www.arabnc.org
   
الصفحة الرئيسة
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
المشاركون في الدورة ا
المشاركون في الدورة ا
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول الأعضاء المشاركي
جدول المشاركين 30
جدول المشاركين 31
جدول المشاركين 32
جدول المشاركين 33
الأول 1990
الثاني 1991
الثالث 1992
الرابع 1993
الخامس 1994
السادس 1996
السابع 1997
الثامن 1998
التاسع 1999
العاشر 2000
الحادي عشر 2001
الثاني عشر 2002
الدورة الطارئة 2002
الرابع عشر 2003
الخامس عشر 2004
السادس عشر 2005
السابع عشر 2006
الثامن عشر 2007
التاسع عشر 2008
العشرون 2009
الواحد والعشرون 2010
الثاني والعشرون 2011
الثالث والعشرين 2012
الرابع والعشرون 2013
الخامس والعشرون 2014
السادس والعشرون 2015
السابع والعشرون 2016
الثامن والعشرون 2017
التاسع والعشرون 2018
الثلاثون 2019
الواحد والثلاثون 2022
الثاني والثلاثون 2023
الثالث والثلاثون 2024
القائمة البريدية
بحث
تصغير الخط تكبير الخط 
الديمقراطية 33 ((الديمقراطية 33))

التوزيع: محدود

الرقم: م ق ع 33/وثائق 2

التاريخ: 31/5/2024

 

المؤتمر الثالث والثلاثون

31 أيار/مايو - 1 و 2 حزيران/يونيو 2024

بيروت - لبنان

 

"مستقبل الديمقراطية في العالم العربي في ظل طوفان الأقصى"**

 

 د. إسماعيل الشطي*

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* كاتب، عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي

** لا تعبر هذه الورقة بالضرورة عن رأي الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

مستقبل الديمقراطية في العالم العربي في ظل طوفان الأقصى

د. إسماعيل الشطي (الكويت)

ورقة مقدمة لدورة المؤتمر القومي العربي رقم (33) أيار/مايو 2024

الديمقراطية شكل معاصر من أشكال الحكم، يتميز بمشاركة جميع المواطنين في عمليات الاقتراع لانتخاب ممثلين عنهم يقترحون ويطورون ويستحدثون القوانين، وتحتل الديمقراطية موقعا متقدما ضمن سردية التنوير الغربي والمنظومة الكونية لحقوق الإنسان، وفي نهاية القرن الماضي ظهرت أنظمة قياس لأنشطة الدولة الحديثة، تقيس الأحوال المالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسة، وأطلق عليها مؤشرات Indices، ومن بينها مؤشرات لقياس الديمقراطية ومظاهرها في دول العالم المعاصر[1]، و برزت أربعة منها مع مطلع الألفية الثالثة، وهي: مؤشر الإيكونيميست للديمقراطية[2] The Economist Democracy Index، مؤشرات V-Dem للديمقراطية[3] V-Dem Democracy Indices ، مؤشر بيرتيلزمان للتحول[4] Bertelsmann Transformation Index، ومؤشر حالة الديمقراطية في العالم[5] The Global State of Democracy Indices، والدراسة المقارنة بين تلك المؤشرات القياسية تبين نقاط الضعف والقوة بينها، وتكشف التأثير الخفي لصانعي تلك المؤشرات على نتائجها، فالملحق 7 (APPENDIX II. COMPARATIVE ANALYSIS OF DEMOCRACY INDICES) يذكر أنها تختلف فيما بينها في تحديد المفاهيم، وتتفاوت بالدقة، وتتباين في الوصول إلى البيانات وطرق معالجتها وتحليلها ومعالجتها الإحصائية، ناهيك عن موثوقيتها وصلاحيتها[6]، ويقول جون هوجستروم في دراسة له تقارن بين تلك المؤشرات القياسية للديمقراطية "وأظهرت النتائج أن المؤشرات الثلاثة لديها تناقضات في جميع المقارنات المطبقة في هذه الدراسة. ونتيجة لذلك، يجب على الباحثين وغيرهم ممن يستخدمون مؤشرات الديمقراطية أن يدركوا أن المؤشرات تصل إلى استنتاجات مختلفة فيما يتعلق بتصنيفاتهم وتقييماتهم للديمقراطية. ويجب على العلماء أيضًا أن يدركوا أن المؤشرات تفضل وترفض مختلف البلدان والمناطق في العالم في تصنيفاتها للديمقراطية"[7].

