطين ويلاحقون بعض الطلاب الذي يحاولون لفت النظر على تلك الجرائم. فأي
حرّية الفكر يتكلّمون عنها حتى في معقل العلم ومصنع الفكر! لكن لكل فعل ردة فعل مماثلة إن لم تكن أقوى
وهذا ما سيتم مقاربته في مقطع الجزء الثاني من هذا التقرير.
6- لا بد من الإشارة إلى ازدواجية المعايير في تقييم
سلوك الكيان والتغاضي عن وحشيته وإدانة كل من "يعتدي" عليه حتى لو كان
دفاعا عن النفس. فهذا الحق هو فقط للكيان المحتل ولا يحقّ للراضخ تحت الاحتلال أن
يقاوم الاحتلال. فالفلسطيني إرهابي إذا قاوم الاحتلال الصهيوني والسوري مخرّب إذا
قاوم الاحتلال الأميركي لثلث سورية والعراقي متطرّف إذا رفض وجود القواعد العسكرية
في العراق. وحتى في أروقة الأمم المتحدة لم يدين أمينها العام الاعتداء الصهيوني
على القنصلية الإيرانية في دمشق بينما سارع ومعه مسؤولو دول مجموعة الجي 7 إلى ادانة
الرد الإيراني على الاعتداء الصهيوني. فهذا الرد أصبح "اعتداء" على
الكيان" وخارج السياق العام لمجريات الصراع القائم.
7- يمكن تسجيل سقوط مصداقية المحفل القانوني في الغرب. فعلى
الصعيد القانوني فإن دولة من عالم الجنوب الإجمالي ومن مجموعة البريكس، وهي دولة
جنوب إفريقيا، هي الوحيدة التي بادرت إلى طرح قضية الإبادة الجماعية في محكمة
العدالة الدولية في لاهاي وذلك في سكوت مدوي للجسم القانوني والجامعي القانوني في
دول الغرب. وقرار المحكمة كان خجولا في إدانة الكيان الصهيوني واكتفى بالإشارة إلى
"وجود إمكانية" على ارتكاب جرائم حرب تستدعى المزيد من التحقيق رغم
تصريحات المسؤولين الصهاينة والدلائل المادية الموثّقة بالصوت والصورة حول هذه الجرائم.
8- "طوفان الأقصى" قضى على منظومة
"الاحكام والقيم" التي تروّج له الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي
كبديل عن منظومة التي يحكمها القانون الدولي والمعاهدات وقرارات مجلس الأمن. ف"الاحكام"
مبهمة تتغيّر مع مزاج ومصالح الدول المهيمنة ولا تستند إلى أي قاعدة قانونية
و"القيم" ذهبت في مهب رياح
"طوفان الأقصى". ما تروّجه كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هو
شريعة الغاب وعلى حساب شعوب دول الجنوب الإجمالي.
9- في آخر المطاف ما نشهده في الغرب هو انحطاط أخلاقي
وفكري لا قاع له. الانحطاط الأخلاقي يمهّد لزوال المنظومات السياسية والاقتصادية
والثقافية التي تهيمن على شعوب الغرب وحتى على شعوب العالم. فموازين القوّة تغيّرت
ومن ضمن مكوّنات تلك الموازين القيم الأخلاقية ونوعية القيادات.
10- الانحطاط الأخلاقي كشف رداءة النخب الحاكمة في كل من
الكيان الصهيوني ودول الغرب. ورداءة النخب ناتجة عن طبيعة النظام السياسي حيث
المال أصبح المحرّك الأوّل والأهم في انتقاء المسؤولين والخيارات الاستراتيجية
والسياسات التي تنفذ تلك الخيارات. وقوّة المال أجهضت قوّة الديمقراطية في الغرب
عبر السيطرة على الاعلام وتمركزه في مجموعة قليلة تستطيع الصنع والسيطرة على الرأي
العام. لكن ما يحصل من حراك شعبي في دول الغرب كردّة فعل على الانحراف السائد قد
يخلط كافة أوراق اللعبة الداخلية ما يحيّد إن لم يلغ أي دول لها في العالم. ورداءة
القيادات تؤثّر بشكل واضح على موازين القوّة حيث تراكم الأخطاء وعدم التعلّم من
التجارب السابقة يعنى الاستمرار في مسارات الانهيار لدول الغرب دون وجود أي رادع
داخلي لها.