صدقية المؤشرات الغربية

وتعتبر المؤشرات الغربية أن العملية الانتخابية هي أفضل وسيلة للكشف عن قدرة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية على تمثيل إرادة الشعب، وعادة ما يشار إلى الدول التي تحظى بسجل نقاط عال في هذه المعايير بأنها ديمقراطية، لهذا يحظى مؤشر الديمقراطية بالاهتمام الكبير دون سائر غيره، على اعتبار أن الدولة الديمقراطية هي دولة ناجحة، خاصة وأن الغرب يستخدم شعار الديمقراطية لترويج النظام الرأسمالي الليبرالي، على اعتبار أن الديمقراطية تراثا غربيا خالصا، وجزء من منظومة قيم الحداثة، ويعبر مؤشر الإيكونيميست عن الديمقراطية بخمسة معايير، هي: 1) العملية الانتخابية والتعددية، 2) الحريات المدنية، 3) أداء الحكومة، 4) المشاركة السياسية، 5) الثقافة السياسية، وفي ظل هذه المعايير ستقبع الدول العربية دوما في قاع المؤشر، وستُصنف أنظمتها السياسية بالاستبدادية، لكن استخدام الديمقراطية كمؤشر لنجاح الدولة يعتبر شكلا من أشكال التسطيح لموضوع عميق ومعقد، إذ أن تعريف الديمقراطية غير محدد[8]، وغير متفق عليه لا لغة (Cappelen, 2023)، ولا تعريفا1991)  Schmitter & Karl,) ولا اصطلاحا (Kekic, 2007) ، وهناك نقاش علمي حول صحة المعايير المستخدمة لقياس الديمقراطية[9]، ومقترحات لاستبدالها[10]، وجدل حول فاعلية قياس العلوم الإنسانية بالأدوات الكمية[11]، وهذه نقاط ضعف تدفع بعض الدول للاعتراض على نتائج تلك المؤشرات، كما فعلت الهند بالاعتراض على مؤشر V-Dem الأخير (الصادر في 2024)، والذي وصف الهند بأنها "واحدة من أسوأ الأنظمة الاستبدادية"، وأشار إلى أنها توقفت بالفعل عن كونها ديمقراطية منذ عام 2018، وجاءت مؤشرات مماثلة بنتائج مماثلة في تخفيض مرتبة الهند الديمقراطية في السنوات الأخيرة، فقد صنفها مؤشر الحرية freedom house index بأنها دولة "حرة جزئيًا"، وخفض مؤشر الإيكونيميست تصنيفها من "ديمقراطية معيبة" إلى "استبداد انتخابي"، مما دفع الحكومة الهندية لمهاجمة تلك المؤشرات، والتخطيط لإصدار مؤشر للديمقراطية خاص بها[12].