11- دروس المواجهة كانت عديدة يمكن ذكر بعضها:
أولا-اكتشاف مواقع الضعف عند العدو وعند حلفائه سواء في الميدان أو في السياسة أو
في الاعلام. ويمكن القول إن المقاومة استطاعت ربح المعركة الإعلامية في إيصال
الوقائع إلى العالم وتعرية حكومة الكيان والحكومات الغربية. ثانيا، تراكم الخبرات
العسكرية الميدانية على كل الجبهات الرئيسة والمساندة في آن واحد. وهذه الخبرات
تترجم بشكل سريع ومباشرة في تكتيكات عسكرية لم يستطع العدو على مواجهتها.
ثالثا-الإنجازات تولد إنجازات إضافية والنجاح لا يعزّز الآمال فحسب بل ينقض ثقافة
الهزيمة المتجذرة عند الكثيرين. ثالثا-ارتفاع مستوى الوعي في الوطن العربي وفي
العالم تجاه ما يحصل في فلسطين لم يكن ليحصل لولا أداء المقاومة والاعلام المقاوم
الذي هزم نظيره الصهيوني في معركة الوعي. رابعا-إن الدرس الذي نعتبره في المرتبة
الأولى من الأهمية هو تمازج الايمان والعقل والشجاعة الذي قدمّته فصائل المقاومة
على كل الجبهات وصمود الجماهير التي تتلقّى الضربات وما زالت مستمرة في الصمود
والتحريض على المزيد من المقاومة حتى التحرير.
ثالثا-التداعيات الجيوسياسية والجيواقتصادية
التداعيات الجيوسياسية والاقتصادية لا تقلّ أهمية عن
مسار الصراع مع الكيان الصهيوني ولا عن المعادلات الدولية والإقليمية. فعملية
"طوفان الأقصى" أدّت إلى تفعيل عدة جبهات في غرب آسيا سواء على المستوى
العربي أو الإقليمي أو الدولي. لذلك يمكن أبداء الملاحظات التالية:
1- عملية "طوفان الأقصى" شكّلت ضربة قاسمة
لمشاريع التطبيع مع الكيان الصهيوني والتي تدفع إليه الولايات المتحدة. ففي
الأسبوع الذي سبق العملية كان جاك سوليفان رئيس المجلس الأمن القومي الأميركي قد
صرّح على محطة "ان بي سي" الأميركية أن منطقة غرب آسية تنعم بهدوء وأن
مسار التطبيع يتأكد. ثم قدمّ تلك الروية في مقال له في مجلة "فورين
افيرز". فوجئ سوليفان بعملية "طوفان الأقصى" فكانت هرولة الإدارة
الأميركية لدعم الكيان مع زيارة وزير الخارجية وفيما بعد الرئيس الأميركي. وهذه
المفاجأة أكّدت الإخفاق الكبير في معرفة التطوّرات على الأرض وقصر نظر الإدارة في
تقدير أهمية القضية الفلسطينية. كما أن العملية كشفت الإخفاق الاستخباري لكل من
الكيان والولايات المتحدة. وهذا الإخفاق لم يخف عن تقدير المراجع السياسية في دول
المنطقة ما جعل حكومات الدول العربية المتماهية تقليديا مع سياسات الولايات
المتحدة تتريث في الاستجابة للرغبات الأميركية في محاولاتها لتطويق أبعاد
"طوفان الأقصى" وإعادة الاعتبار لهيبة الكيان الصهيوني التي تحطّمت في 7
تشرين/أكتوبر 2023.