ورغم عيوب هذه المؤشرات وقصورها؛ إلا أنها غالبا ما تسلط الضوء على تطور الأنظمة السياسية أو تراجعها في تمثيل إرادة الشعب، غير أن اللجوء إلى صنف واحد من المؤشرات (كمؤشرات الديمقراطية) من أجل الحكم على نجاح دولة ما يعتبر ضلال مركب، وهو ما يمارسه الإعلام الغربي خدمة لسياسات الغرب، عندما يُشير إلى نجاح الدولة بتقدم رتبتها في مؤشر الديمقراطية، ويتغاضى عن تأخر رتبتها في مؤشرات أخرى، تقول سارة بوش أستاذة المساعدة في العلوم السياسية بجامعة تمبل Temple University "تستخدم الحكومات والمنظمات تقييمات الديمقراطية لتحديد تدفق مليارات الدولارات من المساعدات والتنمية وقياس مدى نجاح برامجها، ومن المنطقي أن ترغب الشركات والحكومات والمنظمات في معرفة مستويات الحرية والديمقراطية في البلدان قبل إرسال المساعدات أو الموارد الأخرى إلى هناك"[13]، وتشير إلى أن صنف واحد من المؤشرات لا يكفي لقياس نجاح دولة ما، إذ أن هناك 200 صنف آخر من المؤشرات في مجالات أخرى غير الديمقراطية؛ تتقدم فيه مراتب الدول وتتأخر[14]، والحكم على نجاح أو اخفاق نظام ما بناء على مؤشر واحد فيه كثير من التضليل، فهناك دول حائزة على رتبة عالية في استيفاء معايير الديمقراطية ولكنها حائزة على رتبة متأخرة في معايير أخرى، فكوستاريكا تحتل رتبة بين العشرة الأوائل في مؤشر V-Dem للديمقراطية، لكنها تحتل رتبة 44 في مؤشر مدركات الفساد، فهل جرعة الديمقراطية العالية لم تتمكن من دحر الفساد؟ وسنغافورة الحائزة على المرتبة 5 في مؤشر مدركات الفساد Corruption Perceptions Index، هي نفسها تحتل مرتبة 94 في مؤشر الديمقراطية الليبرالية (LDI)، ومرتبة 107 في مؤشر الاقتراع الديمقراطي (EDI)، ومرتبة (167) في مؤشر التشاركي، وذلك وفق تقرير (V-Dem 2024) ، والكويت التي تحتل المرتبة 13 في مؤشر السعادة Ranking of Happiness للفترة (2021-2-23)، متقدمة بذلك على الدول الخمس الكبار، يأتي ترتيبها 114 في مؤشر الإيكونيميست للديمقراطية، وهذا التباين في المؤشرات دفع المحلل الاقتصادي بيتر تاسكر للتعجب من خروج اليابان والولايات المتحدة الأمريكية من فئة الدول ذات الديمقراطية الكاملة، بينما تحتلان المرتبة الثالثة والسادسة على التوالي في القدرة التنافسية الاقتصادية، وعلق قائلا "إذا أخذت المؤشرين على محمل الجد، فقد يغفر لك اعتقادك أنه كلما قلّت الديمقراطية كلما زادت القدرة التنافسية الاقتصادية، والعكس صحيح"[15]، وازدحام المؤشرات السياسية والاقتصادية، وتفاوت نتائجها، يشير إلى الخلل الكبير الذي تفرزه تلك المؤشرات باتخاذها زاوية ضيقة من أنشطة الدولة للحكم عليها، ولقد شغلت مسألة تعريف الديمقراطية، والمعايير المستخدمة لقياسها فكر الباحثين وأساتذة العلوم السياسية، وهو ما تعكسه الآراء المتعددة حول هذا الموضوع[16]، ناهيك عن طبيعة النوايا القابعة خلف قرارات الخبراء الذين يضعون معايير تلك المؤشرات، وهي ما جعلت بيتر تاسكر يقول "على الرغم من مظهر الموضوعية العلمية، فإن عملية تصنيف المؤهلات الديمقراطية لبلد ما مليئة بالتحيزات والأحكام القيمية والأجندات الخفية، مثل منح جوائز الأوسكار للأفلام، أو عدد نجوم ميشلان للمطاعم، والتي يتم تحديدها أيضًا من قبل مجموعات من الخبراء الغامضين، باستخدام معايير معروفة لأنفسهم"[17]، إذ لا تخلو تلك المؤشرات من مقاصد سياسية، فهي في النهاية جزء من صناعة المعرفة التي يهيمن عليها الغرب من أجل فرض سردياته على بقية العالم.

وواضح أن مؤشرات الديمقراطية الأربعة لا تضع مسائل مثل حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية واحترام القانون الدولي ضمن معاييرها، ولهذا احتفظت دولة الكيان الصهيوني (إسرائيل) حتى عام 2024 بموقعها ضمن الدول ذات الديمقراطية المعيبة[18]، مع نفس فئة الولايات المتحدة الأمريكية[19]، طالما أن مسائل مثل: حقوق الإنسان والفصل العنصري والإبادة الجماعية والحريات الإعلامية لا تدخل ضمن تقييم ديمقراطيات الدول[20]، ورغم أن تقرير عام 2024 اعتبر احتلال أذربيجان لناجورنو كاراباخ في سبتمبر الماضي، سبباً في الإضرار بسجلها، على اعتبار أنها لم تحترم القانون الدولي، إلا أن احتلال إسرائيل لغزة والضفة الغربية لم يسبب أي ضرر بسجلها، ولم يلفت انظار الفريق الذي أعد تقرير إيكونيميست للديمقراطية، رغم أن عامي 2023 و2024 شهدا مجازر دموية وإبادات جماعية في غزة والضفة الغربية، وإذا كان مؤشر V-dem في تقرير عام 2024 اعتبر أن (إسرائيل) تراجعت من دولة ديمقراطية ليبرالية إلى دولة ديمقراطية انتخابية[21]، فإنه فعل ذلك ليس بسبب الفصل العنصري، ولا الإبادة الجماعية، ولا احتلال أراضي الغير، ولا استهداف رجال الإعلام واغتيالهم، لا تعذيب السجناء الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية، إنما فعل ذلك بسبب مصادقة الكنيست الإسرائيلي على قوانين خطة "الإصلاح القضائي" الحكومية في العام الماضي، التي أضعفت القطاع القضائي مما أدى إلى تراجع موقع إسرائيل من "ديمقراطية ليبرالية" إلى "ديمقراطية انتخابية"[22]، وهذا كله يضع صدقية تلك المؤشرات على المحك.

حالة الديمقراطية في الوطن العربي وفق المؤشرات الغربية

منذ ظهور تلك المؤشرات وتكاد الأنظمة السياسية في الدول العربية تحتل المراتب السفلى بين قائمة الدول المطبقة للديمقراطية، ويشير الشكل رقم (1) إلى الحالة الإقليمية للديمقراطية في العالم وتطورها، ويطلق على الوطن العربي اقليم MENA، أي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

الشكل (1) تطور الديمقراطية في نواحي العالم المختلفة من عام 2006 حتى 2023

 

ويريد الشكل (1) أن يقول أن الحالة الديمقراطية لم تتطور تطورا فعليا منذ عام 2006، ولم يبلغ مؤشرها قيمة 4.00، وأعلى تطور بلغه هو عام 2012، حيث وصل 3.73، وهي الفترة التي اطلق عليها الربيع العربي، كما يشير إلى أن حالة الديمقراطية منذ عام 2012 في تراجع مستمر، حتى بلغ مؤشرها قيمة 3.23 في عام 2023، ويبدو أن مؤشر الإيكونيميست أكثر تشددا مع العالم العربي، فهو يصف أنظمة سبع عشر دولة عربية ـــ من بين عشرين ـــ بالاستبدادية Authoritarian regimes[23]، وهو تصنيف لم يتغير منذ ظهور هذا المؤشر عام 2006، ويحشر التقرير دولة الكيان الصهيوني بين بلدان العالم العربي، ويمنحها درجة بقيمة 7.8 ليؤكد سرديته الزائفة أنها واحة الديمقراطية في صحراء عربية، (انظر الشكل 2)

(الشكل 2) يبين حالة كل دولة عربية في مؤشر الديمقراطية البريطاني (الايكونيميست)

 