لذلك فشلت الجولات الأميركية في المنطقة لحث الدول
العربية على إدانة عملية المقاومة والمضي في مسار التطبيع. زيارة المسؤولين
الأميركيين لبلاد الحرمين مُنيت بالفشل بعد اعلان سلسلة من مواقف من قبل حكومة
الرياض أن مسار التطبيع مرتبط بحل عادل للقضية الفلسطينية. وذروة هذا الفشل تجسّد
في رفض كل من الرئيس المصري والعاهل الأردني ورئيس السلطة الفلسطينية الاجتماع
بالرئيس الأميركي خاصة بعد جريمة قصف مستشفى "الشفاء" في غزة. هذا الفشل
الدبلوماسي الأميركي يؤكّد مدى تراجع نفوذ الولايات المتحدة رغم كثافة الوجود
العسكري له في منطقة الجزيرة العربية وفي العراق وفي سورية.
ولا يمكن فصل الإخفاق في الدبلوماسية الأميركية عن
التحوّلات التي سبقت "طوفان الأقصى" في مواقف بلاد الحرمين تجاه توثيق
العلاقات مع كل من روسيا والصين، والمصالحة مع الجمهورية الإسلامية في إيران،
وتسعير النفط باليووان الصيني في صفقات النفط مع الصين، والتمسّك بروسيا في أوبك +
للتنسيق في سياسة انتاج النفط وتسعيره، ودعم عودة سورية إلى الجامعة العربية، وكل
ذلك تلازما مع تجميد العمليات العسكرية ضد اليمن. ويجب الإضافة إلى كل ذلك دخول
بلاد الحرمين ودولة الامارات العربية ومصر إلى منظومة البريكس ما يشكّل صفعة كبيرة
للجهود الأميركية لمواجهة الكتلة الاوراسية الصاعدة ومجموعة دول الجنوب الإجمالي.
فكما خسرت الولايات المتحدة إيران سنة 1979 فهي على عتبة خسارة كل منطقة غرب آسيا
برمتها رغم المصالح العربية معها.
2- النتيجة الثانية لعملية "طوفان الأقصى"
والمتلازمة مع إيقاف حركة التطبيع في الجزيرة العربية هو أسقاط مشروع بايدن للخط
الذي يربط الهند بالجزيرة العربية بفلسطين المحتلة كبديل عن خط الحزام الواحد الذي
يشكّل مرتكز التحرّك السياسي والاقتصادي للصين والذي كان قد أعلنه بايدن في اعقاب
مؤتمر قمة العشرين في نيودلهي. إجهاض الخط البديل يعزّز مكانة المشروع الصيني كما
يحفّز الصين على توثيق وتثبيت العلاقات الاستراتيجية مع دول غرب آسيا فكان الإعلان
الصيني عن التعاون الاستراتيجي مع سورية. و"طوفان الأقصى" ساهم في تنامي
الدور الصيني في غرب آسيا عبر استضافة فصائل المقاومة والعمل على الدفع لتوحيد
الموقف الفلسطيني. فبينما تفقد الولايات المتحدة أوراقا سياسية نرى الصين تحصد
نتائج سوء التقدير الأميركي والغربي في المنطقة.
3- تلازما مع اجهاض المشروع الأميركي البديل لطريق
الحزام الواحد الصيني كان العامل اليمني في البحر الأحمر والمحيط الهندي ليسقط
بضربة قاضية الهيمنة الأميركية على الممرات البحرية عبر استهداف القوّات اليمنية
البواخر المتجهة نحو مرافئ الكيان الصهيوني. فعجز الولايات المتحدة ومعها المملكة
المتحدة وفرنسا على كبح اليمن كان تحوّلا مفصليا في البعد الجيوسياسي والاقتصادي
لموازين القوّة في البحر الأحمر. فإحدى مرتكزات الهيمنة الأميركية هو السيطرة على
الممرات البحرية أسوة بسيطرتها على شرايين المال. فقيام اليمن بإسقاط الدور الأميركي
عاملا أساسيا في قلب موازين القوّة. وإعلان اليمن أن تلك الإجراءات التي تمنع مرور
السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني مرتبطة بالعدوان الصهيوني على غزة. فإيقاف
العدوان يعيد فتح الممرّ البحري. هذا تحوّل لم يكن بالحسبان عند المحور الغربي.