ومن جانب آخر يشير تقرير V-Dem للديمقراطية لعام 2024 إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تزال هي المنطقة الأكثر استبدادية في العالم، حيث يعيش 98% من سكانها ضمن أنظمة استبدادية، 45٪ من هؤلاء يعيش في أنظمة استبدادية مغلقة، و53% منهم يعيشون في أنظمة استبدادية انتخابية، ويقيم 2% من سكان المنطقة ضمن فئة الاستبداد الانتخابي في "المنطقة الرمادية"، وتكاد بقية المؤشرات تتفق فيما بينها على وضع مراتب غالبية الأنظمة السياسية العربية في أسفل قوائمها، (انظر الشكل 3)، غير أن التفاصيل التي يقدمها هذا المؤشر السويدي يعطي صورة للديمقراطية بالعالم العربي أقل سوداوية من المؤشر الإنجليزي، بحيث لا تتفرد الدول العربية بالجانب السلبي في المؤشرات التفصيلية، وهو ما يؤكد الغرابة في هذه المؤشرات أن النتائج تتبدل بينها وبين بعضها، فلقد جاءت نتائج تقرير V-Dem للديمقراطية السويدي عام 2024 مختلفة كلية، وجاء ترتيب الدول العربية متدنيا، ولكنه ليس الأكثر تدنيا كما فعل مؤشر الإيكونيميست، خاصة وأن استخدم ستة مؤشرات لقياس الديمقراطية، ففي مؤشر الديمقراطية الليبرالية، جاءت أعلى مرتبة لدولة عربية كالتالي: الكويت 98 وتونس (100) متفوقين بذلك على بعض الدول الأوروبية (صربيا وأوكرانيا) والهند، وفي مؤشر الانتخابات الديمقراطية، جاءت أعلى مرتبة لدولة عربية هي تونس، برتبة 98، متفوقة على صربيا وأوكرانيا والهند، وفي مؤشر المكون الليبرالي[24]، جاءت مرتبة الكويت كأعلى دولة عربية، وبرتبة 56، متفوقة بذلك على دول مثل اليونان (70) ورومانيا (79) وبولندا (76)، وفي مؤشر مكون المساواة، جاءت مرتبة تونس كأعلى دولة عربية، برتبة 35، متفوقة بذلك على مراتب كل من: فرنسا (37)، وانجلترا (38)، والبرتغال (41)، وكندا (45)، وجاءت مرتبة الجزائر (62) متفوقة على الولايات المتحدة الأمريكية (78)، وفي مؤشر مكون المشاركة الشعبية جاءت تونس كأعلى مرتبة لدولة عربية برتبة (82)، ورغم أنها مرتبة متأخرة نسبيا، إلا أنه جاءت قبل الهند (103)، وفي مؤشر مكون تداول السلطات، جاءت تونس في المرتبة الأولى عربيا، برتبة (62) وتليها الصومال (72)، ثم المغرب (74)، ثم الأردن (86)، ثم ليبيا (79)، ثم لبنان (93)، وبعض الدول العربية المذكورة تتفوق على الدول الغربية مثل: سلوفاكيا (108) كرواتيا (89) ورومانيا (143) وهنغاريا (142)، وتتفوق تونس على دولة الكيان الصهيوني إسرائيل (64)، وهذا كله يشير إلى أن هناك خللا في توصيف الحالة الديمقراطية، وتصنيف الدول وفق المؤشرات الغربية، وهو ما قاد إلى فكرة إيجاد مؤشر عربي محايد لقياس حالة الديمقراطية، والتي تبناها مشروع دراسات الديمقراطية في البلدان العربية، الذي كان يعقد ندواته السنوية في جامعة أكسفورد ببريطانيا، وقد تشكلت لجنة لدراسة هذا المشروع، لكنها واجهت عقبات قبل أن تستكمل عملها[25].