إضافة إلى ذلك الإخفاق الأميركي في عجز الولايات المتحدة
تجنيد كل من مصر (المتضرّرة) من انخفاض عدد السفن التي تمر بقناة السويس في حلف
لمواجهة اليمن. كذلك الأمر بالنسبة لبلاد الحرمين ودولة الامارات المتمسكتين
باستمرار الهدنة مع اليمن. وفيما بعد انسحبت القطع الفرنسية من بحر الأحمر
والمعلومات الأخيرة كانت عن خروج حاملة الطائرات الأميركية من محيط البحر الأحمر. فرغم
الغارات الأميركية والبريطانية المتكرّرة والمكثّفة على مواقع يمنية إلاّ أنها
فشلت في ردع اليمن.
فشل السيطرة على ممر باب المندب تلازم مع إجهاض الخط
البديل عن خط الحزام الواحد ما يعني لأول مرة منذ عدة قرون سقوط قوّامة القوى
البحرية على السيطرة على العالم. هذا يعني انتصار "الجزيرة الاسيوية"
على قوّات البحر وإعادة الاعتبار إلى القوّات البرّية. ففشل السيطرة في الجوّ وفي
البحر لدى قوى الحلف الأطلسي والكيان الصهيوني ألغى عناصر الهيمنة الجيوسياسية في
غرب آسيا. وبما أن غرب آسيا هي المنطقة الجغرافية الأهم في العالم لقربها من ثلاث
قارات ووجود مصادر الطاقة فإن فقدان الهيمنة التاريخية الانجلوساكسونية على
المنطقة ينذر بأفول الإمبراطورية الأميركية.
4- من تداعيات "طوفان الأقصى" ارتكاب الكيان
الصهيوني حماقة استراتيجية إضافية عبر قصف القنصلية الإيرانية في دمشق. برز سوء
التقدير الصهيوني ومعه سوء التقدير الأميركي لأن الولايات المتحدة ليست شريكة
وداعمة للعدوان على غزة فحسب بل هي من تدير العدوان. وسوء التقدير عند الشريكين
بالجريمة التي ترتكب يكمن في الاستخفاف من الرد الإيراني وعدم إدراك تداعيات
استهداف إيران بأنه استهداف لمنظومة البريكس ومؤسسة شنغهاي. فالجمهورية الإسلامية
في إيران عضو في المنظومتين. فإما الكيان الصهيوني وشريكه ومسيّره غاب عن بالهما
هذه الحقيقة ويمكن الشكّ بذلك وإما هو تعبير عن الاستخفاف بتلك المنظومتين وبقدرات
إيران. والاحتمال الثاني هو الأرجح ويأتي في سياق تراكم الإخفاقات في التقدير في
مختلف مسارح الصراع سواء في أوكرانيا أو في مختلف مسارح غرب آسيا وأيضا في شرق
آسيا في السعي العبثي لمحاصرة واحتواء الصين.
هذا يعني أن الدور الصيني والروسي سيكون أكثر حضورا في
غرب آسيا وذلك على حساب الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص. تحييد منظمة
الأمم المتحدة والقانون الدولي من قبل الغرب من أي مضمون فعّال ألغى مصداقية
النظام العالمي الذي تريد فرضه الولايات المتحدة والمسمّى بمنظومة القيم والأخلاق.
بالمقابل تؤكّد كل من روسيا والصين على قوّامة القانون الدولي في تأطير العلاقات
بين الدول واحترام سيادة الدول. فالدور الأميركي في غرب آسيا أفقدها أي مصداقية
وفعّالية حتى عند الدول المتماهية معه. فإذا كان هدف الولايات المتحدة محاصرة
الصين فإن أداءها في العدوان على غزّة عزّز حضور كل من الصين وروسيا وجنوب إفريقيا
إلى غرب آسيا بقوّة. كما أن العدوان على الجمهورية الإسلامية في إيران وردّها عليه
جعل من إيران قوّة إقليمية عظمى قد تسدّ الفراغ الذي ستتركه الولايات المتحدة
بخروجها من غرب آسيا.
5- إن الإخفاق في إخضاع حماس يعني الفشل في اخضاع حزب
الله وإيران واليمن. وهو عجز صهيوني وعجز أميركي وغربي في آن واحد. وهذا العجز
يؤكّد ان مجمع دول الغرب والكيان الصهيوني غير قادر على التأثير على مسار الأمور
رغم ما يتمتّع هذا المحور الغربي من قدرات عسكرية واقتصادية تفوق ما في حوزة محور
المقاومة. هذا يعني أن فائض القوّة المتوفّر لدى المحور الغربي لا يمكن ترجمته
سياسيا بسبب فقدان المصداقية. وفقدان المصداقية يعود إلى كشف ازدواجية المعايير
والعنصرية المتجذرة تجاه شعوب المنطقة وفقدان المصداقية يترجم بفقدان القيمة
المعنوية والأخلاقية التي كان يعتمدها الغرب لإخضاع الشعوب. بالمقابل، فإن فائض
القيمة المضافة عند مكوّنات محور المقاومة يُترجم بفائض قوّة يردع التفوّق الناري
لدى المحور الغربي.
6- هذا فائض القيمة لدى محور المقاومة تبلور في
"طوفان الأقصى" الذي أظهر في المشهد العسكري سلاحا جديدا في الميدان كما
أظهر أن الغرب والكيان الصهيوني يديران الحروب بعقلية القرن العشرين ولا يستطيعان
حتى الآن التكيّف مع حروب القرن الحادي والعشرين. فالسلاح النوعي الجديد كالصواريخ
المتعدّدة الأشكال بما فيها تلك الفارقة للصوت والمسيّرات هي أدوات حروب القرن
الحادي والعشرين بينما الكثافة النارية للطائرات الحربية والدبّابات لدى العدو
الصهيوني لا تستطيع مواجهة السلاح النوعي الجديد ولا حتى التكتيكات العسكرية التي
تنفّذها المقاومة. وتنوّع السلاح لدى مكوّنات محور المقاومة تلازم مع تنوّع في خطط
وأساليب القتال تتكيّف مع البيئة العسكرية ومع مواقع الضعف لدى العدو. فالضربات
العسكرية لدى المقاومة في ساحة فلسطين وفي المنطقة العربية استهدفت مواقع
استراتيجية تراكم فيها الانجازات لصالحها وتراكم الإخفاقات عند العدو. وهذا يعني
أن إطالة المواجهة العسكرية ليست في صالح العدو بل تستنزف قدراته دون أن يحقّق أي
شيء سواء استهداف المدنيين. إلاّ ان ذلك الاستهداف ثمنه كبير على الصعيد
الاستراتيجي حيث ضرب أحد مرتكزات الكيان وهو الدعم الخارجي. فصورة الكيان الحقيقية
ظهرت للعالم ونسفت سرديات كان يُسوّقها على مدى ثمانية عقود دون أن تلاقي ردّا أو
نقضا يُذكر.
7- أما على الصعيد الاقتصادي فإن "طوفان الأقصى" ساهم في
دعوات الاحتجاج على المجازر الذي ترتكبها قوّات الاحتلال في غزّة وفي الضفة
الغربية إلى مقاطعة اقتصادية للكيان الصهيوني. تكاملت هذه الدعوات مع جهود
التنسيقيات العربية في مواجهة التطبيع ومقاطعة الشركات الغربية التي تتعامل مع
الكيان. وبات واضحا أن تلك الدعوات لقت صدى إيجابيا كبيرا في مقاطعة منتوجات شركات
الوجبات السريعة كماكدونالد وستاربكس على سبيل المثال. أما في الغرب وخاصة في
الولايات المتحدة فكانت وما زالت مطالب المتظاهرين من الطلاّب في الجامعات العريقة
في إيقاف استثمارات الصناديق الجماعية في الشركات التسليح الأميركية والشركات التي
تتعامل مع الكيان.