 

 

 

           

لماذا الأنظمة العربية غير ديمقراطية؟

تركز أدبيات البحث الأكاديمي على جانبين في اجابتها على احجام الأنظمة العربية عن تبني الديمقراطية، الأول: يعزو ذلك إلى الثقافة الإسلامية والسجايا العربية، التي تتصادم في كثير من جوانبها مع متطلبات الحداثة الغربية، والثاني: يعزو ذلك إلى استراتيجية كولونيالية ثابتة، تهدف إلى إبقاء المنطقة العربية في حالة توتر دائم، وتغذي الأزمات، وترى أن الاستبداد يمنح الأنظمة العربية مرونة أكبر للاستجابة لمصالحها.

1)      الثقافة والسجايا

اتهم معظم الغربيين الشعوب المغلوبة بعجز ثقافاتها عن استيعاب الديمقراطية، باعتبار ثقافاتها الآسيوية تميل إلى الاستبداد الأبوي، وذلك خلال الفترة الكولونيالية، ثم تراجعت هذه الاتهامات بعد الحرب العالمية الثانية على أربعة مراحل، في كل مرحلة تضيق دائرتها لتشمل عددا أقل من الناس.

المرحلة الأولى: أتهام شعوب القارة الأسيوية والأفريقية بالاستبداد الشرقي[26]، وصنعوا له سردية (علمية!؟)، باعتبارها سجية متجذرة وأصيلة في الثقافة الشرقية، يصعب تغييرها والإفلات منها، وهي سردية استخدمتها الكولونيالية الغربية لتبرير احتلال الشرق وسلب خيراته، وصنع الغرب معها سردية عن نفسه تشير إلى تراثه الديمقراطي العريق، وقد خصص إدوارد سعيد كتابيه (الاستشراق) (والثقافة والإمبريالية) لفضح الأساطير الغربية التي كونها عن نفسه والأخرين، كما ناقش كتاب (جذور الثقافة) زيف السردية الغربية، وكشف تاريخ الشعوب الغربية المتوحش، عند ظهورها كقبائل همجية لأول مرة على مسرح التاريخ[27]، وعاشت بعد تدمير المدنية الرومانية شعوبا من رقيق يستعبدها الإقطاع حتى نهاية القرن السابع عشر[28]، ولم تتوصل إلى الديمقراطية الكاملة إلا في الربع الأخير من القرن العشرين[29].

المرحلة الثانية: تم تعديل هذه السردية بعد الحرب العالمية الثانية وحصر النزعة الاستبدادية بالمسلمين، وذلك مع نهاية الاستعمار المباشر، والاكتفاء بالاستعمار الاقتصادي والمعرفي، فيما سمي (ما بعد الكولونيالية)، إذ من غير الممكن ترويج رؤية الغرب الثقافية عالميا بسرديات عنصرية، فتم حصر الاستبداد في الإسلام عموما، والعرب خصوصا، وتبرئة شعوب آسيا الأخرى، واعتبرت الثقافة الإسلامية هي مصدر تخلف المسلمين، وسببا في عجزهم عن النهوض، واستخدمت أشهر التعليقات في هذا الصدد للسير وليام ميور William Muir (1819-1905) التي تقول "سيف محمد والقرآن، هما أعند أعداء: الحضارة؛ والحرية؛ والحقيقة، الذين عرفهم العالم حتى اليوم"[30]، والذي اعتبر دوغمائية الإسلام سببا رئيسيا في جمود المسلمين منذ القرن الثالث الهجري، "وقد تتقدم الشعوب في الحضارة والأخلاق والفلسفة والعلوم والفنون إلا أن الإسلام يبقى جامدا دون حراك، وهكذا سيبقى كما أفادتنا به دروس هذا التاريخ"[31]، واعتبر المستشرق برنارد لويس Bernard Lewis (1916-2018) إن أمام العرب سبيلين، إما القبول بأحد أشكال الحضارة الغربية، ودمج ثقافتهم وذاتهم مع الغرب، أو السعي وراء سراب العودة إلى المثل الثيوقراطية الضائعة، التي تنتهي بهم بحكم استبدادي[32]، وكان هو أول من بشر بصدام الحضارات[33]، وقد التقط صامويل هنتنجتون Sa