رابعا-الردع الاستراتيجي في غرب آسيا
من أهم تداعيات "طوفان الأقصى" تكريس عنصر
استراتيجي في ميزان القوّة في غرب آسيا هو الردع الاستراتيجي. ويأتي هذا الردع
الاستراتيجي على اعقاب ما كان يُسمّى ب "الصبر الاستراتيجي" حيث استطاعت
مكوّنات محور المقاومة استيعاب الاستهداف الصهيوني المتكرّر لمواقعها في غرب آسيا
وكأنه لا يخشى أي ردّة فعل. وهنا قد يكون ارتكب العدو وحلفاؤه سوء تقدير استراتيجي
فادح عندما اعتبر "الصبر الاستراتيجي" ضعفا في محور المقاومة. وليس ذلك
سوء التقدير الاستراتيجي الوحيد الذي ارتكبه في استمراره احتلال فلسطين ومحاصرة
غزة بل هناك سلسة من الأخطاء الاستراتيجية التي وقع فيها. فعملية "طوفان
الأقصى" أظهرت الإخفاق الاستخباراتي في الكيان كما أن الهجوم الوحشي على
سكّان غزة كان الخطاء الاستراتيجي الثاني حيث فقد من خلاله الدعم الخارجي، وخاصة
بين شعوب العالم التي لم تعد تقبل بالسرديات التي روّجها على مدى عقدين من الزمن
بأنه الضحية بدلا من أن يكون الجلاّد. اما الخطأ الاستراتيجي الثالث الذي ارتكبه
العدو فهو العدوان على القنصلية الإيرانية في دمشق. هذه الأخطاء الاستراتيجية
أتاحت الفرصة لمحور المقاومة من الانتقال من مرحلة الصبر الاستراتيجي إلى مرحلة
الردع الاستراتيجي.
ومفهوم الردع الاستراتيجي هو منع العدو من الاقدام على
استهداف استراتيجي لمواقع الخصم وفي هذه الحال محور المقاومة بمكوّناتها. وهذا
الردع الاستراتيجي متدرّج ومتوفّر بشكل تصاعدي عند الفصائل المقاومة في فلسطين
ولبنان وسورية والعراق، وعلى الصعيد الدولة في كل من اليمن والجمهورية الإسلامية
في إيران.
فبالنسبة للمقاومة في العراق استطاعت الأخيرة أن تفرض
على القوّات الأميركية الجلوس مع الحكومة العراقية لبحث جدولة الانسحاب وليس مبدأ
الانسحاب. لا تستطيع الولايات المتحدة ان تتحمل تصدير توابيت جنودها إلى اميركا
بعد الصدمات المتتالية في أفغانستان والعراق وفي ظروف الحملة الانتخابية.
كما أن المقاومة في لبنان استطاعت أن تقضى على كافة
محطّات الإنذار والتنصّت والمراقبة ومراكز الاستخبارات (وحدة 9900) في شمال فلسطين
وأفقدت قدراته على استكشاف تحرّكات المقاومة في لبنان إلاّ بكلفة عالية. وكذلك
المقاومة في فلسطين استطاعت تدمير وحدة 8200 الاستخبارات الصهيونية في غلاف عزّة
والاستيلاء على كنز من المعلومات الاستخباراتية. والتجهيزات التي كانت أجرتها في
غزّة مكّنت المقاومة مت تعطيل قدرة الاجتياح لقوّات الاحتلال بل جعلته يفكر مليّا
حول جدوى الدخول والالتحام مع قوّات المقاومة في مختلف المواقع في غزّة.
أما على صعيد الدول فقد قلب اليمن موازين القوّة
الإقليمية والدولية عبر السيطرة على ممر باب المندب ومنع السفن المتجّهة إلى مرافئ
الكيان الصهيوني. وقد عجزت قوّات البحرية الأميركية والبريطانية عن تغيير المعادلة
التي فرضها اليمن وبالتالي سقطت الهيمنة الأميركية والغربية على الممرّات المائية
ما سيؤثّر بشكل جذري على المعادلات الجيوسياسية في غرب أسيا واستطرادا في بحر
الأحمر والمتوسط والمحيط الهندي. الاستخفاف بقدرات اليمن وربط إجراءاته بالعدوان
على غزّة كانت الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته القوى الغربية.
الدولة
الأخرى التي فرضت الردع الاستراتيجي على الكيان الصهيوني والغرب عموما هي
الجمهورية الإسلامية في إيران في ردّها المتقن والنوعي والواسع على مواقع عدّة في
فلسطين المحتلّة. وعدم قدرة المنظومة الدفاعية للكيان وحتى لقوّات الأطلسي من منع
وصول الصواريخ الدقيقة أسقط الدعاية الغربية وخاصة الأميركية في تفوّق سلاح |